هاجم عشرات من الوعّاظ السعوديين التدخل العسكري الروسي في سوريا، وحذروا من مغبة التدخل لحماية نظام بشار الأسد من السقوط.


أصدر 52 من رجال الدين في المملكة العربية السعودية بيانا السبت الماضي اعتبروا فيه "إن التحالف الغربي-الروسي مع الصفويين والنصيرية حرب حقيقية على أهل السنة وبلادهم وهويتهم، لا تستثني منهم أحداً، والمجاهدون في الشام اليوم يدافعون عن الأمة جميعها، فثقوا بهم ومدوا لهم يد العون المعنوي والمادي، العسكري والسياسي، فإنهم إن هُزِموا –لا قدر الله ذلك- فالدور على باقي بلاد السنة واحدة إثر أخرى".

وشدد الموقعون في بيانهم على "ان الدور الأكبر في نصرة الشعب السوري يقع على كاهل الدول السنية المجاورة لسوريا، وعلى الدول التي أعلنت بقوة وصراحة وقوفها إلى جانب الشعب السوري وأنه لا مكان للقاتل في أي حل مقبل، وعلى رأس هذه الدول بلادنا المملكة العربية السعودية، وتركيا وقطر".

ومن الملاحظ في هذه القائمة أن غالبيتهم الكبرى لهم تاريخ مع هذه البيانات والتي تأتي مع كل حدث في المنطقة بدءاً من بيانهم في التحالف ضد الاحتلال الأميركي للعراق والى (الجهاد) عام 2003 وبيانهم حول أحداث سوريا، ودعوتهم للفصائل السورية بالاتحاد وبيان آخر شارك فيه بعضهم في أحداث مصر والذي وصفوا فيه عزل مرسي بالانقلاب العسكري.

وتباينت ردود الفعل بين السعوديين حول مثل هذه البيانات، ويتناقشون إذا ماكانت تعبر عن محاولة اقحام الدين بالسياسة، في حين عدّ بعضهم أن في هذه البيانات دعوة خفية وغير مباشرة للنفير والقتال.

&إيلاف توجهت بالمحور للكاتب و المفكر السعودي منصور النقيدان ورأيه بمثل هذه البيانات فقال إن ‏"واجب الحكومة هو القبض عليهم ويحاكمون بجريمة دعم الإرهاب. واجبارهم على تقديم اعتذار لروسيا، ولكن لماذا يشعر هؤلاء بالجرأة لإصدار بياناتهم منذ سنوات من دون حساب او عقاب؟ لأن السعودية مريضة بسبب هذا الفكر العميق المتجذر، تعليمها ومساجدها ومؤسساتها".

ويستطرد النقيدان "بصراحة علينا أن نعي جيدا أن روسيا دولة عظيمة، ومن هذا المنطلق عقدنا معهم نحن المملكة العربية السعودية اتفاقيات لعقود قادمة، ونحن في حاجة لتوثيق العلاقة مع روسيا، وكسب صداقتها وصناعة حلف قوي مع مصر والإمارات ومع روسيا، أن نكسب صداقة روسيا وبوتن كما كسب الإيرانيون صداقتهم، وعلى العرب أن يستفيدوا من تجربة الروس ومن تجربة بوتن باني الأمة الروسية الحديثة، الذي انتشل امته من الحضيض ومن المهانة التي عاشها الروس لاكثر من عقد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي".

ويذهب النقيدان بعيداً بقوله: "يمكنني أن أثق بالروس ولا أثق بالأمريكيين، يمكنني أن أثق بالعلويين الذين حكموا خمسة عقود سوريا، ولا يمكنني أن أثق بشيوخ الإرهاب. على السنة أن يكونوا حذرين من التلاعب بهم، وان يكفوا عن التفكير الساذج والطفولي، أن يدركوا أي كارثة اقترفوها في حق انفسهم وتجاه سوريا. لقد خسرنا الأسد وخسرنا سوريا، وأخشى أن نخسر صداقة دولة عظيمة مثل روسيا.لقد عادينا الروس لعقود طويلة، وارتكبنا أكبر أخطائنا حينما قبلنا أن نجعل من ابنائنا وقودا لحرب الكبار للمصالح الامريكية، في افغانستان، من اجل شعب بدائي يقتل بعضه بعضا، ذهبت كل جهودنا وكل اموالنا وفلذات اكبادنا في مهب الرياح. الآن علينا ان لا نضيع الفرصة، ان نشارك في صنع التاريخ ولا نبقى متفرجين. انا لست قلقا البتة من بقاء بشار الاسد، بل قلق من ان التاريخ والمنطقة اليوم يعاد خلقها وعلينا ان نحصل على نصيبنا من الكعكة".

