المستشارة الألمانية والرئيس على طائرة واحدة إلى البرازيل

&

&

تبدو السيدة الألمانية الحديدية أكثر نعومة حينما يتعلق الأمر بمباريات المنتخب الألماني، فتتحول إلى مشجعة عاطفية، تقفز وتصفق لكل هدف يسجله كلوزه أو موللر. يكشف ذلك أيضًا صورها في تويتر مع لاعبها المفضل بودولكسي، واستقبالها لمسعود اوزيل وهو عاري الصدر، وزيارة المانشافت في غرفة تبديل الملابس.

&

حضرت المستشارة أنجيلا ميركل المباراة الأولى للمانشافت ضد البرتغال، وكانت تهلل لكل هدف من الأهداف الأربعة التي هزت شباك البرتغال، ويعتقد انها وعدت الفريق مشاركته الفرحة عند بلوغه المباراة النهائية، وعند تسلمه كأس العالم، وهو سببب اصرارها على تجاهل الانتقادات الرافضة لرحلتها المشتركة مع رئيس الجمهورية على متن طائرة واحدة.

يتساءل السياسيون والمواطنون ماذا سيحصل إذا ما عصف المحيط الأطلسي بالأجواء بين أوروبا والولايات المتحدة؟

رافقها في رحلتها الأولى إلى البرازل قبل 3 اسابيع نحو 16 من الوزراء والنواب، اضافة إلى ممثلي الشركات الذين يهتمون بتطوير العلاقات الاقتصادية مع البرازيل، لكن طائرة السبت إلى البرازيل ستكون فارغة، إلا منها ومن رئيس الجمهورية وطاقم الحماية. لا يشارك زوج ميركل في الرحلة، ولا شريكة غاوك، كما أن الصحافيين المهتمين تمركزوا في البرازيل منذ شهر.

وحاول ممثلون عن الحزب الاشتراكي المساهمة في الرحلة، لكنهم تراجعوا بعد انتقادات ثارت من داخل صفوف حزبهم. ولم يرشح حزب الخضر المعارض أيًا من نوابه للطيران مع ميركل، لأسباب مشابهة، وسحب حزب اليسار أحد نوابه في آخر لحظة.

&

تنوعت الاعتراضات على رحلة ميركل الرياضية إلى البرازيل، بين الخشية من حدوث ما لا تحمد عقباه في الجو، وبين الاتهامات لميركل بتبديد أموال دافعي الضرائب. ويذكر المعترضون على الرحلة بما حدث في نيسان (ابريل) 2010، حين لقي الرئيس البولندي ليش كانيتشكس وزوجته وعدد كبير من وزرائه ونوابه حتفهم في حادثة طائرة.

وذكر خبير في الأحوال الجوية أن الأجواء فوق المحيط الأطلسي تحتفظ بالكثير من المفاجآت العاصفة، التي لا تختلف عن المفاجآت أثناء تنفيذ ركلات الجزاء. ومثل هذا الجو العاصف المباغت أطاح بالطائرة الفرنسية بين باريس وريو في حزيران (يونيو) 2009. وتكثر هذه العواصف فوق الأطلسي في موسم الصيف.

اتهم رئيس الحزب "البديل لألمانيا" انجيلا ميركل باستخدام طائرة "ايرفورس وان" لمصلحتها الخاصة، وقال انه كان بامكانها أن تحجز طائرة خاصة. وقال كريستسان لوت أن ميركل تخرق وعدها بتقليل الهدر، فرحلة ميركل "الفارغة" هدر فاضح لأموال دافعي الضرائب.

&

انتقلت الحكومة الألمانية نهائيًا من بون إلى برلين في العام 1999، وكلف الانتقال وإعادة البناء عشرات المليارات، إلا أن سرب الطائرات المخصص لحركة المستشار وأعضاء الحكومة لم ينتقل، وما زال يتخذ مقره حتى الآن في مطار كولون-بون.

