لندن: دعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق، عمار الحكيم، إلى اجراء مراجعة جذرية لأداء القوات المسلحة ودراسة أسباب الإخفاق، وتفشي الفساد فيها، واتخاذ إجراءات صارمة لتقويم الإنحراف في المؤسسة العسكرية، وطالب السياسيين بالايمان بوحدة العراق، وحذر دول المنطقة من حرائق الإرهاب التي تهددها. وقال إن الخليفة يزيد قد عاد إلى العراق، من خلال ممارسات دولة البغدادي.
&
الحسين مشروع تضحية
وقال الحكيم خلال كلمة في تجمع جماهيري في بغداد لمناسبة عاشوراء، اليوم الاثنين، "غداً في العاشر من محرم، ترتفع راية الحق لترفرف في سماء الانسانية"، لتقول "إن حسيننا هو مشروع التضحية والفداء والإرادة التي لا تلين، ولذلك فهو ليس مشروعاً للموت والانكسار "وانما هو مشروع للحياة والانتصار، ولهذا، فقد استعصى عليهم فَهْمَ إصرارنا على الحياة رغم كل فنون القتل التي مورست ضدنا على مدى أربعة عشر قرناً، ومازالت تمارس إلى اليوم عبر هؤلاء المنحرفين والمتخلفين من بقايا الجاهلية الأولى الذين لم يفهموا ولن يفهموا سر بقائنا وصمودنا وتجددنا، وما دام فينا عرق ينبض ونفس يصعد فلن يُمحى ذكرُ الحسين ولن ننسى الحسين".
&
واضاف "أن عاشوراء اليوم يمر علينا ونحن في قلب معركة الطف بكل مضامينها، فهاهم الداعشيون ومن يقف وراءهم ورثة ثقافة قطع الرؤوس واكل الأكباد وسبي النساء، قد عادوا ليعلنوا عن حقدهم وبغضهم للإسلام المحمدي الاصيل وتمسكهم باسلام السلطة المنحرفة فيزيد كان خليفة بعرفهم، واليوم يزعمون أن لهم في العراق والشام خليفة بغيهم .. إن التاريخ يعيد نفسه كي يثبت للعالم ما كنا نقوله ونردده ونعلنه منذ الف واربعمائة عام، وهو أن اسلامنا الاصيل هو غير اسلام المتطرفين ومحمدنا غير محمدهم ومشروعنا غير مشروعهم .. فنحن ورثة علم الانبياء وهم ورثة حقد الدخلاء ونحن نلتزم برسالة الله على الارض وهم رسل الشيطان إلى اهل الارض".
واشار الحكيم إلى أن "التاريخ الاسود يعود بكل تفاصيله الكريهة كي يثبت للعالم أن قطع الرؤوس ليس حالة، وانما ثقافة، وأن سبي النساء ليس حدثاً وانما منهج، وأن نحر الاطفال الرضع ليس مجرد خطأ وانما اسلوب عن قصد وقناعة".
ودعا إلى مواجهة منفذي الإرهاب قائلاً: "أتباع يزيد ومنهجه (في اشارة إلى تنظيم داعش) ما كان لهم أن يتمددوا لولا الوهن الذي اصاب بعضنا من الذين عزّت الدنيا في أعينهم فأنستهم ذكر ربهم، إن منهج الحسين هو منهج بناء الدولة على اساس القيم والمبادئ لا منهج السلطة، وهو منهج الاصلاح لا الإفساد، وهو منهج الامة لا الحزبية والفئوية الضيقة".
&
عاشوراء ليس للبكاء فحسب وانما لمواجهة الإرهاب أيضًا
وخاطب الحكيم المتجمهرين قائلاً "إن عاشوراءنا ليس موعداً للبكاء والحزن فحسب، وإنما هو نقطة انطلاق تتجدد من أجل إكمال مشروعنا الرسالي الأكبر، فقد استشهد الإمام الحسين واهل بيته واصحابه في عاشوراء، وبعده استشهد آلاف وآلاف من الذين تمسكوا بالمشروع الحسيني في الحفاظ على الامة وعلى مدى عشرات القرون والسيف يلاحق هذا المشروع والمدافعين عنه والمؤمنين به، فبقي المشروع والمؤمنون به وهلك السيف والضاربون به".
وقال "إننا اليوم وبعد عشر سنوات من التجربة القاسية والدامية، نجد مشروع الأمة يعاني ويقف على الحافة بين الفشل والنجاح &وهذا كله لأن البعض منا لم يعمل بمنهج المشروع الإصلاحي، اليوم شبابنا الحسيني وهو بعمر الورود يقاتل في الجبهات كي يصد الحقد الأعمى عن مدننا وقرانا ونسائنا وأطفالنا،&وكل يوم نزف كوكبة من هؤلاء الشباب إلى جنة الخلد وتكتحل عيون الأمهات بكحل شهادة الأبناء، ولولا هؤلاء لاجتاحنا طاعون الإرهاب الأسود وورثة ابناء اكلة الأكباد".
