كييف: تتعثر جهود السلام في اوكرانيا رغم دعوة وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الجمعة في كييف الى استئناف محادثات السلام الاحد، بينما اعلن الجيش الاوكراني مقتل خمسة من جنوده وجرح سبعة آخرين في الشرق الانفصالي في اكبر خسائر يتكبدها منذ بدء سريان& الهدنة في 9 كانون الاول/ديسمبر.

ولم يتوصل ممثلو كييف والانفصاليين الى الاتفاق مساء الجمعة على موعد لعقد اجتماع في مينسك بهدف استئناف العملية السلمية وانهاء النزاع الذي اوقع اكثر من 4700 قتيل في نهاية مؤتمر بالفيديو عبر الانترنت.

وقبل ذلك بساعات، واثناء زيارته لكييف، شدد شتاينماير الذي تعد بلاده الوسيط الاوروبي الرئيسي في الازمة الاوكرانية، على ضرورة بذل اقصى الجهود لعقد اللقاء في مينسك بين المتمردين ومجموعة الاتصال التي تضم ممثلين عن كييف وموسكو ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا. واضاف في مؤتمر صحافي بعد لقاء مع الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو "اتمنى عقد لقاء مباشر بينهم الاحد على الارجح".

وتابع الوزير الالماني الذي قام بزيارة لم يعلن عنها من قبل لكييف "علينا ان نبذل جهودا في هذا الاتجاه وهناك مؤشرات جيدة الى ذلك". وبعد محادثة هاتفية مع المستشارة انغيلا ميركل، اقترح الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند والروسي فلاديمير بوتين، وبوروشنكو هذا الاسبوع يوم الاحد كموعد محتمل. ويعقد الجميع امالا على صيغة مينسك للتوصل الى حل للنزاع الذي تسبب في اخطر تدهور للعلاقات بين موسكو الغرب منذ نهاية الحرب الباردة.

ولكن المسؤولين الانفصاليين في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد واللتين قطعت عنهما كييف كل تمويل قبل شهر، اعلنوا مساء الجمعة انه لم يتم تحديد موعد لاستئناف المحادثات. وقال فلاديسلاف دينيغو ممثل جمهورية لوغانسك لفرانس برس "لم يتم بعد تحديد موعد لقاء مينسك".

من جانبه قال دنيس بوشيلين، ممثل جمهورية دونيتسك في تصريح نقلته انترفاكس "لا يزال ينبغي التوصل الى تسوية". وكان من المقرر ان يعقد اللقاء الجديد في مينسك حيث وقعت اتفاقات السلام في الخامس من ايلول/سبتمبر، في التاسع من كانون الاول/ديسمبر يوم دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ.

لكن عملية السلام تراوح مكانها مع ان طرفي النزاع يريان ان الهدنة محترمة بشكل عام على الرغم من سقوط 15 قتيلا في صفوف الجيش الاوكراني حتى الآن. وقبل هذه المحادثات، اعلن الناطق باسم الجيش الاوكراني اندري ليسينكو الجمعة ان خمسة جنود اوكرانيين قتلوا وجرح سبعة آخرون في الشرق الانفصالي في الساعات الـ24 الماضية.

واتهم المتمردين باعادة نشر اسلحة وقوات، كما اتهم روسيا بارسال تعزيزات جديدة الى الانفصاليين. وتنفي روسيا باستمرار اتهامات السلطات الاوكرانية والغرب بتسليح الانفصاليين وارسال قوات تقدر كييف عديدها بعشرة آلاف رجل.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اكد في مؤتمره الصحافي السنوي الخميس ان موسكو على حق والدول الغربية على خطأ وان الاستراتيجية المطبقة في اوكرانيا هي الصحيحة. واتهم بوتين السلطات الاوكرانية بشن "حملة تأديبية" ضد المتمردين في الشرق. وقال بصيغة قاطعة "اعتبر اننا على حق في ما يتعلق بالازمة الاوكرانية. وكما سبق ان قلت، فان شركاءنا الغربيين مخطئون".

