حمّل غالبية قراء "إيلاف" استخبارات خارجية مسؤولية تكرار العمليات الإرهابية ضد الجيش المصري في سيناء، كما أكد خبراء عسكريون أن الجماعات المسلحة لا يمكنها العمل بمفردها في أي منطقة من العالم.


القاهرة: يتعرض الجيش المصري لعمليات إرهابية تنفذ بدقة وإحكام، وقتلت الجماعات المسلحة 22 عسكريًا في نقطة تفتيش في واحة الفرافرة في الصحراء الغربية في 19 تموز (يوليو) الماضي، كما قتلت جماعة أنصار بيت المقدس 31 عسكريًا في كرم القواديس شمال سيناء، في عملية هي الأضخم في تاريخ الجيش المصري، في 24 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

ووقعت عمليات إرهابية سابقة بحق الجيش والشرطة، غالبيتها في سيناء. وقتل 17 جنديًا في عهد الرئيس السابق محمد مرسي في 5 آب (أغسطس) 2012، ثم قتل 26 آخرون في 19 آب (أغسطس) من العام 2013، بعد خمسة أيام من فض اعتصام أنصار مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، والذي خلف مئات القتلى.

وتتهم السلطات في مصر جهات خارجية وأجهزة استخبارات دولية بالوقوف وراء الجماعات المسلحة، بالتمويل والتدريب.

دعم إستخباري

يحمّل قراء "إيلاف" قوى خارجية مسؤولية تكرار العمليات الإرهابية بحق الجيش المصري. وقد طرحت "إيلاف" على قرائها السؤال الاسبوعي الآتي: "تكرار العمليات الإرهابية ضد الجيش المصري، يؤشر على: تطور التنظيمات الإرهابية، أو دعم استخباراتي خارجي، أو ثغرات أمنية خطيرة".

شارك 2065 قارئًا في الاستفتاء، وأرجع 52 بالمئة منهم، أي 1082 قارئًا، تكرار العمليات الإرهابية إلى الدعم الاستخباري الخارجي. ويرى فريق أقل يقدر بـ 600 قارئ، أي نسبة 29 بالمئة، أن ثمة ثغرات أمنية خطيرة، تؤدي إلى تكرار العمليات الإرهابية بنجاح.

وانحاز 383 قارئًا، بنسبة 19 بالمئة، إلى القول إن تطور التنظيمات المسلحة أحد أهم أسباب تنفيذها عمليات ضخمة، وإيقاع خسائر فادحة بالجيش المصري.

سلة واحدة

تلقي السلطة المصرية بالمسؤولية عن تكرار العمليات المسلحة بحق جنودها إلى جهات خارجية، من دون أن تسميها. لكن الإعلام المصري عادة ما يعزو ذلك إلى "المؤامرة" التي يجمع فيها جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس في قطاع غزة وتركيا وقطر وأميركا وإسرائيل في سلة واحدة، بينما يخرج تنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء ليعلن مسؤوليته عن العمليات، وينشر فيديوهات لعملياته.

الدعم الخارجي في العمليات الإرهابية التي تقع بحق الجيش أو قوات الشرطة عقيدة راسخة في أذهان المسؤولين العسكريين والأمنيين والخبراء والمحللين والعامة في مصر.

وقال اللواء علي حفظي، الخبير العسكري ومحافظ شمال سيناء الأسبق، إن الجماعات الإرهابية لا يمكنها العمل بمفردها في أي منطقة من العالم، "ومصر دولة مستهدفة، وهناك دول تعمل على نشر الفوضى فيها، ومنها إسرائيل وأميركا اضافة إلى حركة حماس، ودول أخرى مثل تركيا أو قطر".

وأضاف لـ"إيلاف": "الجماعات المسلحة تمثل أذرعا عسكرية للمخابرات الأجنبية في مصر، تنفذ العمليات الإرهابية بحق الجيش أو الشرطة بتمويل وتدريب خارجي"، لافتًا إلى أن تجفيف منابع الإرهاب وإحكام السيطرة على مصادر التمويل أولى الخطوات التي تقوم بها مصر دائمًا، ثم توجيه ضربات عسكرية ضخمة وشديدة في سيناء وغيرها من المحافظات، تهدف إلى شل قدرات الجماعات المسلحة.

