اختتم معارضون سوريون في القاهرة اجتماعاتهم بفشل محبط وخلافات وانسحابات وبيان ختامي غير متفّق عليه، وخلا البيان من أية إشارة إلى ثورة أو مطالب أو إسقاط النظام أو مصير بشار الأسد، وجاء في الإطار العام، وتبرأت منه قوى، وتحفظت عليه قوى أخرى، وقالت إنه لا يمثلها.


بهية مارديني: قال مصدر سياسي لـ"ايلاف" ان اجتماع القاهرة بأدواته ومن اعتمد عليهم من معارضين كان خطأه الأول في توجيه الدعوات، التي خلت من أسماء كان يمكن ان يكون لها حضور، وان تساهم في نجاح المؤتمر.

لكنه أشار الى أن هذا الفشل كان متوقعًا، حيث شككت المعارضة بالحضور وطريقة توجيه الدعوات وانتقائيتها وعدم تكافؤها ونوعيات الحضور، وأنه ليس هناك أي تمثيل حقيقي للمعارضة السورية ولكل أطيافها. لكن مصدرًا معارضًا مقربًا من الجامعة العربية قال لـ"ايلاف" إن الذي تحكّم في هذه الدعوات كان هدفه إقصاء تركيا بالدرجة الأولى.

إقصاءات متعمّدة
وأضاف حاول موجّه الدعوات ان يقصي كل المحسوبين على تركيا بمن فيهم "اعلان دمشق" الذي حصل مكتبه التنفيذي على جنسية تركية في الفترة الاخيرة، رغم ان من بينهم جورج صبرا، كما أقصى موجه الدعوات أيضا المجلس الوطني السوري والمجلس الوطني الكردي وخالد خوجة رئيس الائتلاف الوطني، الذي يحمل جنسية تركية، وأقصت الدعوات كتلة التجمع الوطني في الائتلاف، التي جمعت الاخوان وميشيل كيلو ومقربين منهم، ومعظم الكتل، أي أنه اراد أيضا أن يتجاوز الاخوان المسلمين، وكل من اعتبرهم من المحسوبين على جماعة الاخوان المسلمين والمتحالفين معهم، وكل من اعتبرهم من دائرتهم او مقرب منها.

كما تجاهل الاجتماع دعوة القوى الثورية والوطنية وشخصيات ذات أطياف شتى، مثل برهان غليون، وعمار قربي، وكمال اللبواني، وحبيب عيسى، وكانت واضحة مغازلة الاجتماع لمحسوبين على رجال أعمال.

محاولة التفاف
التيار الوطني في اتصال لمكتبه التنفيذي مع "ايلاف" اعتبر أن الاجتماع لا يمثل احدًا. وقال إن المجتمعين هم ممن لا يملكون جوهر القرار أو تطبيقه، ووصف الاجتماع بأنه "محاولة التفاف على وثائق القاهرة، التي اجتمعت عليها المعارضة السورية منذ حوالى عامين"، وتساءل التيارعن جدوى هذا الاجتماع، وقال "مَن يحاور مَن في هذا الاجتماع؟".

وشدد& على أنه اذا كانت الفكرة عودة القاهرة الى الملف السوري، فيمكن عودتها، بل ومطلوب عودتها، ولكن ليس من هذا الباب. ولفت معارضون الى تمويل المؤتمر، وطرحوا اسم رجل الأعمال السوري أيمن الاصفري، الذي ارسل ممثلا عنه، وأحمد الجربا رئيس الائتلاف السوري السابق، مبررين ان وزارة الخارجية المصرية والجامعة العربية نأتا بنفسيها عن التمويل، فبدا الاجتماع ذي طيف واحد.

