بلدان القطب الشمالي تبني مدنًا سياحية مؤقتة على بحيرات... وشجرة (السرو) تحتفظ بخضرتها رغم (الثلج الأسود)، فيما السكان أدمنوا شرب القهوة، ويستثمرون الصقيع في إثارة روح المتعة.


هلسنكي:&بإحكام تمسّكت بلورات الثلج في أغصان الأشجار المتساقطة الأوراق، فكستها حلة بيضاء تعاكست فيها الألوان الفضية بعدما جرّدها الخريف من أوراق أغصانها الربيعية الجميلة، إلا أن أشجار الصنوبر والسرو "شجرة عيد الميلاد" تمرّدت على شتاء القطب الشمالي القارس، وأبت إلا أن تحتفظ بكسائها الأخضر.
&
فضاء مجمّد
&
بلدان القطب الشمالي تتحول إلى فضاء مجمد تصل فيه درجة الحرارة إلى 40 تحت الصفر، لكنها على الإطلاق لم ولن تمنع شعوب تلك المنطقة ليس فقط من ممارسة حياتهم الطبيعية فحسب، بل علاوة على ذلك فإنهم يستثمرون ذلك الصقيع في إثارة روح المتعة، وممارسة الرياضة الشتوية كهواية التزلج على الجليد بأشكال وأنواع مختلفة.. إنها الإرادة والتخطيط اللذان إذا ما توفرا في بلد فإنه بكل تأكيد سيكون في صفوف البلدان المتقدمة.
&
قسوة الشتاء تدفع شعوب تلك المنطقة إلى إدمان القهوة، التي يجيدون طبخها بنكهات مختلفة وبطعم يثير إعجاب حتى بلد القهوة ومهدها الأول البرازيل الذي يأتي في المرتبة الأولى بالنسبة لإنتاج البن على مستوى العالم. فالقهوة رفيق خفيف الدم في معظم بلدان اسكندنافيا والبلدان القطبية الأخرى. هناك حيث يخيم الليل في بعض المدن القطبية قرابة الشهرين في فصل الشتاء، ويطول في مدن أخرى إلى أكثر من عشرين ساعة، والأمر معكوس تماما في فصل الصيف فالنهار له الحصة الأكبر من اليوم.
&
سيارات فوق البحيرات
&
الارخبيل الساحر الممتد حول بلدان الدائرة القطبية، يتحوّل شتاءً إلى قطعة متوهجة من الصقيع، تتلألأ ليلا ونهارا، كما تتجمد البحيرات فتتصلب لتسير فوقها المركبات وقد تتحول أحيانا إلى مواقف للسيارات، الغابات الخضراء هي الأخرى مزينة بالبياض حتى الأشجار الدائمة الخضرة، وكلما اقتربت أكثر باتجاه القطب تتحول بعض الأشجار والشجيرات إلى كتلة ثلجية على هيئة تماثيل وأشكال مختلفة.
&
إحساس مختلف تماما ينتابك وأنت تسير في شارع لا يكسر اللون الأبيض فيه سواك وأنت تتحرك وسط فضاء من القطن الناصع، تنقل أقدامك في فضاءات صامتة جدًا كأنك في واد مقدس. الشتاءات القطبية شتاءات ثلجية بامتياز، وللثلج حالات مختلفة، فيه من الجمال والنصاعة ما يملأ النظر، وفيه من العوارض الجانبية والصعوبات ما يدعو للحذر الشديد.
&
أقوى من الفولاذ
&
يهبط الثلج وكأنه أكوام من الدقيق تتطاير مع الهواء، وخصوصا على جوانب الطرق السريعة، هناك يتحرك كأنه أمواج من الرمال تحجب الرؤية، ولكنه بعد مدة يتجمد على الأرض فيتحول إلى طبقة سميكة أقوى من الفولاذ، وحينما ترتفع درجات الحرارة تبدأ الطبقات العليا بالذوبان فيصعب المشي عليها، وما إن تنخفض درجات الحرارة يتجمد مرة أخرى حتى بما في ذلك الطبقة التي ذابت، وتتحول إلى ما يسمّى بـ"الثلج الاسود"، والثلج الأسود هو طبقة من الجليد الشفاف تغطي سطح الأرض لكنها تظهر ما تحتها من لون داكن للإسفلت فتبدو طبقة سوداء للوهلة الأولى.
&
من الثلوج أيضا تقام في العديد من بلدان الدائرة القطبية مدن وقلاع سياحية تشيّد فترة الشتاء من اجل استقبال السياح. فوق البحيرات المتجمدة جدا يمارس صيادو الأسماك مهنتهم وهوايتهم، من خلال إحداث ثقب بواسطة مثقاب الثلج في الطبقة العليا المتجمدة فوق البحيرة من اجل مد السنارة بانتظار ان تعلق بها السمكة.
&
بنية تحتية محكمة جداً
&
في الحياة القطبية وخصوصا عند قومية السامه "اللابيّين" يكثر استخدام غزال الرنّة، هناك الكثير من القطعان لذلك الحيوان في بلدان شمال أوروبا، وكلما اقتربت من الدائرة القطبية كلما شوهد الرنة بأعداد اكبر. انه رمز من رموز تلك البيئة.
&
قوة الطبيعة وصعوبة الحياة هناك لا تؤثران كثيرا على حركات الطيران، وهذا عكس ما يحصل في بلدان وسط وجنوب أوروبا بما في ذلك البلدان الكبرى، إن مطارات البلدان القطبية لا تأبه بمتغيرات المناخ في فصل الشتاء أبداً، بل هي مؤهله بشكل مذهل، ولمواجهة تجمد جسم الطائرة أثناء العواصف الثلجية يرش جسم الطائرة بمادة سائلة تقاوم تجمد الطائرة. الملفت انه ورغم عدم توفر الثروات النفطية في بلدان تلك المنطقة باستثناء النروج، لكن فيها بنية تحتية محكمة جدا، مهيأة بشكل كامل لمواجهة تلك الظروف الطبيعية القاسية.
&