أما الكاتب السعودي الدكتور عبدالرحمن الوابلي برأيه بمثل هذه البيانات فأكد في مداخلة لـ"إيلاف" أن رجل الدين لم يكن يتدخل بالسياسة لولا الحرب الأفغانية مع الاتحاد السوفيتي في الثمانينات، وطالما دخل رجل الدين في السياسة فمن الصعب اعادته مرة أخرى إلى مكانه فأنت أخرجت العفريت من القمقم" .

ويواصل الوابلي "رجل الدين له أجندته الخاصة التي قد تتقاطع مع أجندة رجل السياسة لكن ليس بالضرورة أن تتفق معه , ونشاهد الآن رجال الدين على رأس الحكم في ايران وميليشياتهم تنتشر سواء في لبنان أو العراق أو اليمن، إذاً رجل الدين لايختلف عن السياسي في الطموح والأطماع السياسية" .

ويؤكد الوابلي أن "موقف رجل الدين في المملكة هو موقف مبجل ومعصوم وكثير منهم لا يساءلون عما يقولون ولذا نجد أن رجال الدين حينما يصدرون مثل هذه البيانات يرون أنه حقا ً لهم" .

وحول حديث بعض الوعاظ الموقعين على البيان بأنهم لم يدعوا للجهاد ذكر الوابلي " أن مثل هذه البيانات لو كانت موجهة فقط للحكومات دونا ً عن المواطنين لما اتهم أحد هذه البيانات أنها من أسباب النفير والذهاب للقتال في أرض المعركة"، وأضاف " ان غالبية الشعوب تنظر لرجل الدين انه انسان قدوة ولا يكذب لذا تنطلي عليهم مثل هذه البيانات والاطروحات" .&

وواصل الوابلي حديثه قائلاً " أن رجل الدين يجهل الكثير من مسببات الحروب والعلاقات الدولية وتدخلات بعض الدول في الحروب , فهو متمسك فقط بمسميات معروفة معلبة كالحرب ضد الصليبيين حرب ضد العلمانيين" .&

وعلى موقع تويتر أبدى العديد من الناشطين رأيهم ، فالمحامي &عبدالرحمن اللاحم وصف الموقعين على هذه البيان "بالبصمجية"، إذ قال: "هؤلاءالبصمجية ينتمون الى دولة لها وزير خارجية يعبر عن سياستها. واعلان الحرب على أي قوة من قبل هؤلاء البصمجية هو اختطاف لقرار الدولة واحراج لها، اضافة ً الى ذلك فإن التوقيع على بيانات جماعية يعد مخالفة قانونية وفقاً لقرار مجلس الوزراء، واذا لم يوضع حد لهذه التصرفات واختطاف دور الدولة فإن هؤلاء البصمجية سيجرون الدولة والمجتمع الى مواجهات غير محسوبة".&

وتساءل اللاحم قائلاً "إلى متى ونحن نلدغ من ذات الجحر عشرات المرات ؟ و إلى متى و نحن لا نتعظ من الماضي؟"

&&وذكر اللاحم أن ماقام به الوعاظ في البيان "ليس تعبيرا ً عن رأي بل هو دعوة لاستهداف دولة وقواتها يعني اعلان حرب وهي سلطة سيادية للدولة فقط و ادخال الدولة في حرج سياسي" .

أما الكاتب محمد آل الشيخ فقد كتب أن المقصود بهذا البيان ضمنيا "هو تحريض السعوديين"، &والمحرضون ضمنيا على جهاد الروس في سوريا يؤكدون ما كنت اقول : "المتأسلمون والدواعش منظومة واحدة، المحرضون الجناح الناعم والدواعش الجناح الصلب , ويضحكني المنطق المتناقض للمتأسلمين، يصرون على تكفير الدواعش وأنها لا تمثل الاسلام، ثم يدعون للجهاد معها ضد الروس".&

&أما الكاتب والمؤلف أحمد العيسى فكتب: "كنت أتوقع أننا تجاوزنا هذه المرحلة وتعلمنا من دروس الماضي. كيف نحارب داعش والقاعدة في الداخل وندعمهما في الخارج"؟!!

&فيما ذكر الكاتب والباحث سليمان الضحيان أن "هذا (بيان تضامن)وفي الغرب آلاف الجمعيات تصدر بيانات فيما يقع خارج دولها،من حقك نقدالبيان لكن لاتكذب لأنك تختلف معه فكريا".&

وكان ناصر العمر أحد الموقعين على هذا البيان قد غرد بعد البيان بساعات أن "بيان عدد من علماء ودعاة المملكة حول غزو الروس وإيران للشام يرسم منهجا شرعيا للتعامل معه، وليس فيه أي دعوة للذهاب إلى هناك "وقد خاب من افترى".