تشبه زيارة متحف "الجثة الجميلة" في فيينا بمراسم دفن جنائزية، تتم في خمس مراحل هي الوفاة والحداد والمراسم والدفن والذكرى، وتشمل أنشطة غريبة فعلًا.

توماس باخ: اهلًا بكم في متحف دفن الموتى في فيينا، الذي يحاط مدخله بجدار من شواهد القبور، وخفتت انواره،& وبابه الدوار ينقل الزوار إلى عالم مظلم.

اهتمام بالماورائيات

انتقل هذا الموقع، وهو الاقدم من نوعه، إلى طابق تحت الارض في مبنى في المدفن المركزي في فيينا، مخصص لاستقبال جثامين الموتى قبل دفنهم، في شهادة غير عادية عن اهتمام سكان فيينا بالماورائيات.

وفي داخل غرفة مساحتها 300 متر مربع، يستقبل الزوار تمثالان تم إلباسهما ثياب مجهزي الجنازات من زمان قديم. تستخدم المؤثرات الضوئية لادخال الزوار في عالم الموتى، فالشخصيتان المضاءتان بانوار زرقاء تعطيان انطباعًا بأنهما هاربان من فيلم مرعب. وقال بنجامين الثلاثيني الآتي من سويسرا إن العتمة في هذا المتحف خيار جيد حقًا. كما اعتبرت صديقته اوليفيا أن الموسيقى المرافقة مختارة بعناية ايضًا.

مراسم جنازة

يمكن للجالسين على مقعد مزود باجهزة صوتية الاستماع إلى مجموعة مختارة من أفضل عشرة أعمال موسيقية مرافقة لمراسم دفن الموتى، من بينها على سبيل المثال مقطوعة "آفي ماريا" لفرانز شوبرت، يؤديها مغنون اوبراليون من فيينا.

واشارت مديرة المتحف هيلغا بوك إلى أن المسار الذي يسلكه زوار الموقع تم تصوره ليشبه مراسم جنازة، وقد جعله القيمون على المكان أعلى بحوالى 15 سنتيمترًا بالنسبة للاغراض المعروضة.

واوضحت بوك أن النور الازرق يدل على الاموات، بينما النور الاصفر يدل على الاحياء. ويمكن متابعة تسجيلات مصورة او مقاطع فيديو او عروض خلال الزيارة التي تقسم إلى خمس مراحل: الوفاة والحداد والمراسم والدفن والذكرى.

أنشطة غريبة

تم الاستغناء عن بعض مواقع الجذب التي كانت موجودة في الموقع السابق. وبالتالي لم يعد متاحًا لزوار المتحف التمدد في داخل النعش، وهو ما كان غالبية الزوار يطلبونه خلال الليلة السنوية للمتاحف. الا أن القائمين على المتحف قرروا في نهاية المطاف الغاء هذا النشاط باعتباره "في غير محله" بحسب بوك. في المقابل، السكين الطويلة القادرة على اختراق القلب للتثبت من وفاة احدهم معروضة في المتحف في الواجهة الاولى للمسار.

ومن الامور الغريبة ايضًا جهازٌ مصمم في القرن التاسع عشر، يربط يد الشخص المدفون بجرس. واذا ما اشتغل النظام فهذا يعني أن الشخص المدفون حي. ويعتبر المتحف الذي انشئ في العام 1967 بوسط فيينا أول متحف في العالم مخصص للموت. وقد تبعته بضعة متاحف اخرى في العالم احدها في مدينة برشلونة الاسبانية.

الجثة الجميلة

تسمية هذا المتحف في فيينا بـ"داي شوني ليخ"، أو الجثة الجميلة، تستعيد التعبير الشعبي المحلي الذي يكرس الاهمية التي توليها المدينة لفكرة التحضير الجيد للوفاة. وذكرت بوك أن البلاط الملكي النمساوي كان يعتبر مراسم الدفن مناسبة لابراز سلطته. وقد اعتمد الشعب هذه العادة، ما يفسر خصوصية الثقافة المرتبطة بالموت في فيينا.

ويؤكد المؤلف الموسيقي النمساوي يورغ كريسلر في احدى اغنياته الشعبية أن الموت يأتي من فيينا كما الحب يأتي من باريس. المدفن المركزي في النمسا، إحدى اكبر المقابر في اوروبا والعالم، يجسد الثقافة الموجودة في العاصمة النمسوية، اذ يضم جثامين ثلاثة ملايين شخص، اي نحو ضعف سكان فيينا البالغ عددهم 1,74 مليون نسمة، على مساحة 2,5 كلم مربع فيها 300 الف مدفن.