بيروت: يلتصق افراد عائلة ابو علي ببعضهم البعض في الخيمة التي يعيشون فيها في مخيم للاجئين السوريين شرق لبنان، متلحفين ببطانيات لا تقيهم البرد القارس والمطر في هذا المخيم غير المجهز بوسائل التدفئة اللازمة لمواجهة فصل الشتاء.

وجد ابو علي (60 عاما) ملاذا امنا في مخيم السعيدة بعيدا عن مسلحي تنظيم "الدولة الاسلامية" الذين يسيطرون على الرقة حيث كان يعيش في سوريا، لكن عوارض المرض والتعب بدت واضحة على وجوه بعض اولاده ال14 الذين يعانون من سعال متواصل.

وتعيش عائلة ابو علي الى جانب الاف اللاجئين السوريين الاخرين في هذا المخيم عير الرسمي في بلدة السعيدة.

وقال ابو علي الذي ارتدى عباءة تقليدية ووضع على راسه كوفية حمراء وبيضاء "هذا اول شتاء لنا هنا. لم نكن نتوقع ان يكون باردا الى هذا الحد"، مضيفا "لا نملك مدفئة، ولا اي شيء اخر لنتدفأ به. كل ما نملكه هو البطانيات ورحمة الله".

وخيمة ابو علي مصنوعة من سواتر بلاستيكية بيضاء مثبتة على قطع من الخشب، تفترش ارضيتها سجادات من القش، ويتوسط سقفها مصباح كهربائي صغير لا ينير سوى مساحة صغيرة من الخيمة.

وبعيدا عن ظلامها، يتحدى اطفال ابو علي البرد القارس، ويخرجون للعب بالقرب من الخيمة. ويقول حمودي (12 عاما) وهو يتمشى بصندله البلاستيكي وقد غطت الوحول قدميه "اشعر بالبرد طوال الوقت، لكن ليس هناك ما يمكن ان افعله لاشعر بالدفء، لذا نلعب على كل الاحوال".

ويقيم في لبنان نحو 1,1 مليون لاجئ سوري فروا الى هذا البلد الصغير هربا من الحرب الدامية في سوريا المجاورة، ويعيش اكثر من نصف هؤلاء بحسب ارقام الامم المتحدة في ظروف قاسية. وتشكل العائلات التي تسكن في المخيمات غير الرسمية نحو 17 بالمئة من اعداد هؤلاء اللاجئين.

وكانت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة اعلنت انها قدمت مساعدات تشمل الوقود والمال لنحو 400 الف لاجئ في شهري تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر، ما يعني ان الاف اللاجئين الاخرين بقوا من دون مساعدات تساعدهم على مواجهة البرد.

وفي مخيم جبعا غير الرسمي في البقاع شرق لبنان ايضا، تعصف الرياح بخيمة ام علي الحامل بشهرها السادس وهي تخرج منها لتعلق ملابس غسلتها للتو، متجاهلة المطر المتساقط عليها. وتقول ام علي الاتية من محافظة حلب "ماذا يمكن ان افعل؟ المطر يتساقط باستمرار وعلينا نحن ان نواصل حياتنا".

وفي داخل الخيمة، تجلس عائلة ام علي حول مدفئة، لكن المراة تعاني من سعال مستمر، مثل العديد من اطفالها الـ11. ورغم وجود المدفئة، الا ان العائلة لا تملك المال لشراء الوقود او الحطب، ولذا يقوم خالد (اربعة اعوام) برمي اوراق فيها لابقائها مشتعلة.

وتقول ام علي وقد غطت راسها بحجاب ملون "الاولاد يعانون من الامراض بشكل مستمر، ولا يذهبون الى المدرسة، لذا لا استطيع ان امنعهم من اللعب في الخارج". وخضعت ام علي مرة واحدة فقط لمعاينة الطبيب كونها لا تستطيع تحمل نفقات ذلك.

وبحسب ميسم محمد العاملة في منظمة "اوكسفام"، فان امراة سورية حامل خسرت طفلها العام الماضي بعدما ضربت عاصفة شديدة منطقة البقاع. وقالت "تخيل انك تعيش في منزل يحتوي على مفروشات ووسائل تدفئة، واضطررت فجاة الى ان تغادر كل شيء لتعيش في مزرعة لا ابنية فيها لتصد الرياح. ظروف العيش في خيمة قاسية جدا".

وتتساقط الامطار بشكل غزير في لبنان منذ اشهر بعد عام طويل من الجفاف. وتلفت رجاء، شقيقة زوج ام علي (23 عاما)، الى انها تحاول احيانا منع اطفالها من الخروج للعب الى جانب الخيمة، لكنهم "يطلبون الذهاب الى الحمام، والحمام خارج الخيمة".

وتقوم النساء بغلي الماء فوق المدفئة من اجل الاستحمام. وتؤكد ام علي بحسرة "اسوء شيء خلال الليل هو عندما نجتمع كلنا، الواحد الى جانب الاخر، لننام، ويبدا الاطفال بالبكاء وهم ويرددون الواحد تلو الاخر: اشعر بالبرد".
&