تمكنت الاحزاب السياسية في تونس بفضل الحوار من تقليص الخلافات التي استعرت مع بدء مناقشة القانون الذي سينظم الانتخابات المقبلة، ورغم انسحاب بعض ممثلي الاحزاب، فإنّ التوافق على نقاط الخلاف بات قريبًا.


محمد بن رجب من تونس: في خضم التصويت على مشروع القانون الإنتخابي الجديد في تونس، من طرف نواب الأحزاب السياسية في المجلس الوطني التأسيسي، برزت عديد النقاط الخلافية التي جعلت بعض أعضاء لجنة التشريع العام ينسحبون متعلّلين بعدم التوافق حول نقاط خلافية جوهرية، وهو ما حدا بالنواب إلى التصويت على الفصول التي تلقى إجماعًا، بينما تم تأجيل النظر في النقاط الخلافية إلى حين اجتماع رؤساء الكتل أو تحويلها إلى جلسات الحوار الوطني.

لجنة التوافقات

تلعب لجنة التوافقات البرلمانية دورًا رئيسيًا في تجاوز الفصول الخلافية التي أثارت الجدل بين نواب الأحزاب السياسية، وهي مؤهلة للتسريع في ذلك حتى لا تتم إحالة هذه الخلافات إلى جلسات الحوار الوطني خشية إضاعة الوقت، فهناك شبه إجماع على المصادقة على القانون الإنتخابي قبل نهاية الشهر الجاري.

ومن أبرز النقاط الخلافية التي أثارت جدلاً بين النواب مسائل تتعلق بالعتبة والتناصف والتمويل العمومي بعد أن تمّ تجاوز خلافات حول التزامن والموانع والمرافق ونقاط أخرى.

انسحاب واتهام

انسحبت يوم السبت الماضي النائبة في المجلس التأسيسي ريم محجوب عن حزب quot;آفاق تونسquot; من لجنة التوافقات وبررت ذلك قائلة:quot; لم نجد آذانًا صاغية للإتفاق حول النقاط الخلافية الجوهرية، وبالتالي ليس أمامنا غير الإنسحاب حتى لا نشارك في قانون انتخابي لا يستجيب لإنتظارات عديد الأحزاب أو أغلبهاquot;.

كما اتهمت حركة النهضة بعدم استعدادها للتوافق، وشدّدت محجوب على أنّ حزبها غير مستعد لإعادة تجربة انتخابات 23 أكتوبر 2011 مؤكدة على ضرورة صياغة قانون يتوافق حوله الجميع من أجل الوصول إلى تحقيق الهدف وهو تنظيم انتخابات حرة و نزيهة وشفافة.

التمويل والتناصف ومبدأ العتبة

حول المسائل الخلافية قالت ريم محجوب لـquot;يلافquot;: quot;أهم الفصول التي أثير حولها خلاف، تتعلق أساسًا بالتمويل و التناصف والعتبة والمرافقة بالنسبة للأميينquot;.

وإلى جانب ريم محجوب، فقد انسحب النائب عن الكتلة الديمقراطية منجي الرحوي من حزب الديمقراطيين الوطنيين الموحد، والذي قال في تصريح إعلامي إنّ quot;القانون الإنتخابي لا يمكن أن يؤسس لإنتخابات نزيهة وشفافةquot;، مشدداً على أنّه quot;لن يكون شاهد زور على قانون لا يوصل إلى تحقيق انتخابات نزيهة وإلى مشهد سياسي مستقرّquot;، على حدّ قوله.

من ناحيتها، قالت نادية شعبان عضو الكتلة الديمقراطية عن حزب quot;المسار الديمقراطي الإجتماعيquot; في تصريح إعلامي إنّ حزبها لن يصوّت على قانون انتخابي يتضمن إخلالات عديدة تتمثل أساسًا في تكريسه للتفرقة والتمييز بين التونسيين.

حلّ كل الخلافات

قالت رئيسة لجنة التشريع العام بالمجلس التأسيسي كلثوم بدر الدين إنّ كل الخلافات التي برزت في لجنة التوافقات قد وجدت طريق الحل، وبالتالي لن يتمّ ترحيل أي نقطة خلافية إلى جلسات الحوار الوطني.

وأكدت في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ لجنة التوافقات إلى رؤساء اللجان والمجموعات النيابية قد عملوا جميعًا على تجاوز كل النقاط الخلافية التي طرحت إشكالات ولم يبقَ غير مسألة الفصل 15 من المرسوم 35 والمتعلق بالعزل السياسي، وهو ما يجعلنا نتفاءل بإنهاء المصادقة على القانون الإنتخابي يوم الثلاثاء القادم.

وأكد شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات في تصريح إعلامي على ضرورة التعجيل بالمصادقة على القانون الإنتخابي لأنّ أي تأخير سيعسّر عمل الهيئة في إجراء انتخابات قبل نهاية السنة الجارية 2014، مشددًا على أنّ أيّ تأجيل للإنتخابات يعتبر quot;إسقاطًا للنظام الديمقراطيquot; وquot;خرقًا للدستورquot;.

التناصف الأفقي

أشارت حنان ساسي مقررة لجنة التشريع العام بالمجلس التأسيسي الى أنّه تمّ تجاوز أغلب النقاط الخلافية ولم تبقَ غير ثلاث مسائل تتمثل في مسألة التناصف الأفقي إلى جانب الجرائم الإنتخابية ثم الأحكام الإنتقالية وخاصة الفصل 15 من المرسوم عدد 35 المتعلق بالعزل السياسي.

وأضافت ساسي لـquot;إيلافquot; أنه quot;تم تجاوز نقاط خلافية على غرار العتبة التي تمّ إلغاؤها، والإتفاق حول التمويل العمومي المسبق أي نصفه قبل الحملة الإنتخابية والنصف الثاني بعد عشرة أيام من انطلاقهاquot;.

وبيّنت ساسي أنّ لجنة التوافقات ستجتمع وسيتم الحسم في النقاط الخلافية وإذا تم ذلك سريعًا فستنطلق الجلسة العامة للتسريع بالمصادقة على القانون الإنتخابي.

وحول النائبين المنسحبين، قالت ساسي: quot;لقد أبرزا أنّ الفصول التي تضمنها القانون الإنتخابي الجديد هي نفسها تقريبًا بالنسبة للقانون الإنتخابي الذي نظم انتخابات أكتوبر 2011، وبالتالي سيتكرر المشهد السياسي بما فيه من تناقضات نتيجة عدم ترشيد عملية الترشح كما اعتبرا أنّ المال العمومي الذي يُمنح لكل من يرغب في الترشح، إهدارًا للمال العامquot;.

وشدّدت على ضرورة إنهاء المصادقة على القانون الإنتخابي في أقرب وقت حتى تنطلق الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات في عملها وتعمل على احترام الدستور الذي نصّ على تنظيم الإنتخابات قبل نهاية العام الحالي 2014.

وكان رئيس الحكومة الموقتة مهدي جمعة أكد في تصريح إعلامي ضرورة إجراء الإنتخابات قبل نهاية العام الجاري 2014، مشيراً في ذات الوقت بأنه quot;لا يستبعد احتمال تأجيلها بسبب التأخير الحاصل في المصادقة على القانون الإنتخابيquot;.