قال ريتشارد دوكينز إن الجنس ضروري لبقاء العديد من أشكال الحياة على الأرض، لكنه قد لا يكون حتى موجودًا في أماكن أخرى من الكون.

إعداد عبد الاله مجيد: اعتبر العالم البيولوجي وعراب الملحدين في العالم ريتشارد دوكينز أن حاجة البشر إلى الجنس واحد من أكبر الأسئلة التي ظلت بلا إجابة في نشوء الانواع. واضاف: "الحاجة إلى وجود جنسين للتكاثر حاجة إشكالية، والعثور على حياة في الفضاء الخارجي يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف السبب في وجود ذكر وانثى بدلًا من وجود طائفة من الأجناس".

بلا جواب

وقال دوكينز، في مقابلة أجرتها معه صحيفة ديلي ميل: "هل يتعين أن يكون هناك جنس في عالم غير عالمنا؟ الأرجح أن تكون الاجابة بالنفي، فما يفعله الجنس ليس واضحًا على أية حال، وهو إشكالي بما فيه الكفاية".

وكان دوكينز يتحدث على هامش مهرجان ستارموس في جزيرة تناريف الاسبانية، حيث يلتقي سنويًا جمع من كبار العلماء والمبدعين. وأكد دوكينز أنه لن يراهن بثقة على وجود جنس في العوالم الأخرى خارج الكرة الأرضية، وقال: "إذا كان هناك جنس فلماذا جنسان فقط؟ لماذا لا تكون هناك ثلاثة أو أربعة اجناس؟".

وتابع العالم البيولوجي تساؤلاته قائلًا: "من الأسئلة الكبرى التي لم تُقدَّم عنها إجابة بشأن النشوء والارتقاء السؤال القائل: ما الغاية من الجنس؟". وأضاف: "اكتشاف حياة في الكواكب الأخرى يمكن أن يعلِّمنا شيئًا عن المبادئ التطورية".

نظرية مستبعدة

دعا دوكينز علماء البيولوجيا إلى التفكير في شكل الحياة الأخرى، إذا اكتشفنا اننا لسنا وحدنا في هذا الكون. وقال: "عدد النجوم بحسب التقديرات الحالية هو 10 مرفوعة للقوة 22، ويبدو أن لغالبيتها كواكب، وبالتالي فإن من الجائز القول إن عدد الكواكب يزيد على 10 مرفوعة للقوة 22، وسيبدو من الشطط أن نتنبأ بأننا الشكل الوحيد من الحياة في الكون بأكمله".

لكن دوكينز أضاف: "من جهة أخرى، إذا كان هناك كوكب واحد فيه حياة لا بد أن يكون هنا لأننا موجودون، والبديل هو أن نقول نعم نحن وحدنا في الكون، وتصديق ذلك يعني أن أصل الحياة على كوكب الأرض هو نتيجة حدث كانت احتمالات وقوعه ضئيلة إلى أبعد الحدود".

ويتركنا هذا، كما يقول دوكينز، مع نتيجة متناقضة تتمثل في أن من يحاولون معرفة أصل الحياة على هذا الكوكب يضيعون وقتهم، "فالنظرية التي نبحث عنها ليست نظرية جائزة بل مستبعدة". وأوضح دوكينز أنه إذا كانت هناك نظرية معقولة لأصل الحياة، وهي نظرية لم تُقدم حتى الآن، سيكون حينذاك "الكثير جدًا" من اشكال الحياة في الكون.

اللاجنس

وأعرب العالم البيولوجي عن اقتناعه بأن هناك الكثير من أشكال الحياة في الكون، "لكن هذا مجرد حدس، فهي قد تكون نادرة جدًا، بل قد تكون نادرة بحيث لا يوجد منها إلا مليار، وإذا كان هناك مليار شكل فقط من اشكال الحياة فإنها على الأرجح ستكون متباعدة عن بعضها البعض حتى انها لن تعرف بعضها البعض، ولن تتصل ببعضها البعض، وإذا حدث الاتصال واتصلنا بحياة أخرى، فالمؤكد أن يكون ذلك عن طريق اللاسلكي وليس باللقاء الجسدي".

ويرى دوكينز أن الجنس في كل مكان على الأرض، وهذه حقيقة لها مغزاها العميق، "لكننا نرى اللاجنس ايضًا، فاللاجنسوية تحصل حقًا وبالتالي لا يكون الجنس ضروريًا على الاطلاق، وما نراه حين ننظر إلى التوزيع في شجرة الحياة هو ظهور التكاثر من دون جنس على ما يبدو. وأضاف: "باستثناء واحد هو الكائن العضوي كليد clade، ليس هناك فرع كبير من فروع مملكة الحيوان يتكاثر افراده كلهم تكاثرًا لاجنسيًا".

دين في العوالم الأخرى؟

وتطرق دوكينز إلى المخلوقات التي قد تكون موجودة في كواكب أخرى، وتساءل عما إذا كانت بعض الحيوانات نشأت وتطورت بصورة عشوائية، أو اتبعت مسارًا مماثلًا لأي شكل من أشكال الحياة في الفضاء الخارجي.

وناقش دوكينز كيف أن العين يمكن أن تنشأ على نحو مماثل تمامًا لنشوئها في الانسان على سطح كوكب يكثر فيه الضوء، "بل أن اشياء مثل الدين يمكن أن يتقاسمها البشر مع جنس عاقل من خارج الكرة الأرضية".

وحول ما إذا كان من الجائز أن يكون للمخلوقات من الكواكب الأخرى دين ايضًا، قال: "اعتقد أن ذلك لن يكون مفاجِئًا، فالدين نشأ في كل حضارة درسها علماء الانثروبولوجيا، ومن الجائز أن يمر أي شكل من اشكال الحياة في الكواكب الأخرى بمرحلة اولية من تلمس طريقه غير واثق في الظلام اثناء تطويره ذلك النوع من التكنولوجيا القادرة على الوصول الينا".

وأضاف: "قبل أن يتوصلوا إلى حقائق مثل قوانين نيوتن العامة ونظرية آينشتاين، قد يمرون بمرحلة تلمس الطريق في الظلام، أي مرحلة الدين".

المبادئ نفسها

وقال دوكينز إن سينمائيًا يؤمن بالخالق أجرى معه مقابلة وسأله إن كانت الحياة نشأت على كوكب الأرض نتيجة تصميم عاقل وإرادة قصدية.

أجاب دوكينز "أن الطريقة الوحيدة لنشوء الحياة التي يمكن أن أُفكر فيها هي ليست الله، وهذا ما كان يريدني أن اقوله، فبذرة الحياة جاءت من الفضاء الخارجي لكني أجبت اجابة قاطعة بأني لست من المؤمنين بنظرية غرس بذرة الحياة على الأرض من الفضاء الخارجي".

وإذا كانت هناك حياة في الفضاء الخارجي، فالأرجح أنها تتبع مبادئ مماثلة لمبادئ النشوء والتطور على الأرض، برأي دوكينز.