تشير إحصائيات وزارة الصحة السعودية إلى زيادة في أعداد المنتحرين مقارنةً بالأعوام الماضية، خصوصاً بين النساء اللاتي شكلنّ ربع نسبة المنتحرين الذكور.

أمل محمود - ايلاف - الرياض: مع بدايات اليوم العاشر من سبتمبر من كل عام يتذكر الكثير من أقارب من قرر انهاء حياته انتحارا في السعودية تلك الفاجعة التي حلت بهم كغيرهم من أصحاب هذه المعاناة حول العالم. فرغم أن نسبة الانتحار لا تشكل ذلك الخطر الكبير على المجتمع السعودي؛ إلا أن المملكة تعد أحد الدول التي تسجل زيادة في حالات الانتحار عاما بعد عام، فتشير إحصائيات وزارة الصحة إلى زيادة في عدد المنتحرين مقارنة بالأعوام الماضية، خصوصا بين النساء اللاتي تشكلن ربع نسبة المنتحرين الذكور في السعودية.

للثقافة سبب؟

في حديثها مع "ايلاف"؛ تؤكد هيفاء صدوق المستشارة الأسرية والكاتبة الإعلامية أن حالات الانتحار تكثر في المدن الكبرى وتقل في القرى، التي تجمعهم ثقافة واحدة وتقليد واحد ووجهات النظر لديهم متقاربة لمفهوم الحياة، فلا يشعر الفرد بالفروق الفردية بشكل كبير وإن وجدت تكون بشكلها الطبيعي، عكس المدن الكبرى التي تكثر فيها الثقافات المتعددة ويقل فيها التواصل الاجتماعي على حد قولها؛ ما يؤثر على هدوء الفرد واستقراره هذا بشكل عام.

صدوق تشير إلى أن أسباب الانتحار الخاصة يمكن حصرها في عدم تقدير قيمة الإنسان وكرامته، وذلك بالتلفظ عليه وإهانته وتحقيره، وسلب حريته في التعبير والإفصاح عن ماذا يريد، وعدم قدرته على اتخاذ القرار الذي يخصه، وتهميش دوره وسط بيئته الصغيرة أو مجتمعه الكبير: "للأسف كثير ما تنشأ الفجوة بين الآباء والأمهات وبين الأبناء لأنهم يجهلون كيفية التواصل مع أبنائهم، عن طريق الحب والاحترام و التقدير والاهتمام، فنجد البعض يتهجمون على أبنائهم بالتهكم والسخرية، أو استخدام السلطة بطريقة خاطئة".

وتتابع صدوق: "للأسف لم يدركوا احتياج الأبناء للاحتواء والشعور بالأمان والاستقرار والاحترام لفظيا ومعنويا، وفعليا نسمع بعض التجارب المؤلمة عن قدوم ابن أو ابنة على الانتحار، وعندما نغوص في الأسباب نعرف أن هناك خلل في عملية التواصل معهم، أو توفير الحب، هم يحتاجون إلى التعبير والإفصاح وإثبات وجودهم الفطري والإنساني".

وترى صدوق أن الفقر، والبطالة، والعوز، والحاجة قد تدخل البعض في مرحلة اليأس والاحباط، فأما أن يكون عدوانيا ويلجأ للطرق الملتوية كالسرقة والنصب والإدمان، أو يلجأ إلى الانعزال والانطواء، وهنا تكمن الخطورة؛ إذ يدخل في مرحلة الاكتئاب وهي مرحلة خداعة وخطرة تبدأ بالتدرج من العزلة، والانطواء، والابتعاد عن الناس، حتى تصل لمرحلة الحضيض من فقدان النظافة وفقدان الشهية للأكل وإيذاء النفس، وظهور الأفكار السوداوية والنظرة التشاؤمية للحياة.

الحب علاج

عن معالجة هذه الأسباب تؤكد صدوق أن التركيز على كيفية توصيل الحب، والقدرة على التواصل مع الأبناء والقضاء من أهم الأسباب التي تردم الفجوة القائمة فيما العائلة الواحدة؛ "لذا نحتاج للوعي والإدراك في جميع المراحل العمرية التي يمر فيها الأبناء".

إحصائيات عالمية

منظمة الصحة العالمية تقول إن 86% من حالات الانتحار تكون غالبا في البلدان منخفضة الدخل، إضافة إلى قلة الخدمات التي تقدمها مثل هذه الدول للحالات الناجية، ففي الدول المتقدمة يخضع الفرد إلى حالات علاج نفسي مكثف، بينما في الدول منخفضة أو متوسطة الدخل فيتم إخراج المرضى بعد معالجة جروحهم دون إحالتهم إلى خدمات الرعاية النفسية، وهذا قد يكون سببا في تكرار المحاولات لاحقا.