كثيرة هي التحديات التي ستواجه العاهل السعودي الجديد الملك سلمان بن عبد العزيز الذي بويع ملكاً للمملكة العربية السعودية اليوم بعد الإعلان عن رحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

الرياض: ستكون الخبرة والحنكة اللتان يتمتع بهما العاهل السعودي الجديد الملك سلمان بن عبدالعزيز خير معين له على تولي المسؤولية، لا سيما وأنه قام بنجاح منقطع النظير طوال الأشهر الماضية بدور الملك بسبب مرض الأخير وغيابه عن الساحة، ومثّل المملكة في مختلف الفعاليات الرسمية.

ويمثّل انخفاض أسعار النفط عالمياً أحد أبرز التحديات التي ستواجه الملك سلمان، حيث عانت المملكة بشكل واضح من هذه المشكلة في الأشهر الأخيرة، وأثرت على خزينة السعودية التي تعتبر ثاني أكبر منتج للنفط في العالم.

وعلى الصعيد الداخلي، يبرز الجانب الأمني بقوة في التحديات التي ستواجه الملك سلمان، إذ باتت حدود المملكة في الفترة الماضية عرضة لمحاولات تسلل إرهابيين سواء من الجنوب أو الشمال، وهو ما يحتاج مواصلة تقوية الجبهة الداخلية لتأمين حدود المملكة.

السياسة الخارجية

خارجياً، لن يحيد الملك سلمان عن سلفه الملك عبد الله في ما يتعلق بالتحالفات الخارجية خصوصاً في مواجهة الإرهاب، حيث تعد السعودية من أبرز الدول التي تولي هذا الملف اهتماماً خاصاً.

كما أن الملف السوري سيكون حاضراً بقوة في أجندات الملك الجديد، ولن تختلف سياسته عن سلفه في هذا الجانب، بعدما دعمت الرياض الشعب السوري وأعلنت بوضوح وقوفها ضد الرئيس بشار الأسد بعد الجرائم المروّعة التي ارتكبها بحق شعبه.

ولعل تزامن وفاة الملك عبدالله وتولي الملك سلمان للمسؤولية مع إعلان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته مع سطوة جماعة الحوثي على مقاليد الأمور في الجار الجنوبي للمملكة، لعله يؤكد حجم التحديات التي ستواجه الملك الجديد في ما يتعلق بتأمين حدود المملكة.

ولا شك أن تلك التطورات ستلقي بظلالها على المشهد في السعودية خلال الفترة القادمة مع توقعات بتحرك سعودي لوضع حد للانفلات الذي يعيشه اليمن، خوفاً من امتداد ذلك للأراضي السعودية التي ترتبط بحدود طويلة مع اليمن.

وبخلاف ذلك سيواصل حتماً الملك سلمان نفس سياسة المملكة في ما يتعلق بدعم القضية الفلسطينية، والتقارب مع العراق، مع إمكانية إيجاد صيغة جديدة للتعامل مع إيران.

وستعين الخبرة الواسعة التي يمتلكها الملك سلمان، على الإمساك بزمام الأمور جيداً وضمان سيرها على نفس النحو الذي كانت عليه خلال فترة تولي الملك عبدالله لمقاليد الحكم، خصوصاً أنه يمتلك الحكمة والدراية التي تجلت بوضوح في العام الأخير.

أمين سر العائلة

والأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، هو الابن الخامس والعشرون من الأبناء الذكور للملك المؤسس للمملكة العربية السعودية عبد العزيز، وقد شغل قبل مبايعته اليوم ملكاً، ولاية العهد، منذ 18 يونيو 2012 وعُيّن نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع.

ويعد الأمير سلمان أحد أركان أسرة "آل سعود"، حتى أنه يوصف بأنه "أمين سر" العائلة، حيث عمل كـ"مستشار شخصي" لعدد من إخوته الملوك، الذين جلسوا على عرش المملكة. وخاض الأمير سلمان العمل السياسي عام 1954، عندما تم تعيينه أميراً لمنطقة الرياض بـ"النيابة"، عن أخيه الأمير نايف.

وفي العام التالي 1955، تم تعيينه رسمياً أميراً لمنطقة الرياض، واستمر في هذا المنصب خمس سنوات، حتى تقدم باستقالته في عام 1960، ولكن بعد ثلاث سنوات، أُعيد تعيينه بذات المنصب مجدداً، إلى أن تم تعيينه وزيراً للدفاع في نوفمبر2011، خلفاً لولي العهد "الأسبق"، الأمير سلطان.

تولى الأمير سلمان، خلال السنوات الماضية، رئاسة عدد كبير من الهيئات والجمعيات، بينها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، واللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية، ومكتبة الملك فهد الوطنية، ومؤسسة الرياض الخيرية للعلوم.

كما تولى أيضاً الإشراف على عدد من المناسبات الوطنية الكبرى في المملكة، حيث شغل موقع الرئيس الأعلى لمعرض "المملكة بين الأمس واليوم"، والذي أقيم في عدد من دول العالم، وذلك خلال الفترة من عام 1985 إلى عام 1992، ورئيس اللجنة العليا لجمع التبرعات للانتفاضة الفلسطينية الثانية، بمنطقة الرياض عام 2000، ورئيس اللجنة العليا للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية.

وخلال الأشهر الأخيرة التي غاب فيها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز عن الواجهة بسبب المرض، كان الأمير سلمان يمثل السعودية في معظم الفعاليات الرسمية، ولا سيما القمة الخليجية التي عقدت في الرياض قبل أشهر، وكذلك في القمة العربية التي عقدت في قطر.