للإنصاف بين القوى
ودعا معارض سوري بارز الأتراك، الذين يملكون الارض والقدرة، ولديهم اكبر عدد من اللاجئين واكبر عدد من المعارضين، إلى أن يتجنبوا أخطاءهم السابقة في تقريب الاخوان المسلمين فقط اليهم، وان يتعاملوا بإنصاف مع جميع القوى المؤثرة لما فيه مصلحة الشعب السوري في إسقاط النظام.&

هذا وفشل نص (بيان القاهرة) في جمع التوقيعات، وخلا من تواقيع الأعضاء المشاركين، بسبب خلافات عميقة حول مضمونه، وانسحب عدد منهم، من بينهم هادي البحرة وبدر جاموس ونورا الامير ونغم الغادري ومحمد صبرا، وتم اختصار مناقشات اليوم، وهو اليوم الثالث، لتشمل فقط مؤتمرًا صحافيا.

وقال هادي البحرة رئيس الائتلاف السابق لـ"ايلاف" لدى سؤاله عن أسباب عدم حضوره "إن الاجتماع كان يحتاج تحضيرا جيدا". وعلمت ايلاف أن جزءا من الخلافات ان& بعض المعارضين مع تشكيل حكومة مختلطة بين المعارضة والنظام وليس مع اعلان هيئة حكم انتقالية التي نصت عليها قرارات مجلس الامن ذات الصلة لذلك حتى من بقي من المشاركين تحفظوا على البيان وخلا من التوقيعات.

طبيعته وصفة رعاته
فيما قال وسيم أبا زيد عضو المكتب التنفيذي لتيار التغيير "يجب الانتباه الى أن طبيعة المؤتمر تغيرت من (مؤتمر موسّع) إلى (لقاء تشاوري)، وذلك بسبب مقاطعة معظم المدعوين إلى المؤتمر لأسباب مختلفة، وأيضاً تغيّرت صفة الجهة الراعية من (وزارة الخارجية المصرية) إلى (المجلس المصري للشؤون الخارجية)".

وهذا هو النص الكامل لبيان القاهرة، كما وردت لـ"ايلاف" نسخة منه: عاشت سوريا في الأعوام الأربعة الأخيرة تصاعدا في العنف والتدمير وخرابا شاملا للدولة والمجتمع. وكان لإصرار السلطة منذ البداية على تجاهل المطالب الشعبية في الإصلاح والتغيير الدور المركزي في زيادة حدة العنف والتطرف والإرهاب وإغلاق أفق حل سياسي لأزمة المجتمع والدولة.

إن الأوضاع السورية تتطلب من قوى المعارضة استنهاض قواها ومؤيديها من أجل إعادة برنامج التغيير الديمقراطي إلى مكانته الطبيعية، لأنها وحدها قادرة على تخليص الإنسان السوري من آفات الاستبداد والفساد والإرهاب.

بدعوة من المجلس المصري للشؤون الخارجية، اجتمع في القاهرة جمع من القوى السياسية والشخصيات الوطنية السورية في 22-24/01/2015 من أجل التداول في الأوضاع المصيرية التي تمر بها سوريا، بهدف وضع رؤية وخريطة طريق مشتركة تعبّر عن أوسع طيف من المعارضة، وتوحيد الجهود والمساعي لإحياء الحل السياسي التفاوضي طبقا لـ “بيان جنيف” وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

بعد الإطلاع على بعض المشاريع المطروحة التي تداولتها القوى السياسية والشخصيات الوطنية قبل الاجتماع جهد المجتمعون على التوافق على ما هو مشترك فيها باعتباره الأرضية الأساس لخلق أجواء العمل المشترك والتحرك الجماعي لإنقاذ البلاد.

كما اتفق المجتمعون على أهمية اتخاذ الخطوات العملية مع مختلف أطراف المعارضة السورية على أسس موحدة ترى أن الخيار السياسي الوطني ينطلق من مقومات جوهرية أساسها الحفاظ على وحدة سورية أرضا وشعبًا، وتأكيد استقلالها واحترام سيادتها، والحفاظ على الدولة السورية بكامل مؤسساتها من خلال تنفيذ "بيان جنيف"، وخاصة البند الخاص بإنشاء هيئة حكم انتقالية مشتركة كاملة الصلاحيات، تكون مهمتها الإشراف على عملية الانتقال الديمقراطي، ضمن برنامج زمني محدد وبضمانات دولية، ضمن "النقاط العشر" التالية:

1. الهدف من العملية التفاوضية هو الانتقال إلى نظام ديمقراطي ودولة مدنية ذات سيادة، وأن الحل في سوريا هو حتماً حل سياسي وطني.

