واشنطن: في 1987 حكم على الشاب الاميركي الاسود تيموثي فوستر المتخلف عقليًا، بالإعدام في جريمة قتل امرأة بيضاء. لكن محاميه سيقدمون الاثنين الى المحكمة العليا للولايات المتحدة ادلة تثبت الانتقاء العنصري لهيئة المحلفين حينذاك.

هذه القضية ليست عادية على الاطلاق، اذ ان الوثائق التي حصلت عليها هيئة الدفاع عن المدان، الذي ما زال مهددا بالاعدام، تبدو مروعة. فعلى لائحة المدعوين الى المشاركة في هيئة المحلفين في هذه القضية حينذاك كتب حرف "بي" امام اسماء السود، اي "بلاك" (اسود بالانكليزية).

واستبعدت كل الاسماء، التي وضع هذا الحرف امامها، خلال اجراءات تسمح للمدعي وللمحامين برفض عدد من المحلفين. وبعض قرارات الاستبعاد هذه مبررة، اي انها عرضت على القاضي للموافقة عليها، او قاطعة لا تحتاج تبريرا.

الاسوأ كما يقول ستيفن برايت المدافع عن فوستر هو ان "هذه الوثائق تدل على ان المدعي اعد لائحة +بالرفض المطلق+& -- اي اشخاص يجب رفضهم باي ثمن - وان الاشخاص الخمسة الاوائل على هذه اللائحة التي تتألف من ستة اشخاص كانوا من السود والسادس محلف اعلن بوضوح معارضته لعقوبة الاعدام".

واضاف هذا الخبير في القانون الجزائي الذي سلم عددا من الصحافيين نسخا من الوثائق قبل بداية الجلسة ان "اولوية المدعي كانت على ما يبدو رفض السود". وفي نهاية المطاف دين تيموثي فوستر باجماع هيئة للمحلفين تتألف من 12 ابيض.

عنصرية في الشرطة... وفي القضاء
هذا الموعد الجديد امام اعلى هيئة قضائية في البلاد يضع الولايات المتحدة مجددا في مواجهة مشكلة العنصرية في اختيار المحلفين في المحاكمات، وان كانت المحكمة العليا منعت رسميا في عدد كبير من قراراتها، استبعاد المحلفين لدوافع عنصرية.

وقالت كريستينا سوارنز الخبيرة في المسائل القضائية في الجمعية الوطنية لتقدم الملونين، اكبر منظمة للدفاع عن الاميركيين السود ان "المشكلة لم تختف، وما زالت قائمة في الجنوب"، حيث ما زالت الاحكام المسبقة العنصرية راسخة. واضافت "في غالبية الحالات، المدعي الذي يقوم بالانتقاء على اسس تمييزية ليس معرّضًا لاي عقوبة".

وكشف تحقيق اجري في كادو باريش في ولاية وليزيانا ان السود معرّضون اكثر من البيض بثلاث مرات لاستبعادهم من هيئة محلفين شعبية. مع ذلك تقول كريستينا سوارنز ان "دراسات اثبتت ان هيئات المحلفين المختلطة جديرة بالثقة اكثر بكثير من تلك التي تتألف من بيض فقط"، مشيرة الى ان "هيئات المحلفين المختلطة تتناقش لفترات اطول وتدرج مزيدا من الادلة، وترتكب اخطاء اقل مرتبطة بالوقائع، وعلى استعداد اكبر لتصحيح النقاط غير الدقيقة".

وفي مفارقة، يوضح روبرت دانهام مدير المعلومات حول عقوبة الاعدام لوكالة فرانس برس، ان امكان استبعاد محلفين الذي استقي من القانون الانكليزي يهدف اساسا الى حماية المتهم في مواجهة حكومة التاج. ولكن تم توسيع هذا الحق الى المدعين الذين يعرفون جيدا ان المحلفين البيض اقسى بكثير من هيئات المحلفين المتعددة الاتنية وان الاقليات اقل ميلا الى فرض عقوبة الاعدام.

وقبل جلسة استبعاد المحلفين، يجري اختيار هؤلاء على اساس استمارة طويلة من الاسئلة المكتوبة التي تسمح بتأكيد عدم اهلية الافراد المتشددين او الملتزمين بشكل كبير في القضايا. وقال روبرت دانهام ان "مؤسسات قضائية عدة تعتمد مزيدا من الرفض التلقائي في الحالات التي قد تفرض فيها عقوبة الاعدام"، مشيرا الى ان "تضافر الاستبعاد لعدم الاهلية والرفض التلقائي يؤثر على التوازن بما يضر المحلفين السود".

والنتيجة انه ما زال من الشائع ان يواجه متهمون يحاكمون في مدن يشكل فيها السود 25 و30 او حتى 40 بالمئة من السكان، هيئات محلفين جميع اعضائها من البيض. وفي الاشهر الاخيرة شهدت الولايات المتحدة قضايا عدة تعكس تجذر العنصرية لدى بعض افراد الشرطة.

وقالت كريستينا سوارنز "بما ان هذه القضايا التي ترتدي طابعا عنصريا كبيرا تصل الى المحاكم وتوضع امام هيئات محلفين، فمن الضروري وجود عملية تشمل كل المواطنين المؤهلين لاصدار الاحكام".

&