حذر تقرير بريطاني من مخاطر تسليح الأكراد على وحدة العراق، بينما ذكر تقرير آخر أن تنظيم (داعش) صار الخطر الأكبر على المنطقة بعد تبنيه نظام الخلافة.


نصر المجالي: غداة إعلان بريطانيا وفرنسا تسليح قوات البيشمركة الكردية لمواجهة قوات (داعش)، قالت صحيفة (الغارديان) اللندنية إن "تسليح الأكراد قد يشكل خطرًا على وحدة العراق، لكن البدائل أكثر سوءًا". وكانت بريطانيا، ومن قبلها فرنسا والولايات المتحدة، أعلنت عن تسليح القوات الكردية لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال العراق إذا طلبوا ذلك.

وقال المتحدث باسم الحكومة البريطانية "إذا تلقينا طلبًا بتصدير الأسلحة إلى الأكراد، فإننا في الغالب سنقوم بذلك"، وجاء هذا الموقف بعد اجتماع لجنة كوبرا لمواجهة الطوارئ (وهي لجنة حكومية مصغرة لمواجهة الطوارئ) يوم الخميس.

وكانت كوبرا تجتمع يوميًا خلال الأسبوع الماضي بسبب الأحداث في العراق، وحتى الآن تقوم بريطانيا بنقل الإمدادات التي تقدمها دول أخرى إلى المقاتلين الأكراد في شمال العراق "لكن لندن تبدو راغبة في دور أكبر".

مصير ترسانة الأسلحة
يقول تقرير (الغارديان) إن ذلك الدعم العسكري يساهم فعلًا في تحسين أحوال الأقليات في العراق وسوريا، لكنه بالطبع له مخاطره، حيث يخشى من أن ينتهي الحال بهذه الترسانة من الأسلحة التي تتجه إلى الأكراد كما حدث مع الأسلحة التي زوّدت بها واشنطن الجيش العراقي نفسه، ووقعت في أيدي مقاتلي "الدولة الإسلامية".

ويرجّح كاتب التقرير أن هذه المخاوف قد تكون أقل حدة من مخاوف أخرى بسبب تماسك القوات الكردية "البيشمركة"، والتي تمكنت بالفعل من إنزال بعض الهزائم بقوات "الدولة الإسلامية" خلال الأيام الماضية.

لكن الأكثر خطورة، حسب التقرير، هو أن تسليح الأكراد بشكل مباشر من دون التعاون مع بغداد سيعزز بالطبع من قدرتهم على الانفصال، وهو الأمر الذي يحاول الغرب احتواءه، بسبب خطره على تعزيز الطائفية في المنطقة، ومخاطره الأكبر على كل من تركيا وإيران، وهما دولتان تضمان أقليات كردية.

خطر داعش
إلى ذلك، حذر تقرير لصحيفة (فايننشال تايمز) من أن تنظيم (داعش) صار أكبر خطر على المنطقة عندما أعلن تبني نظام الخلافة، وأن مقاتليه ليسوا فقط مجرد "متشددين" يرتدون السواد ويستغلون ضعف الروح المعنوية للجيش العراقي للسيطرة على المزيد من المناطق في العراق وسوريا.

وتعتبر الصحيفة اللندنية أن "الدولة الإسلامية المسلحة والخطيرة" تتمدد في وقت شديد الحساسية يتعرّض فيه الشرق الأوسط لانفجارات متتالية، وهو ما يجعل التخلص منها نهائيًا احتمالًا ضعيفًا.

وتؤكد أن "الدولة الإسلامية" أكثر خطرًا وتعقيدًا من تنظيم القاعدة، بحيث إن أي خطر شكله تنظيم القاعدة وأتباع أسامة بن لادن على دول الشرق الأوسط يتقزم أمام خطرها.

وتنبه الصحيفة إلى أن "الدولة الإسلامية" تقدم نفسها للسنّة على أنها الجهة الوحيدة القادرة على كسر "المحور الشيعي"، الذي بنته إيران من عاصمتها طهران، مرورًا بالعاصمة العراقية بغداد، وامتدادًا إلى العاصمة اللبنانية بيروت.

ضعف حكومتي بغداد ودمشق
وتؤكد (فاينشال تايمز) أن تقلص سيطرة الحكومة المركزية في العراق وسوريا أعطى "الدولة الإسلامية" فرصة كبيرة للانتشار على الأرض في كلتا الدولتين، وهي الفرصة التى لم يحلم بها تنظيم القاعدة، كما إنها تحظى بتمويل جيد من أموال التبرعات من دول الخليج ومصادر أخرى، منها آبار النفط التى سيطرت عليها في كلتا الدولتين.

وتضيف الجريدة أن الدولة الإسلامية صنعت لنفسها عمودًا فقريًا في المنطقة لتصيغ "أفغانستان أخرى في الشرق الأوسط" وأنها في صدد الحصول على منفذ لها على البحر الأبيض المتوسط.

وتقول إن ذلك الوجود تعزز بعوامل عدة، منها غياب سلطة الدولة واندثار روح المواطنة في المنطقة، خاصة في سوريا والعراق، والتدخل الواضح للقوى الدولية في المنطقة، علاوة على غياب سلطة مركزية سنية لها تأثير في ظل تزايد الاستقطاب السني الشيعي.

وتختم (فايننشال تايمز) قائلة إنه رغم الضربات الجوية الأميركية التي أخّرت تقدم مقاتلي الدولة في شمال العراق، إلا أنها تتقدم بسرعة في مناطق أخرى، مضيفة أنه ليس هناك اتفاق على كيفية مواجهتها ولا القوة المطلوبة لذلك.
&