حظيت التغييرات، التي أجراها رئيس الوزراء العراقي في هرم المؤسسة العسكرية، بدعم من المرجع الشيعي الأعلى السيستاني، معتبرًا أنها خطوة لإصلاح المنظومة العسكرية، وقال إن زيارات المسؤولين الاخيرة لدول الجوار تشكل تقدمًا نحو تصحيح العلاقات معها.

لندن: عبر الشيخ عبد المهدي الكربلائي، معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم، عن الامل في أن تكون التغييرات الاخيرة التي اجراها القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي في هرم القياد العسكرية خطوة في اصلاح المنظومة العسكرية والأمنية.

وأشار إلى أنّ الانهيار الكبير في المؤسسات العسكرية والأمنية، والذي كان مدخلاً لتمكن تنظيم "داعش" من السيطرة على مناطق واسعة من العراق، سببه اخفاق مؤسسات الدولة في أداء مهامها بالشكل الصحيح. ودعا المسؤولين إلى تحرك عاجل لمعالجة السياسات الخاطئة التي شهدتها الفترة الماضية، وفي مقدمتها الفساد المالي والاداري المستشري في اغلب مؤسسات الدولة.&&

وشدد على أن معالجة هذه الاخطاء لن تتم الا بتعاون القادة من مختلف القوى السياسية في محاربة الفساد بصورة حقيقية بعيداً عن المحسوبيات وبشكل صارم وجريء من دون خوف من أحد.. وأكد أن ذلك يجب أن يبدأ على مستوى القيادات والمواقع السياسية الرفيعة لمختلف الكتل السياسية ومن يمثلها في المواقع التشريعية والتنفيذية.

وكان العبادي قرر الاربعاء الماضي إحالة عشرة قادة عسكريين على التقاعد وتعيين 18 آخرين في مناصب جديدة وإعفاء 26 قائداً من مناصبهم بينهم رئيس الأركان الفريق بابكر زيباري وقائد العمليات في الأنبار الفريق الركن رشيد فليح وقائد العمليات في الفرات الأوسط الفريق الركن عثمان الغانمي&وأمين سر وزارة الدفاع الفريق الركن إبراهيم اللامي، إضافة إلى بعض قادة الفرق.&

وقال الناطق باسم العبادي رافد جبوري إن قرار القائد العام للقوات المسلحة إعفاء عدد من القادة وإحالة آخرين على التقاعد هدفه تحسين الأداء العسكري.. وأشار إلى أن التغيير استند إلى معايير أساسية أهمها الكفاءة والشجاعة والنزاهة لضمان محاربة الفساد في المؤسسة العسكرية، والأمر ليس بالسهل فهو تحدٍ كبير بالنسبة إلى القادة الجدد الذين عليهم أن يكونوا في مستوى هذا التحدي.

تشخيص مواطن الفساد

وطالب قيادات الكتل السياسية بتشخيص مواطن الفساد في كتلهم والمحسوبين عليهم، وأن يكونوا على يقظة ووعي وحذر من وجود قيادات فيها تغطي على عمليات الفساد فيها، مثل تمويل الكتلة أو الحزب أو دعم العملية الانتخابية.

وأوضح أن مشكلة الفساد المالي الحكومي اصبحت مزمنة في العراق، وقد تفاقمت في السنوات الاخيرة ولابد أن تتضافر الجهود لمكافحتها. وحذر من أن بقاء الفساد بمستوياته الراهنة سيعيق بناء مستقبل زاهر للعراقيين في الاستقرار الأمني والسياسي والتنمية الاقتصادية والتقدم العلمي وسائر النواحي الحياتية المهمة.

وأوضح الكربلائي أن البناء المهني لمؤسسات الدولة يحتاج إلى الاصلاح&، محذراً من اعتماد الولاء للحزب أو الكتلة وجعله هو المعيار في اختيار المسؤولين بذريعة أن الولاء هو الذي يضمن سلامة الاداء.. ومن عدم اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والاخلاص في الخدمة والشجاعة والجرأة في اتخاذ القرارات.

زيارات المسؤولين الاخيرة للجوار تصحيح للاخطاء السابقة

وأكد معتمد السيستاني حاجة العراق لقادة سياسيين يتحلون بالشجاعة والجرأة والاقدام على اتخاذ قرارات حاسمة في هذا المجال، وعدم القبول بتبوّء أي شخص لأي مواقع ولاسيما المهمة منها.

وأشار إلى أنّ السنوات الماضية اثبتت أن اختلاف الفرقاء السياسيين وعدم الانسجام والتفاهم في ما بينهم قد اضر بالعراق وشعبه كثيراً وأضر ايضًا حتى بالكتل السياسية نفسها. ودعا الفرقاء السياسيين إلى الترفع عن مصالحهم الخاصة وأن يتقاربوا في ما بينهم وبما يؤدي إلى تماسكهم ووحدة موقفهم في القضايا الاساسية الداخلية والخارجية، وبما يحقق المصالح العليا للبلاد.

وأشار الكربلائي إلى أنّ التحرك الخارجي الاخير لكبار المسؤولين للانفتاح على دول الجوار وفتح صفحة جديدة من علاقات التفاهم والتعاون بين العراق وهذه الدول خطوة صحيحة، "نأمل أن تلقى تجاوباً مناسباً منها في حل المشاكل التي يعاني منها العراق والمنطقة بشكل عام".

وشهدت الايام الاخيرة زيارات قام بها الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى السعودية ورئيس الوزراء حيدر العبادي إلى الاردن ونائبا رئيس الجمهورية نوري المالكي إلى ايران واياد علاوي إلى الاردن، اضافة إلى زيارة وزير الخارجية ابراهيم الجعفري إلى تركيا بهدف طي صفحة العلاقات المتوترة سابقا مع هذه الدول والبدء بعلاقات تعاون معها.

وأشار الشيخ الكربلائي في الختام إلى أنّ العام الحالي على وشك الانتهاء والبلاد من دون موازنة عامة، ودعا إلى تدارك ذلك بالاسراع بإقرار الموازنة وقال إنه اذا كان انخفاض الايرادات المالية قد وضع الموازنة العامة في عجز مالي فالمطلوب ابداء المرونة الضرورية وتقدير ما تمر به البلاد من ظروف صعبة، وذلك بالتغاضي عن بعض المطالب التي يمكن تأجيلها إلى وقت آخر.. وحذر من مخاطر تعطيل& موازنة العام المقبل 2015 وقال إن ذلك سيصيب بالضرر الجميع ويؤدي إلى مزيد من المعاناة لأبناء الشعب العراقي.