وردا على سؤال من صحافي اوكراني حول عدد العسكريين الروس الذين يقاتلون في صفوف الانفصاليين، والذين قتلوا في اوكرانيا، اكتفى الرئيس الروسي بالتحدث عن "الذين لبوا نداء ضميرهم ولبوا واجبهم، او الذين تطوعوا للقتال في شرق اوكرانيا"، مشددا على انهم "ليسوا مرتزقة، لانهم لا يتلقون المال".

من جهته، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من ان توقيع الرئيس الاميركي باراك اوباما قانونا يجيز فرض عقوبات جديدة ضد روسيا يمكن ان "يقوض لفترة طويلة" العلاقات بين البلدين. وقال لافروف لنظيره الاميركي جون كيري خلال مكالمة هاتفية ان هذا القانون "الذي يهدد روسيا بعقوبات جديدة قد يقوض لفترة طويلة امكانية قيام تعاون طبيعي" بين البلدين.

وكان اوباما وقع الخميس القانون الذي يجيز له فرض عقوبات جديدة على روسيا، لكنه اعلن انه لا ينوي اتخاذ اجراء مماثل في هذه المرحلة. كما يجيز القانون للولايات المتحدة تزويد اوكرانيا باسلحة فتاكة وهو ما كان اوباما رفض القيام به حتى الان. وكان اوباما اعلن مرات عدة انه يعتبر ان فرض عقوبات جديدة دون التنسيق مع الاتحاد الاوروبي سياتي بنتيجة عكسية.

هذا وتبنى الاتحاد الاوروبي الخميس عقوبات جديدة تستهدف القرم عبر منع الاستثمارات الاوروبية فيها والرحلات اليها للتعبير عن معارضته "للضم غير المشروع" لشبه الجزيرة الاوكرانية من قبل روسيا التي دعاها الى تغيير موقفها ازاء اوكرانيا بصورة جذرية.

وبعد انتهاء القمة، اعلن رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك انه يتوجب على الاتحاد الاوروبي ان يضع استراتيجية "طويلة الامد" على "عدة سنوات" تجاه روسيا. وقال البولندي توسك في ختام القمة الاوروبية "نحن بحاجة لاستراتيجية طويلة الامد". واضاف "هذا الامر يتطلب خططا لسنوات وليس فقط لاسابيع او لاشهر".

وشدد على ان يكون للاتحاد الاوروبي "موقفا موحدا" في الازمة الاوكرانية وتجاه روسيا مجددا التأكيد على ان روسيا هي حاليا "مشكلتنا الاستراتيجية".

وبعد ان اعتبر ان اوكرانيا "ضحية نوع من الاجتياح"، قال توسك يتوجب على الاوروبيين "الذهاب ابعد من رد فعل ورد دفاعي". واضاف "مقاربتنا يجب ان تتطابق مع طموحاتنا ومع قدراتنا. يجب ان نعيد ثقتنا بنفسنا كاوروبيين وان نعي قوتنا الذاتية".

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فديريكا موغيريني لدى وصولها للمشاركة في قمة الاتحاد الاوروبي في بروكسل ان& على الرئيس الروسي والقادة الروس ان يفكروا جديا في ادخال "تغيير جذري على موقفهم ازاء باقي العالم".

واضافت قبل بدء القمة التي ستبحث مستقبل العلاقات مع روسيا، ان الازمة المالية الحادة التي تشهدها روسيا والناجمة جزئيا عن العقوبات الغربية، ليست "نبأ سارا، ليس للمواطنين الروس ولا لاوكرانيا ولا لاوروبا او باقي العالم".

ولكن رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر قال "سنستمر في ادانتنا باقسى طريقة ممكنة" للموقف الروسي. واضاف "لكن انا مقتنع انه يتوجب علينا ان نبقي قناة الحوار والنقاش مفتوحا مع روسيا". واوضح "كوني اعرف بوتين منذ سنوات طويلة، اعول على السباحة في هذه القناة وسوف اجد مكاني فيها".

