نزحت آلاف العائلات الأيزيدية العراقية من موطنها الرئيسي في قضاء سنجار إلى أعالي الجبال هربًا من مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية، بعد أن تعرضوا لعمليات قتل وخطف وتهجير.

ورود صالح من نينوى: اعتبر مواطنون، ما زالوا في مدينة الموصل العراقية، أن&ما تتعرض له الأقليات العراقية في قضاء سنجار "عار على الحكومة العراقية"، لا سيما وأن تنظيم الدولة الإسلامية مستمر في قتل وخطف وتهجير الأقليات من دون رادع، بينما تقف قوات الأمن العراقية عاجزة عن حماية المواطنين. ويتهم مواطنون تحدثت معهم "إيلاف" التنظيم بإختطاف الفتيات وتدريب الأطفال دون سن العشر سنوات على القتال والزج بهم في حروبهم.

حرب على الأقليات

ويستغرب كاتب وصحافي كردي من الموصل، رفض الكشف عن اسمه حفاظًا على سلامته، انسحاب القوات الكردية البيشمركة، واصفًا انسحابهم لـ "إيلاف" بالحدث النوعي في تاريخ البيشمركة، ولافتًا إلى أن هذا الانسحاب سهل دخول عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الى قضاء شنكال، ما تسبب بهرب العائلات إلى جبل سنجار.

يضيف الصحافي الكردي أن تنظيم داعش قتل 67 شابًا إيزيديًا في مجمع سيبا وسط قضاء سنجار بعد رفضهم إشهار إسلامهم، موضحًا أن عناصر التنظيم اقتحموا المباني والمصارف والجمعيات الحكومية وغيرها من الدوائر الخدماتية وسرقوا الأموال وأغلب احتياجات الأهالي في القضاء.

يلفت الصحافي إلى أنّ عناصر تنظيم الدولة الإسلامية فجروا مزار "ئامادين"، ومزار"لامريين" المقدسين لدى الطائفة الإيزيدية، القائمين في أسفل جبل سنجار، كما يحاولون تفجير المزارات الأخرى التابعة للطائفة الإيزيدية في أعالي جبل سنجار. ويشير الى أنّ الازمة الآن تكمن في اختطاف 50 الى 60 فتاة الى داخل الموصل وتشريد 35 الف عائلة في جبل سنجار، وسط انعدام أي مبادرة حكومية أو مدنية لانقاذهم.

ويكشف الصحافي أن المكون المسيحي في العراق يواجه خطر الإبادة فقد تراجعت أعدادهم من 400 ألف إلى حوالي خمسين ألفًا فقط، وفق احصائية غير معلنة على حد قوله.

وتتخوف أقلية الشبك من المصير نفسه الذي يواجهه الأيزيديون، بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على سبع من قراهم. ويرأس أمير الايزيديين في العراق والعالم تحسين سعيد بك وفداً لمناشدة الدول بمساعدة أبناء طائفته، محملاً الحكومتين في بغداد واربيل مسؤولية حماية ابناء الديانة الايزيدية.

ويشكل الأيزيديون الطائفة الثالثة من حيث تعداد أفرادها في العراق، كما أن كتبهم المقدسة هي&باللغتين الفارسية والكردية.

كوارث انسانية

&من جهتها، تقول باسمة فاضل، القيادية في الاتحاد الوطني الكردستاني ضمن فرع نينوى، والمتواجدة حاليًا مع العوائل المشردة في قضاء سنجار، إن الوضع سيئ وأن لا قوة عسكرية معهم.

وتكشف فاضل لـ "إيلاف" دخول قوات الدفاع الشعبي الكردستاني HPG إلى الجبل لمساعدة العوائل على الهرب عن طريق الحدود السورية، وتلفت إلى أن عناصر تنظيم الدولة الإسلامية تقتل وتخطف البنات وتنهب المنازل وتطالب الأيزيديين بإشهار اسلامهم، وأن مئات الاطفال قضوا بسبب الجوع والعطش، وتطالب رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي حماية أبناء الطائفة وفق الدستور وحقوق الاقليات التي يجب أن تضمن لهم تحريك القوات الامنية لحمايتهم، مؤكدة وجود نحو 1500 قتيل على الارض دون قدرة أي شخص على دفنهم.

