يعاني حزب النور الاسلامي من العزلة السياسية بسبب رفض القوى والأحزاب السياسية الليبرالية واليسارية التحالف معه مع إقتراب الإنتخابات البرلمانية، وصار مهددًا بقرار حله.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: رغم أن حزب النور السلفي شارك في المشهد السياسي يوم 3 تموز (يوليو) 2013، الذي أعلن فيه وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس السابق محمد مرسي من الحكم، ووضع خارطة جديدة سمّاها خارطة المستقبل لإدارة البلاد بعد سقوط حكم الإخوان، إلا أن هذا الحزب الإسلامي يعاني من العزلة السياسية، ويقاسي الويلات بسبب زهد القوى والأحزاب السياسية الليبرالية واليسارية في التحالف معه، لا سيما مع إقتراب الإنتخابات البرلمانية، بل صار الحزب مهددًا بالحل على طريقة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، لأنه أيضًا حزب سياسي أنشئ على أساس ديني، وهو مخالف للدستور المصري.

مأزق شديد

ليست هذه الأزمة الوحيدة التي يعاني منها حزب النور السلفي، بل وجد نفسه في مأزق شديد، بسبب قانون الإنتخابات البرلمانية الذي ينص على ضرورة ترشيح الأقباط والمرأة على قوائم الأحزاب الإنتخابية، وسيكون ملزمًا أن يكون ترشح هاتين الفئتين جديًا، وليس شكليًا كما عمل في الإنتخابات البرلمانية في العام 2011، عندما كان يضع صورة الورود والأزهار بدلًا من صور المرشحات أو صور أزواجهن.

ينفي الحزب وقوعه في أزمة حقيقية في ما يخص ترشح المرأة على قوائمه، فلديه كوادر نسائية. لكن هذا الكلام يجافي الحقيقة، لاسيما أن الدعوة السلفية بالإسكندرية التي يتحدث الحزب باسمها لا تؤمن بالديمقراطية أو العملية الإنتخابية أو مشاركة المرأة في العمل العام، بل تؤمن بأن عليها أن تلزم بيتها من أجل رعاية زوجها وتربية أبنائها.

مشكلة الأقباط!

ليس هذا كل ما يواجهه حزب النور السلفي من أزمات، بل هناك أزمة أشد تعقيدًا، وهي طريقة تعامله مع الأقباط، لاسيما أن قانون الإنتخابات البرلمانية نص على ضرورة ترشيح أقباط في قوائم الأحزاب، وهو ما يرفضه المسيحيون في مصر رفضًا قاطعًا، لاسيما أن الحزب يتخذ موقفًا عدائيًا منهم، ويعتبرهم كفارًا وأهل ذمة عليهم دفع الجزية.

ويحاول الحزب الخروج من هذا المأزق من خلال دعوة شباب الأقباط ومنتقدي الكنيسة إلى الترشح على قوائمه، ويقدم لهم في سبيل ذلك إغراءات مادية وسياسية كثيرة. ودعا أعضاء ما يعرف بـ"رابطة أقباط 38" التي تناضل من أجل تغيير شروط الزواج والطلاق في المسيحية، إلى الترشح على قوائمه.

وقال نادر الصرفي، مؤسس الرابطة، لـ"إيلاف": "وفقًا لقانون مجلس النواب، حزب النور مجبر على ترشيح أقباط في قوائمه، وهناك مسيحيون سيبادرون للترشح على قوائم النور، وبالتالي ليست هناك أزمة دينية أو سياسية في إعلان بعض أعضاء أقباط 38 الترشح على قوائم حزب النور السلفي، ودخول مجلس النواب القادم".

يحسب لصالحه

ووصف الصرفي قبول أعضاء الرابطة الترشح على قوائم الحزب بأنه نوع من التحالف الانتخابي فقط، وليس عضوية في الحزب أو إيمانًا بأفكاره حتى تقوم هذه الضجة الإعلامية والسخط العام داخل الكنيسة.

