بعد 8 سنوات على تكليفه بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة خلفًا للجعفري، فإن المالكي عاش اليوم مشهد تكليف آخر، لكنه قضى بانتزاع السلطة منه هذه المرة، ومنحها إلى أحد قيادات حزبه حيدر العبادي مهندس الالكترونيات الذي اتهمه بالتآمر عليه.


أسامة مهدي: في عام 2006 حين رفضت قوى سياسية اعادة تكليف رئيس الحكومة السابق ابراهيم الجعفري رئيس التحالف الشيعي بتشكيل حكومة جديدة، ظهر المالكي من بين قيادات حزب الدعوة الاسلامية بقيادة الجعفري ليتصدر المشهد السياسي لمصلحته، ويشكل الحكومة، ثم ليحصل على ولايته الثانية عام 2010. واليوم تكرر المشهد، ولكنه ضد المالكي هذه المرة حين تم تكليف القيادي في حزبه حيدر العبادي لتشكيل الحكومة خلفًا له.
&
وفور الاعلان رسميًا عن تكليف الرئيس العراقي فؤاد معصوم للعبادي بتشكيل الحكومة الجديدة وتسليمه مرسوم التكليف، اتهمه ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بقيادة انقلاب داخل صفوف الائتلاف بقبول& ترشحه الى رئاسة الحكومة. وأشار النائب عن الائتلاف حسين المالكي الى أن العبادي التف على اجماع الائتلاف وجيّره لمصلحته، بحسب قوله.

ومنذ امس وحين بدأ اسم العبادي يتردد لخلافة المالكي، فإنه بدأ بالاعلان عن مواقف مخالفة لائتلاف دولة القانون، برغم أنه احد قيادييه، الامر الذي اصبح معه امر انشقاقه عن الائتلاف امرًا محتمًا. فقد كتب العبادي على صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي قائلاً "ان التحالف الوطني على وشك اعلان مرشحه للحكومة داعياً المالكي الى التنحي". وأكد ان الوضع الامني مستقر في بغداد جدًا، وهناك تحركات لقطعات عسكرية لزيادة حماية العاصمة بسبب قرب تسمية مرشح رئاسة الوزراء.

ترحيب أممي وسني وصدري بتكليف العبادي ودعوات للتعاون معه لتشكيل الحكومة
وقد رحبت الامم المتحدة وتحالف القوى السنية العراقي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بتكليف العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة مع التأكيد على ضرورة الانتهاء من مهمته خلال المدة الدستورية البالغة شهرًا.

فقد اعتبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تكليف حيدر العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة مقدمة مهمة وفعالة لانهاء اكثر الازمات التي يعانيها الشعب. ووصف التكليف بأنه بوادر تفاؤل، معربًا عن شكره لرؤساء الجمهورية والبرلمان والتحالف الوطني لهذا الانجاز.

كما رحب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف بتكليف حيدر العبادي لرئاسة مجلس الوزراء الجديد، حاثاً على ضرورة التشكيل السريع لحكومة شاملة. وقال في بيان اليوم إن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم اوفى بدوره وفقًا لأحكام الدستور وطلب من مرشح أكبر كتلة سياسية لتشكيل حكومة، وهذه الخطوة تتماشى مع الدستور والعملية السياسية الديمقراطية".

واضاف: ان المهم الآن بالنسبة الى جميع المجموعات السياسية في البرلمان أن تتعاون في تشكيل حكومة شاملة تعكس رغبات الشعب العراقي لتحقيق الأمن والازدهار والديمقراطية. وحث ملادينوف جميع القادة السياسيين على "العمل في إطار الدستور واظهار الاعتدال في تصريحاتهم وأفعالهم، مشددًا على ضرورة "ان تمتنع قوات الأمن العراقية من الإجراءات التي يمكن أن ينظر إليها على أنها تدخل في المسائل المتعلقة بالانتقال الديمقراطي للسلطة السياسية".

من جهته بارك تحالف القوى العراقية (السني) جهود التحالف الوطني الشيعي في حسم مرشحه لرئاسة مجلس الوزراء. ودعا التحالف في بيان اليوم المكلف حيدر العبادي الى تشكيل الحكومة الجديدة ضمن المدة الدستورية "واضعاً نصب عينيه ضرورة ان تكون هنالك نقطة انطلاق جديدة عنوانها تغيير المنهج الخاطئ الذي سارت عليه الحكومة في الفترة السابقة، والتي أوصلت العراق الى حافة الانهيار وسقوط العديد من المحافظات بيد تنظيم داعش الإرهابي والانفلات الأمني بانتشار الميليشيات المسلحة وكل الإخفاقات في جميع القطاعات". واكد التحالف انه سيتفاعل بإيجابية من اجل إنجاح جهود الحكومة المقبلة من خلال التعاون مع بقية الشركاء السياسيين.

