يبدو أن غالبية المصريين ينظرون بعين الرضا مع مرور 100 يوم على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي. الرضا على الأداء الامني والسياسي فقط، أما اقتصاديا فالمصري يتوجّس من المستقبل.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: بعد مرور المائة يوم الأولى لحكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بدا غالبية المصريين راضون عن أدائه الرئيسي، لاسيما فيما يخص المجالين السياسي والأمني، بينما لم يحظ بالرضا نفسه عن أدائه الإقتصادي، بسبب إستمرار تردي الأوضاع، ورفع أسعار الوقود والكهرباء، وتخفيض الدعم السلعي، ما أدي إلى زيادة الأعباء المعيشية وبخاصة الطبقة الفقيرة، غير أنهم ينتظرون ثمار المشروعات القومية الكبرى التي دشنها، ومنها قناة السويس الجديدة، وزراعة مليون فدان، وإنشاء مليون وحدة سكنية.

ووفقاُ لنتائج إستطلاع للرأي أجراه مركز بن خلدون للدراسات الإنمائية، فإن درجة الرضا العام عن أداء السيسي في أول مائة يوم من حكمه بلغت 61%، بينما بلغت نسبة المحايدين أو الحذرين 28%، ونسبة غير الراضيين 11%.

تشير النتائج إلى أن أغلب العينة التي جرى الإستطلاع عليها ترى أن الوضع الأمني والإستقرار السياسي والخدمات العامة أصبحت أفضل عما كان عليه الحال قبل تولي الرئيس السيسي حكم البلاد، بينما المستوى المعيشي وحرية ممارسة الحقوق المدنية ما زالت على نفس المستوى التي كانت عليه قبل المائة يوم.

وأظهر الإستطلاع الذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه، أن غالبية المصريين غير راضين عن أداء السيسي في المجال الإقتصادي، وبلغت نسبة غير الراضين والمحايدين 65%، وبلغت نسبة الراضين عن قراراه& الاقتصادية 23%، موزعة ما بين 8% راضي جداً و15% راضٍ.

وأشار الإستطلاع إلى أن الغالبية راضون على القرارات السياسية، بنسبة 78% تقع ما بين راضٍ ومحايد، أما باقي العينة فقد تنوعت بين 20% راضي جداً، و2% غير راضي.

وأرجع الإستطلاع عدم رضا المصريين عن الأداء الإقتصادي للسيسي، إلى "حالة الحذر التي تتلبس أغلب المواطنين تجاه التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه مصر منذ ثورة يناير 2011".

وأضاف تقرير الإستطلاع أن رفع الدعم سبب أساس في حالة السخط، وقال إن "التأرجح ما بين الصدمة التي سببتها مسألة رفع الدعم لأغلب المواطنين خصوصاً في الطبقات الاجتماعية الفقيرة وما صاحبها من خوف عدم اعتمادهم على الدولة في تدبير أمورهم بشكل كامل كما كان الحال في الماضي، خصوصاً فيما يتعلق بمصادر الطاقة والسلع التموينية، لا سيما مع الأزمة التي شهدتها وزارة الكهرباء لبضعة أسابيع فيما يتعلق بتقديم الخدمة بشكل منتظم".

ولفت إلى أن مشروع قناة السويس، بعث بعض التفاؤل في مستقبل مصر الإقتصادي، وقال التقرير: "تسبب قرار فتح باب الاكتتاب لحفر قناة السويس وإعطاء المواطنين من كل المستويات فرصة لاستثمار أموالهم مهما كانت قليلة في مشروع قومي ضخم، في تحقيق حالة من التوازن محت الإحساس بالخوف الذي تسببت فيه مسألة رفع الدعم".

بينما أرجع حالة الرضا عن قرارات السيسي السياسية إلى أن "هذه القرارات تقع في الأساس في إطار عمل الجهات المختصة في السلطتين التنفيذية والقضائية".

الرضا الأمني عن أداء السيسي، لم يقابله رضا عن أدائه الإقتصادي، لاسيما أنه استهل عهده برفع أسعار الوقود والكهرباء والغاز الطبيعي بالمنازل، للتغلب على عجز الميزانية، ولم يكتف بذلك بل ألغى الدعم على السلع التموينية جزئياً، وخفض مخصصاتها، وصار المواطن يحصل على 12 جنيهاً، بدلاً من 22 جنيها شهرياً.

ويشعر المصريون ببعض التفاؤل حيال المشروعات القومية التي دشنها السيسي، وينتظرون أن يجنوا ثمارها، لاسيما مشروع قناة السويس الجديدة، ومشروع زراعة مليون فدان، ومشروع شبكة الطرق القومية.

وقال الدكتور صلاح جودة الخبير الإقتصادي، لـ"إيلاف" إن السيسي اتخذ بعض القرارات الإيجابية والجرئية خلال المائة يوم الأولى لم يستطع رئيس سابق اتخاذها، مشيرا إلى أن من بينها: قوانين الضريبة العقارية الذي صدر عام 2008، ولم يستطع الرئيس الأسبق حسني مبارك تطبيقه، وقانون فرض ضريبة على أرباح البورصة.

