عروض الألعاب النارية بمناسبة السنة الجديدة تكلفتها باهظة، رغم أنها لا تستمر سوى بضع دقائق في أحسن الأحوال، لكنّ مدنًا في أنحاء العالم تتنافس الليلة للغاية على تقديم أروع العروض رغم هذه التكاليف، كعامل جذب سياحي واقتصادي لهذه المدن، خاصة أن الكثيرين يسافرون تحديدًا لإحياء هذه الدقائق التي تلي دخول العام الجديد.


عبدالاله مجيد: على سبيل المثال يكلف عرض الألعاب النارية في لندن عشية السنة الجديدة 1.8 مليون جنيه إسترليني، ويستمر 11 دقيقة، وهو عرض نال شهرة واسعة في أنحاء العالم، لكنه ليس الأكثر بذخًا أو الأعلى كلفة بأية حال من الأحوال. فلدى مدن مثل دبي وسيدني وباريس وأدنبرة وريو دي جانيرو فرق متخصصة بتنظيم أروع العروض أعدت أطنانًا من البارود لاستقبال العام الجديد بفرقعة زاهية أروع من عرض العاصمة البريطانية على ضفاف نهر التايمز.

ترويج للمدن
يقول خبراء إن عروض الألعاب النارية الباذخة والضخمة أصبحت أكبر رمز لثراء المدن. وهي لا تهدف إلى تقديم فعالية تخطف الأبصار فحسب، بل غايتها لفت أنظار العالم للإعجاب بالمدينة في أبهى حلة.&&

وقال إدورد ليستر مدير مكتب عمدة لندن لصحيفة الغارديان إن صور لندن بكل بهائها تُبث حول العالم لتذكير الناس بأهميتها. أضاف أن عرض الألعاب النارية يتكفل بوضع لندن في مصاف "أرقى مدن لندن".
&
اكتسب عرض الألعاب النارية في لندن منذ تقديمه للمرة الأولى قبل 11 عامًا شعبية واسعة، حتى إن حضور الحدث أصبح متعذرًا من دون شراء تذكرة لتحديد عدد الأشخاص الذين يحاولون إيجاد محط قدم لهم على ضفة النهر بنحو 100 ألف متفرج. وكان نصف مليون شخص تزاحموا في العام الماضي على مشاهدة العرض.&

جذب سياحي
وقال جيم دونالد من الشركة العالمية، التي تعاقدت معها حكومة لندن لإقامة العرض، إن المجال لا يسمح لأكثر من 100 ألف شخص. وأضاف أن حجم الدعاية الإيجابية للمدينة من خلال العرض "لا يمكن قياسه"، وهو يسهم بقسط كبير في زيادة أرباح الفنادق والمطاعم والحانات.&

ويستخدم عرض لندن 400 نوع مختلف من الألعاب النارية لإحداث 10 آلاف فرقعة تُطلق مقذوفاتها من دولاب "عين لندن" العملاق وثلاثة مراكب نهرية و14 جسرًا عائمًا.&
لكن عرض لندن على ضخامته وروعته يبقى حديث العهد نسبيًا. فتقليد الفعاليات الباهرة الضخمة بالألعاب النارية بدأ مع العرض الذي أقامته مدينة سيدني احتفالًا بقدوم الألفية الثالثة.&

تُدار منظومة الإطلاق في المدينة الأسترالية ببرمجية تعمل على 18 كومبيوترًا وإشارة معلوماتية تتزامن مع الموسيقى المرافقة للعرض. وحين تبدأ الموسيقى تتلقى مواقع الإطلاق هذه الإشارة لتفجير 11 ألف مفرقعة هوائية و40 ألف مذنب من جسر المرفأ ودار الأوبرا ومراكب نهرية عدة.&

الحصرية لسيدني
يكلف العرض 7.2 ملايين دولار أسترالي أو 3.79 ملايين جنيه إسترليني. وقال منتج العرض إنرين كوفي إن هذا الثمن يُغطى من 133 مليون دولار أسترالي يحققه العرض للاقتصاد الوطني كل عام. كما تتمتع سيدني بأفضلية على المدن الأخرى التي تنافسها في عروض الألعاب النارية بكونها أول مدينة تستقبل السنة الجديدة، وبذلك تكون صور ألعابها النارية أول الصور التي تُبث في أنحاء العالم.&&

للاستمرار في تجديد العروض تتوجه غالبية مصممي الألعاب النارية إلى معامل في مدينة لويانغ الصينية من أجل الاتفاق معها على ابتكار مفرقعات تتفجر أشكالًا وألوانًا مثيرة.& وتعتزم لندن استخدام مفرقعات نارية جديدة هذا العام تُسمى "الوجه المبتسم الجديد". لكنّ ثمة مفارقة في موقع الصين بوصفها مركز إنتاج المفرقعات التي تُستخدم في عروض الألعاب النارية. فهي رغم كونها أكبر منتج في العالم لهذه المفرقعات منعت عروض الألعاب النارية عشية السنة الجديدة بسبب تلوث الهواء. ودعت وكالة أنباء الصين الجديدة العائلات إلى استخدام "الزهور والبدائل الالكترونية" عوضًا من البارود.&

لا يمكن القول إن هناك سباق تسلح بين المدن لتقديم أفضل العروض بالتركيز على تطوير ألوان أكثر بريقًا وأشكال هندسية أكثر روعة، لكن المنافسة محتدمة رغم ذلك. وقال كريس بيرس، مدير شركة جوبيلي فايروركس، التي نظمت عرض الألعاب النارية لأولمبياد لندن، إن المنافسة شديدة لابتكار عروض جديدة، وإن تنمية المواهب تستغرق وقتًا طويلًا لأن هذه صناعة لا يمكن دخولها بسهولة.&

6 دقائق بـ 6 ملايين دولار
وأعرب بيريس عن اعتقاده بأن أفضل عروض الألعاب النارية بمناسبة السنة الجديدة تُقام في لندن وسيدني ودبي وباريس. وأشار إلى تراجع تايبي عاصمة تايوان، لأنها لم تقدم شيئًا جديدًا خلال السنوات الأخيرة. واعترف منظمو عرض الألعاب النارية في لندن وسيدني بأنهم يراقبون ما تفعله المدن الأخرى، ويتصلون بنظرائهم في دبي وريو دي جانيرو وباريس ونيويورك.&

وكانت دبي حطمت الرقم القياسي العالمي المسجل في موسوعة غينيس، حين استقبلت 2014 بأكبر عرض للألعاب النارية استخدمت فيه 500 ألف مفرقعة، في عرض استمر 6 دقائق، وكلف 6 ملايين دولار، متفوقة على سيدني ولندن وأدنبرة وريو دي جانيرو لتحتل موقع الصدارة بين مدن العالم في هذه الفعالية.
&