يحتل المال مكانة مهمة في الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 نيسان (أبريل). فبينما يفترض أن لا تتعدى نفقات كل مرشح ستين مليون دينار، أي 600 ألف يورو، يصرف المرشحون اضعاف ذلك بفضل أموال رجال الاعمال الذين ينتظرون مقابلها امتيازات ومصالح.


يحدد قانون الانتخابات الجزائري النفقات المسموحة في الحملة الانتخابية بستين مليون دينار، على أن ترتفع إلى 80 مليونًا في حال وصول المرشح إلى الدور الثاني.

وبرأي الخبير الاقتصادي امحمد حميدوش، هذا المبلغ غير منطقي وغير واقعي، quot;فهو لا يكفي حتى لاستئجار مقرات الحملة الانتخابية، فما بالك بتمويل النقل بالطائرة ودفع رواتب الموظفين في الحملة وطبع البرامج والصور والملصقاتquot;.

واضاف: quot;لا يمكن تمويل الحملة بهذا المبلغ، لذلك يتلقى المرشحون اموالًا غير معروفة المصدر بالشكارة، (أي نقدًا باللهجة الجزائرية) من دون رقابةquot;.

ويتنقل عبد المالك سلال، مدير حملة الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة، بطائرة خاصة تابعة للخطوط الجوية quot;طاسيلي ايرلاينزquot;، التي تملكها شركة النفط العمومية سوناطراك، ويصحب معه فريق حملته الانتخابية و50 صحافيًا على الاقل.

رجال الرئيس

لا يحضر بوتفليقة (77 عامًا)، المتعب بسبب جلطة دماغية اصيب بها قبل سنة، أي مهرجان انتخابي، وكلف عددًا من قيادات الدولة بحضور المهرجانات ورعايتها.

وينشط الحملة رئيس ديوان رئيس الجمهورية احمد اويحيى، والمستشار الخاص به عبد العزيز بلخادم، ورئيس مجلس الامة عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة، بالاضافة إلى وزيرين في الحكومة الحالية والامين العام لاتحاد العمال.

وكل هؤلاء يفترض أن يتنقلوا بأموال الحملة، الا أن المرشحين المعارضين الآخرين يتهمونهم باستخدام وسائل الدولة التابعة لقطاعاتهم. وكذلك يتنقل علي بن فليس، المنافس الاكبر لبوتفليقة، على متن طائرة خاصة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية مع فريقه و50 أو 75 صحافيًا.

ثلاثة فرق

ينقسم ممولو الحملات الدعائية إلى ثلاثة فرق باهداف ومصالح مختلفة، بحسب حميدوش. الفريق الاول يضم مقاولي البناء والاشغال العمومية، الذين يريدون الحصول على صفقات من المشاريع العمومية للحكومة، ويساندون بقاء النظام ليضمن لهم صفقات جديدة.

ويعد رجل الاعمال علي حداد صاحب اكبر شركة خاصة للاشغال العمومية أهم الممولين، وهو ايضًا أحد اكبر المستفيدين من مشاريع الحكومة بصفقات قاربت الـ2,5 مليار دولار، بحسب التقارير. وتقول مصادر من ادارة الحملة الانتخابية إن حداد هو من مول انشاء القناة التلفزيونية quot;وئامquot; للترويج للرئيس المرشح.

ويضم الفريق الثاني أصحاب شركات الخدمات، يتقدمهم محي الدين طحكوت صاحب شركة النقل، المتعاقد مع وزارة التعليم العالي لنقل طلاب الجامعات باستخدام آلاف الحافلات، ومحتكر بيع السيارات من مختلف العلامات الاوروبية والآسيوية.

اما الفريق الثالث فيضم اصحاب شركات الانتاج الذين يسعون إلى الحصول على علاقات في محيط الرئيس توفر لهم امتيازات، مثل تسهيل الحصول على القروض والاراضي.

ومن ابرز هؤلاء العيد بن عمر، صاحب مطاحن بن عمر، الذي حقق رقم اعمال يفوق 180 مليون يورو.، وعبد الرحمن بن حمادي شقيق الوزير، والعضو البارز في حزب جبهة التحرير الوطني موسى بن حمادي. وتملك عائلة بن حمادي عدة مصانع لأجهزة التلفزيون والكمبيوتر والتلفونات المحمولة، وقدر رقم اعمالها لسنة 2012 بحوالى 290 مليون يورو.

رجال أعمال

من بين أهم نفقات الحملة الانتخابية دفع أجور مراقبي الانتخابات، ليضمن المرشح حضوره في 50 الف مكتب تصويت. يقول حميدوش: quot;المرشح الذي يعتمد على المتطوعين فقط لن يذهب بعيدًاquot;. ويعرف علي بن فليس ذلك جيدًا، بما انه قرر تعيين مراقبين في كل مكاتب التصويت لكشف التزوير في حال حدوثه.

وتحدثت الصحف عن تجند رجال الاعمال الجزائريين لجمع 7,5 مليارات دينار، أي نحو 75 مليون يورو، لتمويل حملة بوتفليقة، بينما اكد موسى تواتي للاذاعة الجزائرية الاربعاء أن المبلغ وصل إلى 10 مليارات دينار، أي حوالى 100 مليون يورو.

واعتبر حميدوش، الخبير لدى هيئات دولية عديدة، أن 75 مليون يورو التي تحدثت الصحافةأن حملة بوتفليقة حصلت عليها من رجال الاعمال معقولة جدًا، quot;لأن النفقات ستكون اكثر من ذلكquot;.
فعلى سبيل المقارنة، صرف المرشحان البارزان في انتخابات الرئاسة الفرنسية لسنة 2012 فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي 21,8 و21,3 مليون يورو على التوالي.

شكوى المرشحين

تفوق مساحة الجزائر مساحة فرنسا بحوالى خمس مرات، لكن عدد الفرنسيين 66 مليونًا، بينما عدد الجزائريين 38 مليونًا. وبخلاف بوتفليقة وبن فليس الاغنياء، يجد المرشحون الآخرون صعوبة في تمويل حملاتهم الانتخابية.

واشتكى المرشح فوزي رباعين من تأخر وصول أموال الدولة، فاستخدم صورًا قديمة من الحملة الانتخابية السابقة للعام 2009 في الايام الاولى للحملة. كما كتب المرشح موسى تواتي على ملصقاته عبارة: quot;من فضلك لا تمزق هذه الملصقة فهي من اموال الفقراءquot;.

ورصدت الحكومة 24 مليار دينار، أي نحو 240 مليون يورو، لتنظيم الإنتخابات الرئاسية، تم إدراجها ضمن ميزانية وزارة الداخلية، بحسب مرسوم رئاسي صادر في اذار (مارس). ويمثل هذا المبلغ اربعة اضعاف الاموال التي رصدتها الدولة في انتخابات 2009، التي فاز بها بوتفليقة امام خمسة مرشحين، بأكثر من 90 بالمئة من الاصوات.