بغداد: شارك الاف المسيحيين العراقيين وهم يحملون الشموع تكريما للسيدة العذراء في الاحتفال بعيد "الطواف" في عين كاوة، شمال العراق، بعيدا عن منازلهم التي طردهم منها تنظيم الدولة الاسلامية.&كثيرون منهم كانوا يعيشون في الموصل، ثاني مدن العراق وكبرى مدن محافظة نينوى، ولم يكونوا يعرفوا قبل ستة اشهر مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان الشمالي.
وقد يكون البعض يعرف اربيل قليلا، رغم انها لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات عن الموصل، التي اتوا منها، وباتت المدينة الاخيرة اليوم، وكانها تبعد عنهم سنوات ضوئية بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية عليها. اما حياتهم اليوم فهي عبارة عن انتظار داخل خيم منذ فرارهم من هجمات هذا التنظيم في حزيران/يونيو الماضي.
واحتفل هؤلاء المسيحيون مساء السبت في عين كاوة، غرب مدينة اربيل (320 كلم شمال بغداد)، بعيد "الطواف" بمشاركة الكاردينال فيليب باربارين رئيس اساقفة ليون الفرنسية، الذي عبر عن دعمه لهم خلال زيارة قام بها على رأس وفد يضم حوالى مئة شخص . ولعدم تمكنه من الحضور شخصيا، قام البابا فرنسيس بارسال هذا الوفد ليمثله وليعبّر من خلاله عن الدعم لمسيحيي الشرق.
وحمل الكاردينال فيليب خلال زيارته، وهي الثانية التي يقوم بها هذا العام الى اربيل، خمسة الاف شمعة لتبادلها "مع اخوته" في الشرق كتقليد يقوم به اهالي ليون كل ثامن من كانون الاول/ديسمبر، لتزيين شبابيك المدينة تكريما للسيدة العذراء. وقال مارتين اوفي (23 عاما) قبل ان تبدأ المسيرة "نشعر بشيء من الحزن، لان هذه المسيرة مع الشموع كنا نقوم بها كل عام في رأس السنة في قرقوش". واضاف الشاب الذي يعمل في جمعية لرعاية الاطفال النازحين مثله، "في الوقت نفسه، رغم كل مايحدث، نتمنى من كل قلوبنا ان نتمكن من القيام بشيء، ولانقف مكتوفي الايدي".
من جانبه، قال الراهب الدومينيكاني سرمد كولو (34 عاما) من اهالي الموصل ان "الامل موجود دائما، ولكن الى متى؟". ويتساءل عما سيقوم به الوفد لمساعدتهم على العودة الى منازلهم او الرحيل عن العراق، او على الاقل "ليشعروا بانهم ليسوا منسييين". واسفر الهجوم الذي شنه في حزيران/يونيو تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، عن تشريد مئات الاف اللاجئين، ومنهم عشرات الاف المسيحيين. ويؤكد البابا دائما على عدم نسيان مسيحيي الشرق الكلدان او السريان.
ومما قاله البابا في رسالته لهم"ان المسيحيين يطردون من الشرق الاوسط وسط عذاب شديد"، في اشارة الى المتطرفين من عناصر الدولة الاسلامية الذي يسيطرون على مناطق واسعة في العراق وسوريا، دون ان يسمي التنظيم. واضاف البابا في كلمته بالايطالية التي كتبت ترجمتها على اسفل شاشتين ضخمتين "اتمنى لكم العودة الى دياركم".
ولدى انتهاء الكلمة تفرقت الحشود في عين كاوة، التي يعيش فيها عشرات الالاف من النازحين، الذين لجأوا الى منازل ومواقع تجارية مهجورة ومجمعات خيم كقرى صغيرة انتشرت حول عدد من الكنائس. بعد ذلك، لم يبق سوى عدد قليل من الجنود الاكراد في المكان، فيما تواجدت مجموعة من الشبان على مقربة منهم.
وقالت احدى الفتيات ردا على سؤال حول المستقبل الذي ينتظرهم "الكثير من الامل"، في حين ردت اخرى "الاسود" قبل ان تقول شابة ثالثة ما يتفق الجميع عليه بان "الحق الوحيد الذي نملكه اليوم في العراق هو حقنا بان نحلم.
&
التعليقات