انتزعت الانتخابات الرئاسية التونسية في مرحلة الإعادة إعجابًا عالميًا وعربيًا باعتبارها خطوة متقدمة نحو الديموقراطية، في البلد الذي يعتبر مسقط رأس (الربيع العربي).

نصر المجالي: حسب مراقبين تابعوا الانتخابات الرئاسية التونسية التي كان الفوز فيها للباجي قائد السبسي الذي يعتبر أحد رموز الحرس القديم، مقابل المنصف المرزوقي الذي يعتبر أحد حراس (ثورة الياسمين) التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، فإنه على الرغم من التحديات أمام تونس، فإن الانتخابات كانت نزيهة وسلمية إلى حد كبير.

وبدا الرئيس الجديد السبسي الذي يمثل حزب (نداء تونس)، العلماني البارز، متصالحاً في غمار الفوز، وبعد إغلاق مراكز الاقتراع، وقدم شكره لمنافسه المرزوقي، مؤكداً "والآن يجب أن نعمل معاً دون استبعاد أي شخص".

ومنذ ثورتها ضد نظام بن علي 2011، حققت تونس خطوات كبيرة في تطوير ديمقراطيتها الناشئة، فقد اعتمدت دستوراً جديداً، وأجرت للتو انتخابات تشريعية ورئاسية سلمية إلى حد كبير.

استفتاء إيلاف

وغداة الانتخابات التي أعلنت نتائجها رسميًا يوم الأحد 21 كانون الأول (ديسمبر) طرحت (إيلاف) سؤال الاستفتاء الأسبوع الماضي، حول نتائج وآفاق انتخاب السبسي، خريج مدرسة الحبيب بورقيبة، رئيساً للجمهورية التونسية (الثانية) منذ الاستقلال، وما إذا كان انتخابه سيحقق استقراراً سياسياً، أو أنه يعني توافقاً علمانياً إسلامياً، أو احتمال تصعيد التوترات الأمنية في البلاد.

من بين من شاركوا في الاستفتاء الـ(1676)، قالت ما نسبته 56 % (936 مشاركاً) إن انتخاب السبسي سيؤكد الاستقرار السياسي في تونس، بينما قالت ما نسبته 25 % (428 مشاركاً) إن انتخابه سيحقق توافقاً علمانياً ـ إسلامياً، وقالت نسبة أقل 19 % (312 مشاركاً) إنها ستقود إلى توترات أمنية.

وإلى ذلك، فإنه حسب ما يقول محللون متخصصون في الشأن التونسي، فإن الباجي قائد السبسي يثبت أنه شخصية مرحلية نظراً لتقدمه في السّن، فالشباب التونسي يطالب بحياة أفضل، وتشير نسبة إقبالهم الضعيفة نسبياً على الانتخابات الأخيرة على ذلك، إلا أن الانتخابات بحد ذاتها قد تكون مؤشراً إلى إمكانية أن تكون تونس منارة للديمقراطية في الشرق الأوسط.

ويشار إلى أن دول الغرب والجوار التونسي سارعت جميعها للترحيب بنتائج الانتخابات، وقالت الولايات المتحدة انها ستكون في طليعة من يدعم التوجهات الديموقراطية الجديدة في تونس.

كما أن عواصم الغرب اثنت بوضوح على الالتزام الصارم من جانب قادة تونس والشعب التونسي برعاية حوار سياسي حاضن لجميع القوى، وبناء الإجماع، وبالقيم الديمقراطية، كان حاسمًا لنجاح الانتقال السياسي وسيكون على القدر نفسه من الأهمية خلال المرحلة المقبلة من تاريخ تونس.

وقالت واشنطن في بيان رسمي غداة الانتخابات انها ستعمل على تأصيل الشراكة الاستراتيجية مع تونس، و"إن هذه اللحظة التاريخية هي بمثابة فرصة للمجتمع الدولي كي يعيد توكيد، وتعميق، التزامه تجاه تونس".

ويشار في الختام، إلى أن الانتفاضات الشعبية التي عقد عليها الكثير من الآمال لإحداث تغيير إيجابي في العالم العربي على هامش (الربيع العربي)، إلا أن هذا الأمل شهد انتكاسات حادة في بلاد مثل مصر وليبيا، والأمر الأكثر مأساوية في سوريا التي انجرفت إلى حرب أهلية طويلة ووحشية ومستمرة، لكن الربيع العربي لا يزال حياً في تونس، الواقعة في شمال أفريقيا على طول ساحل البحر المتوسط بين الجزائر وليبيا.