ولفت إلى أن القانون الأخير تراجعت الحكومة عنه أكثر من مرة، خوفاً من إثارة غضب رجال الاعمال، الذين هددوا بسحب أموالهم وإسقاط البورصة.

وأثنى جودة على قانون ترشيد الدعم، خاصة دعم الوقود، مشيراً إلى أن أغلب الدعم كان يستفيد منه الأثرياء، بالإضافة إلى رفع الدعم بشكل تدريجي عن الكهرباء.

كما أثنى على إصدار السيسي قراراً بتشكيل لجنة الإصلاح التشريعي، مشيرا إلى أن ثمة 88 ألف تشريع وقانون تحتاج إلى مراجعة، ولاسيما القوانين الاستثمارية والاقتصادية.

ويتوقع الخبير الإقتصادي أن تساهم المشروعات القومية التي دشنها في السيسي في تنمية الإقتصاد المصري، وقال إن المشروعات الكبرى مثل قناة السويس الجديدة، سوف تساهم في أحداث نقلة كبيرة للإقتصاد المصري، لاسيما أن تمويلها مصري خالص، بالإضافة إلى توفير عشرات الآلاف من فرص العمل.

وعن درجة رضا المصريين عن خطابات وتصريحات السيسي خلال المائة يوم الأولى من حكمه، قال تقرير الإستطلاع إن "أغلب العينة بنسبة 73%، راضون عن تصريحات وخطابات الرئيس السيسي من حيث حسن اختيار توقيتها، والحفاظ على الطول المناسب للخطابات بدون إسهاب أو استطراد مبالغ فيه، فضلاً عن استعمال لغة سهلة ومصطلحات مبسطة يستطيع الجميع فهمها، كما أن أغلب الخطابات والتصريحات التي قدمها الرئيس منذ اليوم الأول لتوليه لم تحمل وعوداً وردية على غير العادة، وكانت دائماً ما تشمل خطة عمل واضحة للمواطن دور حقيقي في تنفيذها، كما أن كل خطاب أو تصريح من السيسي كان مصحوباً بفعل أو قرار عملي، ولم تكن خطابات أو تصريحات مجردة".

أجرى مركز بن خلدون الإستطلاع في الفترة من 5 إلى 17 سبتمبر/ أيلول الجاري، حول تقييم المواطنين لأداء الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المائة يوم الأولى من حكمه، مشيرا إلى أن الإستطلاع يهدف أيضاً إلى "التعرف على درجة تفاؤل المواطنين بالمستقبل السياسي والاقتصادي لمصر وما هي أولويات احتياجاتهم من الرئيس في المرحلة المقبلة".

وقالت داليا زيادة المدير التنفيذي للمركز إن "إن أغلب ردود العينة كانت تقع في منطقة محايد، وهذا يعكس أن المواطنين بالرغم من تفاؤلهم وشعورهم بالتغيير الإيجابي إلا أنهم مازالوا حذرين بشأن ما إذا كان سيستمر سهم التغيير في الصعود."

وأضافت: "لهذا تُعد التوصيات التي خرجت بها نتيجة الاستطلاع بمثابة خارطة طريق يمكن للسلطة التنفيذية – رئيساً وحكومة – الاستعانة بها في التخطيط للقرارات والعمليات الحكومية القادمة."

ويشعر المصريون بتحسن واضح في الأمن، لاسيما في ظل عودة الجهاز الأمني للعمل بقوة في الشارع، فانخفضت حالة الفوضى التي كانت تعم مصر، خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي، كما يشعر المصريون بالرضا عن دور السيسي في إعادة مصر إلى دورها الإقليمي والدولي، لاسيما في ظل التعاون البناء مع دول الخليج، وأوروبا.

وقال اللواء مصطفى منصور، الخبير الأمني لـ"إيلاف" إن المصريين يشعرون بالتحسن في الحالة الامنية، مشيراً إلى أن المصري صار بإمكانه التحرك والتجول في الشوارع والطرق السريعة بين المحافظات بمنتهى الأمان.

وأضاف أن جهاز الشرطة عاد للعمل بقوة، وتعافى تماماً. ولفت إلى أنه رغم تصاعد الهجمات الإرهابية، وتصدى الجيش والشرطة لها بقوة، إلا أن الأمن لم يغفل أو يتجاهل الأمن الجنائي، موضحاً أن جهاز الشرطة يشن هجمات متتالية على البؤر الإجرامية، بالإضافة إلى عمليات إجلاء الباعة الجائلين من منطقة وسط القاهرة، وتوفير أماكن بديلة لهم، لاسيما أنهم أثاروا الفوضى في القاهرة، وأعاقوا حركة المرور.

ووصف التعامل الأمني بأنه "حازم في مواجهة الجريمة"، بالإضافة إلى التعامل مع الملف الأمني وفق منظومة الأمن القومي، مشيرا إلى وجود تنسيق بين الأجهزة الامنية فيما بينها ونبذ أي خلافات وجعل الولاء الاعلى للدولة.

ولفت إلى أن الجهاز الأمني والجيش مستمران في مكافحة الإرهاب حتى القضاء عليها تماماً، بالتزامن مع مكافحة الجريمة الجنائية، مع الحفاظ على حقوق الإنسان.