ولم تتبن القمة عقوبات جديدة بحق روسيا، لكن اقر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي خطة استثمار بقيمة 315 مليار يورو اعلن عنها في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الرئيس الجديد للمفوضية الاوروبية جان كلود يونكر الذي يتولى مهامه منذ شهر ونصف شهر.

والعقوبات الاوروبية الجديدة التي اعلنت الخميس بشأن القرم والمقررة منذ شهر تشكل توسيعا لسلسلة عقوبات محددة سابقة فرضت على القرم واقرها الاتحاد الاوروبي في حزيران/يونيو وتموز/يوليو.

ومن ناحيتها، قالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان "العقوبات ليست هدفا بحد& ذاتها. هي تفرض عندا تكون هناك اسباب لفرضها ولكن يمكن ايضا ان ترفع عندما لا يكون هناك سبب لتطبيقها". في المقابل، اشار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الخميس الى ان الاتحاد الاوروبي يمكن ان يخفف العقوبات المفروضة على روسيا اذا ما غيرت موقفها من النزاع في اوكرانيا.

وقال هولاند لدى وصوله الى بروكسل "ارى انه اذا ارسلت روسيا اليوم الاشارات التي ننتظرها، لن يكون هناك داع للاعلان عن عقوبات جديدة"، معتبرا انه "على العكس، سيدفعنا ذلك للتفكير في كيفية ان نبدأ نحن أيضا في تخفيف التصعيد".

واضاف "بمجرد ان تبدا روسيا اتخاذ اجراءات يمكن ان تؤدي الى تسوية الازمة في اوكرانيا لن يعود هناك اي سبب يدعونا لاطالة هذا الوضع". واعتبر هولاند انه "من مصلحة الجميع، اوكرانيا وروسيا واوروبا التوصل سريعا الى حلول" للازمة.

وقال توسك انه يأمل ان يرسل الاتحاد الاوروبي رسالة واضحة بانه "مستعد لدعم اوكرانيا، بما فيه ماليا". وقدم الاتحاد الاوروبي 1,6 مليار يورو لاوكرانيا لكنه يطالب باصلاحات.

وقالت موغيريني ان على الاوروبيين ايضا "مناقشة ضرورة دعم برنامج الاصلاحات" الذي اعدته اوكرانيا. وقالت "لقد آن الاوان ليركز الاتحاد الاوروبي قواه حتى يجعل من اوكرانيا قصة نجاح، وهذا ما سيتطلب العمل في كييف وبروكسل معا".

وقال رئيس المفوضية جان كلود يونكر "علينا ان نعرف المبلغ المطلوب، لكن الاتحاد الاوروبي بلغ حدود قدراته في ما يتعلق بالميزانية". والموضوع الآخر المهم المطروح هو خطة الاستثمار التي اعدتها المفوضية من اجل انعاش النمو بقيمة 315 مليار يورو والتي تثير خلافات بين المفوضية والعواصم الاوروبية.

وعشية القمة وجه يونكر نداء الى رؤساء الدول والحكومات ليقدموا مساهماتهم ويثروا صندوق الضمانات الذي يفترض ان تتم اقامته في الاشهر المقبلة. وقال يونكر ان "دولا عدة عبرت عن اهتمامها وانتظر مقترحات عملية وليس مجرد اقوال. انا بحاجة الى اموال".

ولكن الدول ال28 بعيدة عن ذلك، فهي ترغب اولا في معرفة اليات عمل البرنامج والمشاريع التي سيتم تمويلها، والفوائد المتوقعة لبلادهم. وقدمت هذه الدول تاييدا في الحد الادنى للخطة. وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل انها تفضل التركيز على ضرورة مواصلة الاصلاحات الهيكلية في اوروبا.