تونس: يخشى انصار الرئيس التونسي المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي، من تراجع الحريات الوليدة في البلاد إثر فوز منافسه الباجي قائد السبسي بالانتخابات الرئاسية التي أجريت الأحد. ويعتبر هؤلاء ان "النظام القديم" الذي يقولون ان قائد السبسي جزء منه، انتصر على الثورة التي أنهت يوم 14 كانون الثاني/يناير 2011 حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وفاز قائد السبسي (88 عاما) مؤسس ورئيس حزب "نداء تونس" المعارض للاسلاميين، بالدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها مع المرزوقي (69 عاما). وحصل قائد السبسي على 55,68 بالمئة من الأصوات والمرزوقي على 44,32 بالمئة وفق النتائج الرسمية "الأولية" التي اعلنتها الاثنين الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات العامة.

واعتبر المحامي سمير بن عمر عضو المكتب التنفيذي لحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" الذي اسسه المرزوقي، ان نتائج الانتخابات "جاءت عكس مجرى التاريخ".

والمرزوقي حقوقي ومعارض بارز للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1987/1956) وخلفه زين العابدين بن علي (2011/1987). وقد قضى بسبب معارضته لهما سنوات طويلة بمنفاه في فرنسا.

وخلال الحملة الانتخابية، قدم المرزوقي نفسه كضمانة للديموقراطية وللحريات الوليدة في تونس، وكمدافع عن الثورة. كما حذر من "خطر" الباجي قائد السبسي الذي عمل مع نظاميْ بورقيبة وبن علي، وحزب "نداء تونس" الذي يضم منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد بن علي.

وكان قائد السبسي تولى عدة وزارات مهمة كالداخلية والدفاع والخارجية في عهد بورقيبة. كما تولى رئاسة البرلمان بين 1990 و1991 في عهد بن علي. وحل القضاء التونسي في 2011 حزب "التجمع" بسبب تورطه في الفساد والاستبداد في عهد الرئيس المخلوع.&

وفي مسعى لتهدئة المخاوف، قال قائد السبسي في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي في ساعة متأخرة الاثنين "لا رجوع إلى هذا (الاستبداد) (...) هذا لن يعود، بل أنا مع طيّ صفحة الماضي تماما". وتعليقا على فوز قائد السبسي، قال المهندس نجد بن حمزة (34 عاما) "يالهذه الخيبة يالهذه المصيبة" مستنكرا "ذاكرة التونسيين القصيرة".

وأضاف متسائلا "أليس الباجي وزير داخلية بورقيبة؟ أليس هو من دعم بن علي؟ هل تتوج ثورة الشباب، بعد أربع سنوات، باختيار رجل عمره 88 عاما؟".

وتابع "قدم التونسيون التضحيات ليصبح في آخر المطاف، أحد +الفلول+ رجل المرحلة القادمة" في اشارة الى مقتل أكثر من 300 تونسي برصاص الشرطة التي قمعت احتجاجات عارمة سبقت الاطاحة بنظام بن علي.

وقال المدرس علي الطرودي (39 عاما) "أخشى فعلا على الحريات، خاصة أن نفس الحزب السياسي (نداء تونس) سوف يهيمن على كل السلطات". وكان نداء تونس فاز بالانتخابات التشريعية التي جرت يوم 26 أكتوبر/تشرين الاول الماضي. وتولى الحزب رئاسة البرلمان وسوف يشكل الحكومة القادمة.

وأضاف الطرودي "في خطب الباجي، نسمعه يتحدث عن مكافحة الإرهاب، وهيبة الدولة (...) وأنا أخشى فعلا أن تقع العودة باسم هذه القضايا الى الممارسات القمعية" التي كانت سائدة في عهد بن علي.

وذكر الطرودي بانه تعرض للاضطهاد بسبب مداومته على أداء صلاة الفجر بالمسجد في عهد بن علي الذي كان يقمع الاسلاميين. وخلال اليومين الاخيرين، جرت اشتباكات في ولايتي تطاوين وقابس (جنوب) بين الشرطة وأنصار المرزوقي المحتجين على نتائج الانتخابات.

وأكد علي الطرودي انه لا يحمل افكار المرزوقي لكن بما أن هذا "الديمقراطي حتى النخاع دافع عن حريتي، فقد أصبح في نظري الشخص الأنسب للفترة القادمة، والوحيد القادر على تجميع (التونسيين) مهما كانت اختلافاتهم الثقافية أو السياسية أو حتى الدينية".

وتثير الصحافة التونسية قلق أنصار المرزوقي الذين يخشون من عودتها الى "مربع الطاعة" كما كانت في عهد بن علي. وقال سمير بن عمر "الرئيس الجديد وحزبه لن يواجها وسائل اعلام شرسة. بل على العكس، سيكونون متواطئين وهذا يجعلني اخشى جديا على الحريات".

واعتبر ان "غياب تطهير" قطاع الاعلام من الموالين لنظام بن علي "كان من بين أسباب انتصار (قائد) السبسي" في الانتخابات الرئاسية. وبعد انتخابات "المجلس الوطني التأسيسي" التي أجريت في 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011 وفازت فيها حركة النهضة الاسلامية، انتخب المجلس محمد المنصف المرزوقي رئيسا "مؤقتا" للبلاد.

وخلال السنوات الثلاث الاخيرة، توترت علاقة المرزوقي مع وسائل الاعلام التونسية التي اتهمها بنشر "الاكاذيب والشائعات" حوله، وبالتحيّز لخصمه قائد السبسي. وقال سمير بن عمر "المعركة مستمرة ولن نستسلم أبدا".