تسعى واشنطن إلى تشجيع التقارب بين حزب الله وتيار المستقبل من أجل التوافق على الملف الرئاسي، وبالتالي التخفيف من موجة التفجيرات والتأزم الأمني، فيما يبقى للمثقف في لبنان دوره الكبير في هذا الخصوص.

بيروت: يتم الحديث في الأروقة الدبلوماسية عن تشجيع واشنطن لتيار المستقبل على فتح قنوات التواصل المباشر مع حزب الله للتفاهم على الملف الرئاسي، ويعود سبب ذلك الى أن واشنطن قلقة من موجة تفجيرات تُحضّر للبنان، وتبدو متأكدة من عدم وصول الوضع إلى حدود الانفجار الشامل، أو كما كان سائدًا خلال الصيف الماضي أو الذي قبله.

في هذا الصدد، يرى نائب تيار المستقبل نضال طعمة في حديثه لـ"إيلاف" أن الجميع مقتنع بضرورة أن ينأى لبنان بنفسه عن الأحداث السورية وحتى العراقية، وسياسة النأي بالنفس جدّية، ويجب تطبيقها على الأرض، ومع الحكومة اللبنانية، ومجلس نواب، ومحاولة لإنتخابات رئاسية جدية، تبقى بالطبع غير محصورة بالداخل اللبناني، فالقرار خارجي، كلها أمور مجتمعة تؤدي إلى الهدوء وتفرضه في داخل لبنان، كلها أمور فرضت على القيادات السياسية في البلد نوعًا من الهدوء، قد يطول مع انتخابات رئاسية أو قد يعود لا سمح الله إلى نقطة الصفر.

بدوره، يقول النائب عبد المجيد صالح (التحرير والتنمية) لـ"إيلاف" إننا منذ أكثر من 10 أعوام بحوار ساخن بين حزب الله والمستقبل، ولكن في نهاية المطاف لكل شيء نهاية، وأفضل سبيل هو صنع الإستقرار في البلد وتجنيب الساحة اللبنانية كل التعقيدات من الملف السوري، وكذلك مواجهة أعداد المهجّرين السوريين في لبنان، من خلال وضع سياسي وأمني مضطرب في لبنان، فعلى الأقل يفترض أن يلامس الحوار القضايا الأولية من أمن وإستقرار، وهو منطلق يتوافق عليه اللبنانيون بعد تشكيل الحكومة، وكان لبنان على شفير الهاوية، ونحن مع كل حوار يؤسس إلى مرحلة طويلة، وليس ابن ساعته لمواجهة استحقاقات معينة.

ويضيف:" ما كان من المستحيل في السابق، أصبح ممكنًا، اذ لم يكن هناك أفق لتشكيل الحكومة، إلا أن الحوار المستجد بين إيران والسعودية قلب المعادلة، وقد يكون هذا الحوار صامتًا أو تحت الطاولة، إلا أن هناك وساطات وخيوطاً بين الطرفين، فليس التوتر والحروب هما الخيار الأفضل، أو الأنسب في المنطقة.

ويرى صالح أن هناك دورًا على اللبنانيين بتحييد أنفسهم، وتشكيل الحكومة فتح الحوار بين المستقبل وحزب الله، والتصريحات تقرب البعيد، وما كان يبدو مستحيلاً، أصبح ممكنًا، لأن السياسة مجموعة مصالح وكل شيء ممكن من خلالها، وهناك تغييرات تفرض نفسها في واقع المنطقة والواقع الداخلي، وقد اتفق الجميع على محاربة الإرهاب.

دور المثقفين

إذا أجمعنا أن التقارب بين حزب الله والمستقبل يؤدي إلى تخفيف الإحتقان في الشارع اللبناني، أي دور للمثقفين في لبنان في تشجيع العودة إلى الهدوء وعدم انفلات زمام الأمور؟

عن دور المثقفين في منع الحرب الكلامية من الوصول إلى أزمات في الشارع، يؤكد الإعلامي علي الأمين لـ"إيلاف" أن هناك مسؤولية كبيرة اليوم على عاتق النخب الثقافية، غير أن المؤسف اليوم أن جزءًا كبيرًا من المثقفين أو الأكثرية لم يعد لهم الدور المفترض أن يلعبوه، الدور النقدي، الأعلى من السياسي، وما نلحظه أن المثقفين أصبحوا برتبة إنقسام السياسيين، أصبحوا أيضًا كوسائل الإعلام المنقسمة على ذاتها، لم نعد نرى سلطة ثقافة داخل المجتمع، جزء كبير من المثقفين أصبحوا بركب المشهد الانقسامي في البلد، وأصبحوا أداة من أدوات الصراع السياسي، ولم يعد لديهم دور يمكن الحديث عنه، اليوم دورهم الثقافي السابق إنحسر بنسبة كبيرة، وبدأنا نلحظ تراجعًا على حساب السياسة.

ويلفت الأمين إلى ضرورة تعزيز دور المثقفين& الذين تنازلوا عن دورهم النقدي لصالح السياسة، وأصبح دورهم تدعيم الرأي السياسي القائم، وليس نقده، لذلك المثقف لا بد أن يكون في الموقع النقدي للسياسة والإجتماع، وهو الدور الأهم للمثقّف من خلال النزعة النقدية على المستويين السياسي والاجتماعي، وإذا لم تتوافر هذه النزعة النقدية التي تحمل رؤية تغييرية، نكون خسرنا كل شيء على حساب التبعية.


دور محدود

عن دور المثقفين في لجم كل تلك الأمور، يقول منتظر الزيدي ( إعلامي عراقي مقيم في لبنان) لـ"إيلاف" إنه يبقى محدودًا، لأن المثقفين والإعلاميين المحايدين باتوا قلائل، وأولئك الذين يؤمنون بالحيادية أصواتهم ضعيفة، ووسائل الإعلام اللبنانية يملكها أصحاب المال الذين هم أمراء الحروب والفتن، لذلك لا دور فعلي للمثقف، ويبقى العزاء في بعض وسائل التواصل الإجتماعي من أجل توعية الناس أكثر ويجب تركيز المثقفين على الوسائل البديلة لوسائل الإعلام من أجل إعادة روح المواطنة، هو دور صعب جدًا يصلح أن يكون بمصاف دور الأنبياء المصلحين.

وبرأي الزيدي، سوف ينتفض الإعلاميون اللبنانيون على هذه الإحتكارات من قبل رجال المال والسياسة.