مراجعة لأداء القوات المسلحة وتقويم انحرافها
وشدد الحكيم على ضرورة "اجراء مراجعة جذرية لأداء القوات العراقية المسلحة، ودراسة أسباب الإخفاق وتفشي الفساد وظهور تيجان كثر كلامها وقل فعلها، في ساحات القتال بموضوعية ومهنية تامة واتخاذ إجراءات صارمة لتقويم الإنحراف في المؤسسة العسكرية واختيار القادة الاكفاء والشجعان والموثوق بوطنيتهم لإدارتها واليوم نتفاءل خيراً باختيار قيادات للوزارات الأمنية الذين نتمنى منهم القيام بإصلاحات جذرية شاملة لتقويم الانحراف الذي اصاب هذه المؤسسة العريقة". واضاف أن عاشوراء مليء بالحزن والفجيعة "لكن الحزن الذي يجعلنا نتوثب استعداداً للمواجهة وتحقيق النصر".&
&
وطالب بتنظيف العراق ممن أسماهم الفاسدين والفاشلين والجبناء، ومن الانتهازيين واصحاب المشاريع الشخصية وتطهير المؤسسات &من الفاسدين واصحاب الأخلاق الضعيفة . واشار إلى أن هناك الآن "الكثير من التقاطعات والمزاجيات والانحرافات والتركات الثقيلة لأن صرخة كربلاء ليست صرخة سياسية بوجه الظلم فحسب، وانما هي صرخة أخلاقية واجتماعية واقتصادية، في مواجهة إهمال حقوق الناس والإنحراف وخيانة الأمانة والتنصل عن المسؤولية". &&
&
وشدد بالقول "لن نسمح بالانفرادية والاقصائية والمزاجية،&وقد أثبتت التجارب أن مشروع الامة ليس مجالًا للتجربة،&لأن النتائج ستواجهنا جميعًا ومسؤوليتنا الحفاظ على مشروع الأمة، بغض النظر عن المسميات الوظيفية والرسمية... والمساهمة في بناء المؤسسات السياسية القادرة على حماية الدولة ومشروعها ونحن في تيار شهيد المحراب متمسكين بالتحالف الوطني كإطار سياسي للعمل الجماعي المشترك ... واذا اردنا حكومة قوية فعلينا تقوية التحالف الوطني (الشيعي) كمدخل اساسي لدعم الحكومة".
حاجة السياسيين العراقيين إلى الايمان بوحدة العراق
وقال: "اننا اليوم كعراقيين نواجه تحديات كبيرة ومصيرية وإن الشعب العراقي وصل إلى مرحلة النضج السياسي والمجتمعي، وقد حان الوقت كي تصل التيارات والقوى السياسية الفاعلة في العراق إلى نفس هذه المرحلة من النضج السياسي الجماهيري، وأن تتعامل بواقعية مع الأحداث، وأن تخطط لعراق واحد قوي مستقل ومستقر يحفظ حقوق الجميع وينتصر به الجميع والعالم مليء بالتجارب الاتحادية الناجحة والمستقرة والمزدهرة والعراق ليس استثناء، لكنّ الساسة العراقيين بحاجة إلى الإرادة الصادقة الحقيقية للعمل، وأن تكون قلوبهم مؤمنة بالعراق الواحد الموحد في ظل نظام اتحادي يضمن حقوق ومصالح الجميع".&
&
وأضاف أن الإرهاب الذي احتلّ ثلث مساحة العراق لم يفرق بين شيعي وسني وعربي وكردي وشبكي... بين مسلم ومسيحي أو صابئي أو ايزيدي، وانما كشر عن أنيابه الكريهة وكان السيف على رقاب الجميع، وهذا دليل آخر على أن العراقيين لن يكونوا في أمان طالما بقي العراق ضعيفاً كدولة وممزقاً كوطن،&وهذه هي الرسالة، التي اذا لم يستثمرها ساسة العراق، فإنهم سيكونون في حساب شديد امام الله والشعب والتاريخ".&
&
تحذير دول المنطقة من حرائق الإرهاب
وناشد الحكيم دول المنطقة إلى الاستفادة من دروس الماضي والحاضر، "فإن الحريق اذا نشب سيلتهم الجميع دون استثناء ومنطقتنا تواجه حريقاً مستعراً منذ سنوات، وقد آن الأوان لإطفاء الحرائق وايقاف الحروب بالوكالة، فمنطقتنا من الأهمية بمستوى أن العالم يحدد بوصلة حركته من خلال احداثها، ونحن كلما أوغلنا بالتقاطع والتضاد فإننا سنضعف انفسنا ومنطقتنا، واليوم منطقتنا تحت نيران صراعات الإرهاب والتقاطعات الدولية وتتعرض إلى ضغوط كبيرة في التعامل مع العديد من الملفات الساخنة والمشتركة ... إن العلاقات الايجابية بين أقطاب المنطقة هي الحل الوحيد لانشاء منظومات امنية واقتصادية وسياسية شاملة ومتكاملة وتحظى باحترام العالم وتؤمن الاستقرار والإزدهار لشعوب المنطقة". &
واشار إلى أنه من سوريا إلى البحرين إلى الملف النووي الايراني إلى اليمن ولبنان والسعودية والعراق وافغانستان وفلسطين وليبيا وحتى مصر والسودان والخليج وجنوب تركيا .. كلها مناطق صراعات قائمة أو محتملة .. واذا لم تستجب دول المنطقة لصوت العقل ومنطق المصالح المشتركة فإن هذه الصراعات ستستمر لسنوات طويلة اخرى وستدفع شعوب المنطقة ثمن هذه الصراعات والتقاطعات .
&
&
&
التعليقات