وهذا يعني أن على أية طائرة من سرب طائرات الحكومة، الملقب بـ " ايرفورس-1" الألماني، أن تطير من كولون إلى برلين كي تنقل المستشار، أو الوزير، في رحلاته إلى داخل أو خارج البلاد. وإذا عرفنا أن 550 كم تفصل مطار كولون عن مطار برلين لعرفنا طول المسافات التي قطعتها الطائرات وهي فارغة، إلى حين صعود أحد المسؤولين على متنها.

وجاء في تقرير وزارة الدفاع الألمانية أن سرب الطائرات يكلف دافعي الضرائب مبلغ 19,3 مليون يورو سنويًا، جراء حركة طائراته وهي فارغة بين كولون وبرلين وبالعكس. وهذا يعني أن طائرة "أ 340" الخاصة بميركل تطير فارغة 550 كم من كولون إلى برلين، كي تنقل المستشارة في رحلة قصيرة قد تكون إلى لاهاي، التي تبعد 280 كم فقط عن كولون.

وقدرت وزارة الدفاع كلفة رحلة طائرة المستشارة بنحو 17,866 يورو لكل ساعة. وخلال السنوات الأخيرة، ترددت "أ 340" الخاصة بميركل أكثر من 600 مرة بين كولون وبرلين وبالعكس وكلفت بمفردها نحو 500 مليون يورو. هذا يعادل كلفة طيران المستشار السابق جيرهارد شرودر ثلاث مرات بين 1998-2005.&

&

تأسس قوة سلاح الجو-1 في العام 1957، وتم ربط مهماته مباشرة بوزراة الدفاع كي يشرف على تطويره وتسليحه. وزودت شركة لوفتهانزا طائرة ميركل، من طراز ايرباص أ-340 بأنظمة خاصة تجعلها منيعة على التجسس، وبرادارات خاصة للتنبؤ بالأنواء الجوية، في حين حرصت وزارة الدفاع على تزويد الطائرة بأنظمة صواريخ دفاعية، وأنظمة تشويش على الصواريخ المضادة تعمل بالليزر، لا يعرف أحد طرازها أو كيفية عملها.

وتحتوى الطائرة على أكثر من غرفة نوم، وأكثر من حمام، إضافة إلى قاعة اجتماعات ومقاعد أخرى مفتوحة لأعضاء الحكومة الذين قد يرافقون رئيسة الحكومة. وزودت لوفتهانزا الطائرة بخزان وقود اضافي يؤهل الطائرة لرحلة متصلة تزيد عن 7500 كم، ما يسهل عليها بلوغ بكين أو واشنطن من دون الحاجة لمحطة استراحة، ومن دون الحاجة للتزود بالوقود.

&

ترافقت مباريات مونديال البرازيل 2014 مع تظاهرات غاضبة عمت المدن البرازيلية احتجاجًا على المليارات التي وظفت فيها، مقابل اهمال الاقتصاد وديون الدولة وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع نسبة الفقر بين السكان. وكان الرد الحكومي يتركز دائمًا على توظيف المونديال لتطوير التنمية وتحسين الاقتصاد.

وهنا، تحول وزير التنمية والتعاون الألماني غيرد موللر، من الاتحاد الاجتماعي المسيحي، إلى رأس حربة في الهجوم على هذه التبريرات، ربما بسبب اسمه المماثل تمامًا لاسم الهداف الألماني الشهير من السبعينات. إذ امتنع موللر، الذي يقود برامج التنمية المشتركة مع بقية بلدان العالم، عن المشاركة في رحلة ميركل إلى المباراة النهائية في ريو. وقال لصحيفة "هاندلز بلات" إن هذا ما حصل أيضًا مع مونديال جنوب افريقيا قبل 4 سنوات، وتحولت المليارات التي تم توظيفها هناك إلى أطلال، يعشعش الفقر والبؤس بين الناس المقيمين قربها.

&