وأكدت فاضل أن الاتحاد الوطني الكردستاني وعد بتقديم المساعدة للنازحين وإنقاذهم من المخاطر المحدقة بهم إلا أن هذه الوعود لم تستتبعها أية اجراءات ملموسة حتى الآن.

وحول المساعدات الانسانية، قالت القيادية إن طائرة عامودية نجحت بإيصال بعض المساعدات الى العوائل القابعة في غرب جبل سنجار، وأن هناك عوائل منكوبة قطعت مسافات طويلة على قدميها وهي بحاجة لمساعدات عاجلة من غذاء وعلاج.

بدوره، يؤكد المستشار الاعلامي لرئاسة برلمان كردستان طارق جوهر لـ إيلاف استعداد الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في إقليم كردستان وبالتعاون والتنسيق مع منظمة الغذاء العالمي ووزارة حقوق الإنسان والهجرة والمهجرين لإيصال المعونات الإنسانية من مواد غذائية ومياه واغطية وعلاج إلى المحاصرين.

بارزاني: سنحمي الايزيديين&
&
هذا وتعهد رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في بيان بحماية الايزيديين وانقاذ المحاصرين وعدم التخلي عن أي جزء من كردستان. وقال "إن الأحداث الأخيرة في منطقتي زمار وشنكال، والفاجعة المؤلمة التي حلت بالايزيديين، توجب على الجميع حماية الاقلية وطمأنة الشعب و لن نتخلى عن شبر واحد من أرض كردستان، وسنحافظ على شنكال وأخوتنا الايزيديين كحدقات أعيننا، ليبقى جبل شنكال شامخاً عصيًا على المعتدين، ويبقى هذا الجزء العزيز والأصيل من شعبنا أبياً كريمًا".

وأضاف "أن الإرهاب مشكلة عالمية، والتصدي له بحاجة إلى جهد دولي، وقد كانت كردستان منذ سنوات ضحية للإرهاب والإرهابيين، ويؤسفنا القول بأن أحدًا لم يساعد الشعب الكردستاني في الدفاع عن نفسه ضد الإرهاب وبقي وحيدًا في مواجهته، وعلى الرغم من ذلك فقد اعتمدنا في حربنا ضد الإرهاب على شعب كردستان وقوات البيشمركة والأجهزة الأمنية الكردستانية، مع التزامنا دومًا بمبادئ الحرية وثقافة التعايش والتسامح المتجذرة في كردستان، والتي كانت نقطة قوتنا للانتصار على الأعداء والحاقدين والإرهابيين".

يذكر أن عناصر تنظيم الدولة الإسلامية سيطروا الاحد على مدينة سنجار (شمال)، المعقل الرئيسي للايزيديين في العراق، التي تعد حوالى 300 الف نسمة، بعدما كانوا سيطروا على مدينة الموصل في 10 حزيران (يونيو)، اضافة الى مناطق واسعة في شمال ووسط وغرب البلاد.

وتفيد تقديرات الامم المتحدة أن نحو 200 الف شخص فروا من سنجار عندما اقتحم مقاتلو الدولة الاسلامية المدينة وانسحبت قوات البشمركة الكردية التي كانت تسيطر عليها. وينتمي غالبية هؤلاء النازحين الى الطائفة الايزيدية وتعود جذور ديانتهم الى اربعة آلاف سنة، وتعرضوا الى هجمات متكررة من قبل الجهاديين في السابق بسبب طبيعة ديانتهم الفريدة من نوعها.

وأعلنت منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) الثلاثاء عن وفاة اربعين طفلاً من الاقلية الايزيدية، اثر هجوم المتطرفين على المدينة. ونشر بعض الناشطين صورًا على الانترنت لنازحي هذه الطائفة تظهر فيها مجموعات من النازحين تفترش الكهوف والوديان الصخرية في جبال سنجار.