لم يفوّت الجزائريون على اختلاف شرائحهم مناسبة المونديال البرازيلي للإدلاء بدلوهم، كل على طريقته الخاصة. وكان للمنتخب الجزائري نصيب الأسد من التفاعلات والانتقادات والشائعات أيضًا.


الجزائر: بات الاهتمام بالكرة في الجزائر يفوق أي تصور في بلد يتنفس مواطنوه الجلد المنفوخ، ولا يقبل هؤلاء بأدوار المتفرجين، بل يتعاطون مع الكرة بعقلية الخبراء الذين ينافسون كبار فلاسفة المستديرة في الخطط التكتيكية وأنماط اللاعبين الذين ينبغي إشراكهم في هذا اللقاء أو ذاك، على نحو جعل البوسني وحيد خاليلوزيتش يقول: "في الجزائر هناك 40 مليون مدرب".

تدمير ذاتي
لم يتسامح أحد مع المنتخب بعد عثرة "محاربي الصحراء" الأولى ضدّ بلجيكا، ومضى زهير ورضا وأمين وبدر الدين وغيرهم يشرّحون أسباب الاخفاق في المقاهي والميادين وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث ارتضى فريق واسع مهاجمة الناخب الوطني وحيد خاليلوزيتش وقصفه بالثقيل، إثر إفراطه في الدفاع، واعتماده على لاعبين لم يحوزوا إعجاب الجماهير.
وسجّل أحد الفلاسفة: "خاليلوزيتش حرّك آلية التدمير الذاتي بعد بناء منتخب استنزف ثلاث سنوات، إنه ينتقم لكل المدربين الذين صمدوا ورفضوا العمل بتقنية الهاتف السري".
كما هناك من صمّم نماذج تكتيكية كان يمكن لها، بحسبهم، أن تمنح النصر للجزائر، بينما تساءل آخرون عن جدوى جلب لاعبين بعينهم، في حين انضم الشعراء إلى القافلة وراحوا ينظمون قصائد هجاء ضدّ المدرب البوسني خاليلوزيتش، وطالبوه بالرحيل.
ولم يقتصر الجزائريون في رؤاهم على منتخبهم فحسب، بل راحوا يفسرون تساقطات الانجليز والاسبان ويتوقفون عند الأداء الباهت للبرازيل والبرتغال وإيطاليا، ويبررون صعود القوى الجديدة كتشيلي وكوستاريكا.&

بلجكة وبرملة
قال أحد الحاذقين إن الجزائر تعرضت في لقائها الأول ضدّ الشياطين الحمر لما سماه "بلجكة"، كناية عن تلقي منتخب بلاده لهدفين قاتلين في آخر عشرين دقيقة. وبشأن الرباعية التي فاز بها المحاربون على كوريا الجنوبية، رأى محمد بحسه الفكاهي أن الجزائريين قاموا بـ(برملة) منتخب العيون الضيقة.
ولأنّ الخوض في الحضور الجزائري بالبرازيل يضم ألوانًا من المتفائلين والمتشائمين والمتشائلين، فإنّ شبكة فايسبوك شهدت مساجلات حامية بين هذا الطرف وذاك، ومثلما ربط البعض الخسارة الأولى بـ"فشل منظومة كاملة وإفلاس السلطة على كل المستويات"، وجرى تشكيل "منتخب وطني للفساد"، استغلّ المنتشون بفوز المحاربين على الكوريين للتهليل وتمرير رسائل، على منوال: "أكاديمية المثبطين في عطلة اليوم"، و"لنا في الوطن نعمة الفرح من القلب حتى الموت"، و"كوريا تعرضت لعملية دعش رباعي، لقد أرعبناهم، خطفناهم، وحيّرناهم".
&
مقادير
رفض فلاسفة الكرة في الجزائر استبعاد راهن منتخبهم عن الوضع "البئيس" في بلادهم. بهذا المعنى، ذهب أحد المعلقين إلى أن اللوحات الجزائرية الجميلة في بلاد السامبا حرّكت الانحياز إلى الفرح الذي لا يمكنه زحزحة الحزن أو هزيمة الغضب، مضيفًا أن الفرحة بالمنتخب تشبه انهمار قطرة ماء عذبة وسط لُجة مالحة، لذا حرص على التأكيد: "ألف مبروك لمن يضجّون بزيف الفرح".
وعمد آخر إلى السخرية من مسؤولي بلاده، بالقول إن تعديلات البوسني خاليلوزيتش في مفاصل التشكيلة أتت أكلها، وأعادت الأمل إلى قلوب الفقاقير لتخطي دور المجموعات، مستطردًا: "سنربح بصلاة العجاييز وصراخ المهابيل!".
وألّح آخرون أن الكرة ليست غير ستارة شفافة على الموضوع الحقيقي الذي ينبغي أن يوضع على طاولة النقاش، في إحالة على أمهات القضايا العالقة في بلد مأزوم رغم اكتناز خزائنه بالمليارات.
&