ولفت إلى أن حزب النور كيان سياسي وليس دينيًا، شارك في ثورة 30 حزيران (يونيو)، "وليس من العيب التحالف معه في الانتخابات مثل غيره من الأحزاب، ولكن لم يحدث حوار مباشر بين الرابطة وحزب النور بشأن ترشحهم على قوائمه في الانتخابات البرلمانية المقبلة، والأمر مجرد إعلان بأن الرابطة ليس لديها مانع من بحث الأمر إذا تلقت عرضًا رسميًا من حزب النور".

وحول كيفية التحالف مع حزب النور في ظل رفضه تولي الأقباط المناصب العليا بالدولة، قال: "المادتان الثانية والثالثة من الدستور تمنعان تولي المسيحي المناصب العليا للدولة مثل رئاسة الجمهورية، ونحن نسعى إلى تكريس فكرة المواطنة، وحزب النور أعلن اخيرًا مراجعة موقفه السابق وقبوله تولي الأقباط المناصب العامة للدولة، وهو أمر يحسب لصالحه ولا يحسب عليه".

يريدون محاصرتنا

وحزب النور لا يجد نفسه في مأزق، سواء في ترشيح الأقباط أو المرأة، أو التهديد بالحل على غرار حزب الحرية والعدالة. وقال أشرف ثابت، نائب رئيس حزب النور، لـ"إيلاف" إن الحزب ليس دينيًا أو عنصريًا، "بل هو حزب سياسي لديه برنامج سياسي ويضم بين أعضائه النساء والأقباط ويحترم قيم المواطنة، والمادة الخامسة من قانون مجلس النواب تنص على ضرورة أن تتضمن كل قائمة انتخابية ثلاثة مرشحين على الأقل من المسيحيين، والحزب ليس مخيرًا في ترشح مسيحيين، لذا أعلن ترحيبه بترشح الأقباط على قوائمه الإنتخابية".

ونفى ثابت أن يكون الحزب قدم اغراءات مادية للأقباط أو المرأة، وقال: "الحزب ليس في حاجة لذلك، لأنه بالفعل لديه أعضاء مسيحيون ونساء، وإذا رغبوا في الترشح للإنتخابات فهم مرحب بهم".

ويتبنى القيادي في حزب النور الدكتور شعبان عبدالعليم نظرية المؤامرة في الأزمات التي تلاحق الحزب. وإتهم الأحزاب الليبرالية بشن حملة ضد الحزب لإقصائه من الحياة السياسية. وقال لـ"إيلاف": "الأحزاب الليبرالية تخشى من اكتساح حزب النور للبرلمان القادم وتسعى إلى محاصرته، من خلال ممارسة ضغوط على الأقباط لدفعهم إلى عدم خوض الانتخابات على قوائم الحزب".

شبح الحل

يسعى حزب النور إلي إضفاء الشرعية على نفسه للإفلات من "الحل"، لأنه حزب أنشئ على أساس ديني. وقال الناشط القبطي المستشار نجيب جبرائيل لـ"إيلاف" إنه أقام دعوى قضائية تطالب بحل حزب النور، متوقعًا أن يكون الحكم فيها ضد الحزب.

وتوقع ألا يقدم أي من الأقباط على الترشح على قوائم حزب يتهمهم بالكفر، ويعتبرهم أهل ذمة ومواطنين من الدرجة الثانية، ويرفض توليهم المناصب القيادية في الدولة.

وقال القيادي اليساري أبو العز الحريري لـ"إيلاف" إن السلفيين والإخوان وجهان لعملة واحدة، هي المصلحة والمتاجرة بالدين، وقال إن حزب النور كان شريكًا للإخوان في كل المصاب التي عانت منها مصر طوال الفترة التي تلت ثورة 25 كانون الثاني (يناير). ووصف الحزب بأنه إنتهازي، يحاول دائمًا اللعب بالورقة الرابحة. وحذر الأقباط من الإنسياق وراء إغراءاته المادية أو السياسية.