لبنان على شفا فتنة طائفية جديدة بعدما قتلت النصرة الدركي علي البزال، فالأعمال الانتقامية مستمرة، وأهالي البزالية يهدّدون أهالي عرسال، وأهالي المخطوفين للحكومة: "استقيلي".


بيروت: بعد أخذ ورد، وتهديد ووعيد، وتأجيل واعتصامات، قتلت جبهة النصرة الدركي اللبناني علي البزال رميًا برصاصة في رأسه، ما أشعل غضبًا عارمًا في مسقط رأسه البزالية، التي احتشد فيها أفراد العائلة وأصدقاء ومناصرون، حاملين السلاح ومتوعدين بالرد العنيف على عرسال، وعلى اللاجئين السوريين المخيّمين فيها.

لم يتصل أي مسؤول لبناني بعائلة البزال لإعلامهم بالخبر، ولا لتعزيتهم، بل علم أهالي العسكريين المخطوفين بمقتل البزال من رسائل وصلت إلى هواتفهم. حاولوا إخفاء الخبر عن والدته الحاجة زينب، ريثما يتأكدون منه، خصوصًا بعد التأجيل المتكرّر، إلا أن أحد أقاربه اتّصل بوالدته وأخبرَها.

غلى الدم في عروق الوالدة المفجوعة، وخرجت من خيمتِها تصرخ: "والإمام علي، لتشتعل عرسال كلّها… والله ليحترق لبنان كلّو"، بحسب ما نقلته صحيفة الجمهورية.

جلس رامز البزال، والد القتيل، خلف مقود سيارته، وقادها بنفسه كاظمًا غيظه إلى البزالية، وانضم إلى من احتشدوا أمام منزله، بعدما قطع أهالي العسكريين الطريق الدولية بين البزالية واللبوة، وانتشروا بالسلاح يبحثون عن أي عرسالي ينتقمون منه.

أعدموا الأطرش وحميّد

حتى الصباح، كانت ردة فعل الأهالي ساكنة، بعدما أصيبوا بالذهول، خصوصًا بعد مسكنات الدولة اللبنانية وأوراق ضغطها، وقصة المفاوض القطري الذي كان دائمًا خالي الوفاض. بعد اجتماع آل البزال، خرج منهم من تلا بيان العائلة، الذي طالب الدولة اللبنانية بأن تباشر فورًا في تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق عمر الأطرش وجمانة حميد، ردًا على قتل ابنهم.

وقالت العائلة خلال مؤتمر صحافي في البزالية: "لتخفيف الاحتقان في الشارع وكون إرهابيي جبهة النصرة ربطوا إعدام الشهيد علي بالإفراج عن الإرهابيين الملطخة أيديهم بالدماء حميد والأطرش نطلب مباشرة تنفيذ الحكم بإعدامهما".

لا مساعدات

وحمّل آل البزال مسؤولية مقتل علي لمصطفى الحجيري، المعروف بأبو طاقية، وكل من يؤازره من أبناء بلدة عرسال، وطالبوا السلطات والأجهزة الأمنية اللبنانية باتخاذ الاجراءات اللازمة للقبض عليه.

وأضاف البيان: "تبين وبالدليل القاطع أن السوريين الموجودين تحديدًا في بلدة عرسال ليسوا نازحين، بل هم حفنة من الإرهابيين والتكفيريين الذين انقضوا على أبناء جيشنا الغالي عند أول فرصة، وعليه، لن يسمح لأي جهة دولية أو محلية بالمرور في البلدة، لإيصال أي مساعدات لهؤلاء الإرهابيين ابتداءً من الآن".

تصعيد مفتوح

ومن ساحة اعتصام أهالي العسكريين في رياض الصلح، نقلت الوكالة الوطنية للاعلام عن حسين يوسف والد الجندي المخطوف محمد، قوله إن الاهالي حريصون على عدم الانجرار الى فتنة طائفية، ويحملون دماء الشهيد البزال لكل من ساجل على شاشات التلفزة واطلق مواقف ضد المقايضة، والمحافظة على هيبة الدولة.

وأعلن الأهالي التصعيد المفتوح في كافة المناطق وبكل الوسائل والاتجاهات، محملين الحكومة مجتمعة مسؤولية قتل البزال، وسألوا الحكومة في مؤتمر صحافي من الصيفي، حيث يقطعون الطريق، عن سبب تحجيم دور وزير الصحة وائل أبو فاعور، مطالبين بإعطائه والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الدور الفاعل، مؤكدين عدم فتح الطرقات حتى أخذ قرار بحقن دم العسكري ابراهيم مغيط، الذي يهدد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) بذبحه اليوم.

كما دعا الاهالي الحكومة الى الاستقالة، والى التحقيق الفوري ومعرفة من سرّب التحقيقات مع النساء المعتقلات، وناشدوا رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط أن يحل الملف، وكشفوا أنهم تلقوا رسائل من داعش تفيد بأنه سيتم اعدام جميع العسكريين بحال لم تتم الاستجابة لمطالبهم.

جرّ البلاد إلى الفتنة

اتصل رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة صباحًا برئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، والعلامة السيد علي فضل الله، والعلامة السيد علي الأمين والسيد محمد حسن الأمين، مستنكرًا قتل الجندي الشهيد البزال، وقال: "هناك عمل مستمر ومشبوه لجر البلاد إلى الفتنة الملعونة والمرفوضة".

أضاف السنيورة: "علي البزال شهيد كل لبنان وليس شهيد بلدته البزالية أو عائلته الكريمة المجروحة فقط، والمطلوب من الجميع التنبه لما يخطط للبنان على يد الإرهابيين وأجهزة الشر والدسائس التابعة لأنظمة الاستبداد والظلام التي تعمل على إشعال نار الفتنة بين اللبنانيين وتخريب لبنان، ولن يسمحوا لأحد بأن يندس بين صفوفهم ولن يسمحوا لأحد بأن يضرب الاعتدال ويعمل على تخريبه وأن يضرب صيغة العيش المشترك بين اللبنانيين".

المطلوب عمل جدّي

وأكّد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن لحظة استشهاد علي البزال يجب أن تحثنا على الانطلاق بهجوم مضاد عبر تماسك الدولة واستكمال مؤسساتها وانتخاب رئيس للجمهورية. وقال درباس: "عندما لا تكون الدولة مكتملة الهيبة برئيسها، فالعديد سيستهين بها".

وندّدت جبهة العمل الإسلامي في لبنان بجريمة إعدام& البزال، ورأت في بيان لها أن هذه الجريمة لا ينبغي أن تمر دون عقاب، "ويجب أن توّحد اللبنانيين جميعًا لمواجهة هذا الخطر الذي بات يهدد الوطن من أقصاه إلى أقصاه"، محذرة من مخطط جهنمي ومؤامرة كبرى يسعى إليها الإرهابيون لإدخال البلاد في دوامة الفتنة الطائفية والمذهبية، ومطالبة بالعمل الجدي والمسؤول لإيجاد السبل والخيارات اللازمة والمطلوبة لإطلاق سراح باقي الجنود والعسكريين المخطوفين.