وقد كلف رئيس الجمهورية فؤاد معصوم اليوم رسميًا مرشح التحالف الوطني حيدر العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة. وقد حددت المادة الدستورية 76 بفقرتها الاولى رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددًا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية الذي تم في 24 من الشهر الماضي.. فيما نصت بفقرتها الثانية على أن يقوم رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية اعضاء وزارته خلال مدة أقصاها ثلاثون يومًا من تاريخ التكليف.. اما الفقرة الثالثة فقد نصت على ان يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح جديد لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوماً عند اخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة خلال المدة المنصوص عليها في البند "ثانياً" من هذه المادة& لتنص الفقرة الرابعة على ان يقوم رئيس مجلس الوزراء المكلف بعرض اسماء اعضاء وزارته وبرنامجها الوزاري على مجلس النواب، ويعد حائزًا ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالغالبية المطلقة أي 165 نائبًا من مجموع عدد نواب مجلس النواب البالغ 328 عضواً.

حيدر العبادي اختصاصي الكترونيات وصاحب مؤلفات دينية
واختير حيدر جواد العبادي في الشهر الماضي نائبًا أول لرئيس مجلس النواب العراقي الجديد بعد حصوله على 188 صوتًا من مجموع عدد النواب العراقيين البالغ 328 عضواً. وهو من مواليد بغداد عام 1952 ويسكن فيها.. متزوج وله ثلاثة ابناء.

والده الطبيب جواد العبادي الذي شغل منصب مدير مستشفى الجملة العصبية في بغداد ومفتش عام وزارة الصحة وتمت احالته الى التقاعد في 1979 ضمن قائمة من 42 طبيباً بقرار من النظام السابق بتهمة معارضته له، وقد توفي ودفن في الخارج لعدم السماح للمعارضين انذاك بدفن موتاهم في بلدهم.

وفي عام 1980 اعتقل النظام السابق اثنين من إخوته، احدهما استاذ جامعي، والثاني موظف، وتم اعدامهما في عام 1982 بتهمة الانتماء الى حزب الدعوة الاسلامية.. وفي عام 1981 اعتقل البعث اخاه الثالث في السنة الثانية في كلية الطب وقضى في السجن عشر سنوات بالتهمة نفسها. وحصل العبادي على الدكتوراه في الهندسة الالكترونية والكهربائية في عام 1981 على نفقته من جامعة مانشستر البريطانية.. وكان حصل على البكالوريوس من الجامعة التكنولوجية في الهندسة الكهربائية في عام 1975 بعدما انهى الدراسة الاعدادية في الاعدادية المركزية في بغداد في عام 1970.

وقد ترأس اللجنة المالية النيابية في دورة البرلمان العراقي السابقة وشغل رئاسة لجنة الاقتصاد والاستثمار والاعمار بين عامي 2006 و2010. وانتخب في عام 2006 عضوًا في اول مجلس نواب دستوري عن مدينة بغداد.. وتولى مهمة التنسيق مع الامم المتحدة حول المهجرين العراقيين جراء الاعمال الارهابية وتولى متابعة مؤسسة المعلوماتية لوضع المقاييس لها وللحاسبات.

وقد اصبح وزيرًا للاتصالات في عام 2003 ولديه بحوث علمية حول نظام مراقبة الاجهزة وتصاميم لأنواع جديدة من المحركات الكهربائية ذات السيطرة الالكترونية كما وشارك في العديد من الندوات و المؤتمرات العلمية في بريطانيا.

ويشغل العبادي حاليًا مسؤولية المكتب السياسي لحزب الدعوة والمتحدث الرسمي باسمه، اضافة الى عضويته في قيادة حزب الدعوة الاسلامية. وكان له حضور بارز في معارضة النظام السابق شارك في نشاطاتها وساهم في المؤتمرات الوطنية للمعارضة التي شارك فيها حزب الدعوة الاسلامية.

وتولى عام 1980 مسؤولية مكتب الشرق الاوسط للحزب ومقره بيروت.. وفي عام 1979 أصبح عضواً في القيادة التنفيذية لعموم الحزب.. وعام 1977 أصبح مسؤولاً عن تنظيمات حزب الدعوة الاسلامية في بريطانيا. وللعبادي بحوث عن موقف الاسلام من الديمقراطية ومفهوم الامة الواحدة وحول التعصب، واصدر كتاباً بعنوان "المختصر في علوم القرآن"، كما ان له بحوثًا في اللغة الانكليزية حول تفسير القرآن وآيات الاحكام وآيات العقائد.

شارك والقى محاضرات في العديد من المؤتمرات والدورات الاسلامية والثقافية.. وكان قائدًا لفريق محلي لكرة القدم في الكرادة الشرقية في بغداد، وهو في عمر 17 عامًا، وشارك في بطولات الاشبال والشباب في محافظتي بغداد وديالى.

&
&