يوفر الصيد في بحر الشمال نحو 7.2 ملايين طن من الجمبري والمحار وسمك القد والحدوق والرنجة والماكريل والبلشار والبلايس وسمك موسى والبياض، وهو أحد أهم الممرات المائية التجارية في العالم، وتستخرج كميات كبيرة من النفط من أعماقه.
صلاح سليمان: تبدو رحلة إستكشافية على ظهر مركب للصيد في بحر الشمال مثيرة للغاية. بدأت رحلة الصيد من ميناء جزيرة تكسل الهولندية، التي تبعد 4 كيلومترات من الشاطئ الهولندي. كان الجو في ذلك الصباح صحوًا، ومياه البحر هادئة، ما رسم ابتسامة رضا على وجه قائد سفينة الصيد.
لكن هدوء مياه البحر لم يبدد مخاوف الصيادين، حيث إن أحدًا هنا لا يمكنه التنبؤ بالطقس، فسرعان ما يتحول الجو في غضون دقائق قليلة إلى عاصف وماطر. أما في فصل الشتاء، فقد تهبّ أحيانًا الرياح بسرعة 160 كم في الساعة، مصحوبة بعواصف عنيفة، ما يجعل الملاحة فيه خطرة للغاية.
أسماك ونفط
يغطي بحر الشمال 565.078 كيلومترًا مربعًا، ويمتد لنحو 960 كيلومترًا من الشمال إلى الجنوب، ونحو 580 كيلومترًا من الغرب إلى الشرق. يبلغ متوسط عمقه 30 مترًا في الجنوب، و120 مترًا في الشمال، وهو أحد أهم الممرات المائية التجارية في العالم، تطل عليه موانئ مدن عديدة، مثل لندن وهامبورغ وأمستردام وروتردام& وأنتورب ودنكرك.
وخلال ستينيات القرن العشرين، تم اكتشاف كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي تحت أعماق البحر. اليوم تستخرج بريطانيا والنروج كميات كبيرة من النفط من المنطقة المتاخمة لحدودهما، ويتم ضخ الغاز الطبيعي بالأنابيب إلى ساحل بريطانيا وألمانيا.
حرث البحر
يقول قائد سفينة الصيد البحار الهولندي المخضرم ماتيوس: "إننا موجودون على ظهر سفينة لصيد الجمبري، ونستخدم طريقة الجرافة في الصيد، حيث يتم إسقاطها للقاع، وعند سحبها تقوم بسحب الشبكة خلفها، وهذه هي طريقة صيد القشريات، التي تعيش على القاع، كالمحار والإستاكوزا والكابوريا والجمبري والروبيان وجميع الكائنات البحرية التي تمشي على الرمال بقاع البحر".
من عيوب هذه الطريقة الصيد الجائر، فعند سحب الجرافة يتم اصطياد الأسماك الصغيرة، وتدمير البيئة البحرية كحرث البحر تمامًا. أما في صيد الأسماك، فتختلف الطريقة، إذ يتم استخدم شبكة& على شكل قمع كبير، يتم سحبها بحبال طويلة تربط بالمركب أو بقارب الصيد، والهدف منها سحب الأسماك إلى القمع، بحيث لا تستطيع الهروب. ومن مزايا هذه الطريقة الحصول على حجم ونوع واحد من الأسماك.
طيور النورس
بعد إبحار ساعة، بدأنا نشاهد أسراب النورس تتبعنا. يقول أحد الصيادين إنها تشعر باقتراب رفع الشباك، فتحوم لقنص ما تستطيع قنصه. وبعد دقائق معدودة، هاجمت طيور النورس الشباك من كل جانب أثناء رفعها.
تستغرق رحلة الصيد ساعتين. وفي نهايتها، تمتلئ أحواض السفينة بالجمبري وبأنواع أخرى كثيرة من الأسماك التي تعيش في القاع. يقول قبطان السفينة: "صيد الجمبري لم يعد عملًا مربحًا، لذلك نسمح للسيّاح بمرافقتنا على ظهر السفينة مقابل 15 يورو، ويحصلون على وجبة شهية من الجمبري".
طهي وتعليب على ظهر السفينة
بعد فرز الجمبري، يتم غسله ووزنه، ووضعه مباشرة في ماء مثلج عند درجة من صفر إلى 4 درجات تحت الصفر مئوية. وفي الغالب، تتم إضافة مادة ميتا كبريتات الصوديوم لمنع تغير لون الرأس الأحمر. وبعد ذلك، ينقل الجمبري إلى المصانع أو الأسواق محفوظًا في الثلج داخل الصناديق. وفي وحدات المعالجة، يتم وضعه في أوعية مثلجة، وتنظيفه وتخزينه بحسب حجم التصدير القياسي.
تجري معالجة الجمبري سريعًا في درجة حرارة – 10 درجة مئوية، ثم يخزّن عند درجة - 20 مئوية بغرض التصدير عبر البحر أو الشحن الجوي. والجمبري، أو الروبيان، من أشهر المأكولات في المطاعم البحرية الأوروبية، والنوع المفضل منه هو الأحمر البني.
&
التعليقات