إسرائيل رمية حجر

ويرى حفظي أن الجماعات المسلحة لا تعمل لصالح الإسلام، بل حسب أجندات خارجية، متسائلًا: "إذا كان هناك تنظيم يسمي نفسه أنصار بيت المقدس، فلماذا لا يوجه أسلحته وعملياته ضد إسرائيل، التي تقع على مسافة قصيرة من سيناء؟"

يجيب قائلًا: "هذا التنظيم يمول من جهات أجنبية تستهدف إسقاط الجيش المصري، حتى تظل إسرائيل دولة قائمة بذاتها، وتحقق أحلامها التوسعية على حساب الدول العربية".

في اليوم التالي لوقوع عملية قتل 31 عسكريًا في نقطة تفتيش كرم القواديس في شمال سيناء، خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء مشاركته في تشييع جنازة الضحايا، وكان وجهه عبوسًا وغاضبًا، وقال: "هناك دعم خارجي تم تقديمه لتنفيذ هذه العملية ضد جيش مصر بالشكل اللي احنا شفناه ده".

تدريبات مكثفة

لا يمكن القول إن الدعم الإستخباراتي هو السبب الوحيد وراء تكرار العمليات الإرهابية ضد الجيش المصري، فثمة من يقولون بوجود تقصير استخباراتي مصري، لاسيما في أعقاب عملية كرم القواديس.

وقال اللواء طلعت مسلم، الخبير الإستراتيجي، لـ"إيلاف": "هناك بالفعل دعم استخباراتي خارجي، مع نقاط ضعف في الجيش المصر، تتعلق بعدم توافر المعلومات الكافية، لكي تستطيع الشرطة والقوات المسلحة مواجهة الجماعات الارهابية، وذلك يتطلب الاستعانة ببعض التجهيزات والمعدات الحديثة للحصول على المعلومات".

ونبه إلى ضرورة تحديد المسؤولين عن التقصير ومحاسبتهم. ويرى اللواء فؤاد حسين، مدير إدارة مكافحة الإرهاب الدولي في المخابرات الحربية سابقًا، أن الدعم الخارجي للجماعات الإرهابية في مصر أكبر من أية توقعات. وأضاف لـ"إيلاف": "الدعم يتمثل في التدريب في معسكرات خارجية وتسهيل دخول العناصر الإرهابية إلى سيناء، وتمويل العمليات المختلفة لشراء الأسلحة والمتفجرات".

ولفت إلى أن الدقة في تنفيذ عمليتي كرم القواديس والفرافرة والثبات الإنفعالي للإرهابيين يظهر أن الإرهابيين تلقوا تدريبات مكثفة. ولا يستبعد حسين وجود تقصير لدى أجهزة المعلومات في مصر، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة لا يمكنها العمل بمعزل عن أجهزة جمع المعلومات، ولايمكن التصدي للجماعات الإرهابية والقضاء عليها، إلا إذا توافرت لديها معلومات وافية ودقيقة عن تحركاتهم وعتادهم ومصادر تمويلهم.

مخطط دولي

في أعقاب مقتل 22 عسكريًا في نقطة تفتيش الفرافرة في الصحراء الغربية بالقرب من الحدود مع ليبيا، اتهم المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف مخابرات دولية بالوقوف وراء الحادث. وقال في مقابلة مع وكالة أنباء الشرق الأوسط إنه يرجح وقوف أجهزة مخابرات دولية وراء العناصر الإرهابية التي نفذت هذا الحادث الإرهابي الذي تم بالتزامن مع تفجير خط الغاز الطبيعي شمال سيناء؟

أضاف: "هذه العمليات الإرهابية تتم من خلال عناصر إرهابية مرتزقة تدربت وعملت في أفغانستان وسوريا والعراق، وتم تجنيدها لحساب أجهزة مخابرات أجنبية لتنفيذ مخططات دولية". واعتبر المتحدث أن الهجوم "يستهدف بالأساس محاولة تسريب الإحباط لدى المواطن المصري وهز ثقته في أجهزته الأمنية وجيشه.

وذكر عبداللطيف أن مصر تواجه مخططًا دوليًا يستهدفها منذ ثلاث سنوات، قائلًا: "مصر خاضت خلال السنوات الثلاث الماضية معركة كبرى حقيقية لمواجهة مخطط ما يسمى الشرق الأوسط الجديد ونجحت في إفشاله".