2. الاتفاق على عقد اجتماعي وميثاق وطني مؤسس لدولة ديمقراطية حديثة تؤصل الحريات السياسية والحقوق المدنية، وتقوم على مبدأ المواطنة والمساواة بين السوريين في الحقوق والواجبات والمساواة بين الجنسين وضمان حقوق كامل المكونات القومية للشعب السوري في إطار اللامركزية الإدارية.

3. يحتاج أي حل سياسي واقعي الى&الغطاء الدولي والإقليمي الضروريين، والاحتضان الشعبي الواسع، الأمر الذي يتطلب تسوية تاريخية تجسد طموحات الشعب السوري وثورته وتبنى على أساس “بيان جنيف” وبضمانات دولية واضحة مع الترحيب بالجهود الدولية المختلفة للتسوية.

4. إن عدم اتحاد جهود المعارضة كان عاملا سلبياً وسببًا من أسباب استدامة النزاع، لذلك نرى أن وحدة موقف المعارضة واجب ومطلب وطني.

5. إن انطلاق العملية السياسية يحتاج إجراءات ضرورية تتطلب من كل الداعمين لإنجاح الحل السياسي العمل المشترك للإفراج عن جميع المعتقلين والمعتقلات، والمخطوفين والمخطوفات، والتعهد باحترام القانون الدولي الإنساني، بوقف جرائم الحرب وقصف المدنيين وحرمانهم من شروط الحياة الطبيعية، ووصول الاحتياجات الغذائية والدوائية والإغاثة إلى كل المناطق المحاصرة، ورفع العقوبات الاقتصادية الجائرة التي تمس حياة المواطنين، وتأمين الشروط الضرورية لعودة النازحين والمهجرين.

6. لا بد من اتفاق مبدئي بين كل الأطراف السورية لإنهاء مختلف أشكال الوجود العسكري غير السوري من أي بلد أو طرف جاء ولأي طرف انضم، باعتبار وجود المقاتلين غير السوريين، ضاعف من حجم الكارثة ودمر وحدة النسيج المجتمعي السوري وحرم السوريين من مباشرة حل مشكلاتهم بأنفسهم.

7. إن إنجاز الحل التفاوضي سيفرض على جميع الأطراف الالتزام بمبدأ حصر حمل الدولة للسلاح، الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية، ودمج القوى المعارضة العسكرية المشاركة في الحل السياسي، مما يضمن تحول مهمة هذه المؤسسات إلى حماية استقلال وسيادة الوطن وتوفير الكرامة والأمان لكل السوريين.

8. مطالبة الشرعية الدولية بتحمل مسؤولياتها القانونية في تجفيف منابع الإرهاب، ومطالبة جميع الدول باحترام قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب، وبشكل خاص القرارين رقم 2170 و 2178.

9. إن الحل السياسي الذي يضمن التغيير الديمقراطي الجذري الشامل ويجرّم العنف والطائفية هو الشرط الموضوعي لاستنهاض وتعبئة السوريين في محاربة التنظيمات الإرهابية التي انتشرت في سوريا مهددة حاضرها ومستقبلها.

10. التحضير لمؤتمر وطني سوري يعقد في القاهرة في الربيع المقبل، وتشكيل لجنة تتابع الاتصالات مع أطراف المعارضة السورية للتحضير للمؤتمر والمشاركة فيه، والترويج لمخرجات لقاء القاهرة بالتواصل مع الأطراف العربية والإقليمية والدولية للمساهمة في الوصول إلى الحل السياسي المنشود وفق بيان جنيف.

النصر للشعب السوري العظيم في تطلعه إلى تحقيق أهدافه في الحرية والديمقراطية والكرامة، والمجد للشهداء..
&