تأتينا صور الذبح لأسرى داعش عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مؤذ وتًعرّي الإنسان من إنسانيته، علمًا أن الصورة شكّلت في الحروب والنزاعات سلاحًا فتاكًا وسلطة وتهميشًا للآخر.&
بيروت: تأتي صورة الذبح للأسرى من قبل التنظيمات الإرهابية، لتضفي أجواء الرعب، فأي دور لصور الذبح والقتل من قبل داعش وغيرها في إرساء سلطة الدولة الإسلامية ونفوذها؟
&
يقول الأكاديمي الدكتور أمين كركي لـ"إيلاف" إن الصورة في الإعلام هي سلاح فتاك، أو ربما سلطة، وسلطتها خطيرة ومخيفة، الصورة أحيانًا "تقتل" على حد تعبير المخرجة الارجنتينية آنا كاتز، والصورة ليست حياديّة على الإطلاق، هي تهميش للآخر، وتعنيفًا له.
ويضيف:"الصورة رأي، موقف، ويبدو اليوم في أحداث المنطقة أن الصورة أخذت أعنف مظاهرها، خصوصًا مع عمليات الذبح الجارية التي تأتينا صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
&
ويتابع :"لا يمكن أن ننكر أن الصورة استخدمت في الدعاية في التلاعب في التضليل في الحرب النفسية، في الوقوف إلى جانب فريق ضد "الآخر"، في تفسير جوانب من دوافع الحرب وأسبابها ونتائجها في نقل ملامح مما تسببه من مآس وآلام، وما تلحقه من تدمير وتهجير".
&
فتمطرنا بعض القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي بمئات الصور المؤذية، التي تعري الإنسان من إنسانيته والسؤال اليوم على من يقع اللوم، هل على من يقتل أو من ينقل الصورة؟
&
جدل الصورة
&
يرى الإعلامي علي الأمين في حديثه لـ"إيلاف" أن موضوع الصورة يشكل جدلاً خصوصًا في المرحلة الأخيرة بسبب ما يجري تحديدًا في سوريا والعراق، الذي فتح بابًا واسعًا لمثل هذه الأسئلة، بسبب حجم الإجرام الذي رأيناه، وحتى العمليات التي جرى تصويرها أو توزيعها &سواء من خلال الصورة الفوتوغرافية أو من خلال الفيديو تيوب، وهذه من الأمور التي كان من الصعب للمشاهد أو المتلقى أن يراها، وكانت مؤذية إلى درجة كان من الأفضل عدم التداول بها".
&
واليوم، برأي الامين لا يمكن أن نتكلم عن صحافي بحت يعمل في الجرائد والمجلات والتلفزيونات، بل هناك الصحافي المواطن من خلال المصادر الأخرى في الإعلام مثل شبكات التواصل الاجتماعي، وهي أمور صعب أن نتحكم بها ومتروكة للجمهور أن يلعب فيها دورًا أساسيًا أكثر من الصحافي في هذا الموضوع، وربما حصر الامر بالجانب الصحافي مهم، ولكن ليس هو من يحسم في هذه القضية بسبب توسع دائرة الإعلام والإعلاميين الذين أصبحوا من الجمهور العادي أو جهات سياسيّة أو غير معروفة، ولكنها قادرة أن توزع مثل هذه الصور والفيديوات المؤذية على مساحات واسعة.
&
التفنن في الإجرام
&
ويرى الامين أنه الى حد ما على المستوى الصحافي، اذا راقبنا في لبنان تحديدًا أن هناك نوعًا من الالتزام بمعايير، من خلال عدم عرض صور مؤذية، والنقاش أصبح سبب الصور المؤذية التي فيها ذبح أو غيرها، وصور القتلى مع التشويه وكأن المتلقي اعتاد عليها، اليوم نتكلم عن الصور الاكثر ايذاءًا بسبب التطورات التي نشهدها مع التفنن في الإجرام.
&
الرقابة الذاتية
&
وعلى المستوى اللبناني، يتابع الأمين، هناك إلى حد ما نوع من الرقابة الذاتية والتي تشهد حدًا مقبولاً من عدم المس بالكرامة الإنسانية، واحترام المتلقي أو المشاهد بشكل أو بآخر، وفي جميع الأحوال هناك معايير لا بد من الالتزام بها في ما خص هذه الصور، وهي إلى حد ما التقدير بأن هذه الأمور يجب أن تبقى مستنكرة، وعدم التعامل مع الموضوع بأنه أمر يمكن عرضه تلقائيًا وعفويًا.
&
ويضيف الأمين :" لا شك أن الصورة تبقى أصدق من القول لكن بإمكان الإعلاميين أن يقدموا حقيقة ما يجري من خلال المجزرة أو الجريمة من دون أن يذهبوا بعيدًا في عرض صور تفصيلية لهذا الامر، وهناك وسائل مختلفة من دون التورط في نشر صور قد تكون مؤذية ومزعجة للقارىء وخصوصًا أن المتلقي لم يعد في سن محددة، فبالتالي يجب أن يراعى هذا الأمر من خلال التعامل بحذر مع الموضوع.
&
التعليقات