رانغون: اكدت زعيمة المعارضة البورمية اونغ سان سو تشي الخميس قبل ثلاثة ايام من الانتخابات التشريعية، التي يرجح فوز حزبها فيها انها "ستقود الحكومة"، وستتحكم بالرئاسة، وان كان الدستور يحرمها من الوصول الى اعلى منصب في البلاد.

وقالت اونغ سان سو تشي، في مؤتمر صحافي كبير قبل اول انتخابات حرة منذ ربع قرن ستجري الاحد، انه في حال فوز الحزب "ساترأس الحكومة، وسيكون لنا رئيس يعمل وفق سياسة الرابطة الوطنية للديموقراطية". وفي خطوة رمزية كبيرة، عقدت زعيمة المعارضة البورمية حائزة نوبل للسلام مؤتمرها الصحافي في المنزل الذي بقيت فيه طوال فترة خضوعها للاقامة الجبرية لـ15 عاما في العاصمة البورمية رانغون في عهد المجموعة العسكرية الحاكمة.

وجذب الحدث مئات الصحافيين المحليين والاجانب، بينما تبدو اونغ سان سو تشي، البالغة من العمر 70 عاما، في وضع يسمح لها بتولي زمام السلطة. وقالت سو تشي التي تواجه انتقادات لامتناعها عن تقاسم السلطة داخل حزبها، ولم تعيّن خليفة لها ليقود الحزب، "ساكون اعلى من الرئيس".

الخطوة الاولى التي سيقوم بها البرلمان بعد الانتخابات هي اختيار الرئيس المقبل، في عملية معقدة لن تتم قبل اذار/مارس. لكن سو تشي لا تستطيع ان تترشح لهذا المنصب بسبب مادة في الدستور تمنع وصول الذين لديهم ابناء من جنسيات اجنبية الى الرئاسة. واونغ سان سو تشي ام لولدين بريطانيين.

ويقول حزب الرابطة الوطنية للديموقراطية ان هذه الفقرة ادرجت خصوصا لمنع العدوة السابقة للمجموعة العسكرية الحاكمة من تولي الرئاسة. وتبدل وضع اونغ سان سو تشي في السنوات الاخيرة من مدافعة شرسة عن الديموقراطية الى نائبة تشغل مقعدا في البرلمان منذ الانتخابات الجزئية التي اجريت في 2012 وحقق حزبها فيها فوزا كبيرا.

ومع اقتراب الاقتراع، تبدو اشارت التوتر واضحة على السلطات المدنية. وقد اعتقل عدد كبير من قادة الطلاب في الايام الاخيرة، واودعوا السجن، الى جانب عشرات تم اعتقالهم في الاشهر الماضية. وحذرت السلطات الحاكمة من اي محاولة لتقليد "الربيع العربي". وآخر هؤلاء لين هتيت ناينغ الفار منذ اشهر، واعتقل الثلاثاء بتهم عدة، بينها المشاركة في "تظاهرة غير مصرح بها". وسيمثل امام القضاء اليوم الخميس، كما قال والد زوجته ني وين، لوكالة فرانس برس.

ولم تغلق سو تشي الباب امام تشكيل حكومة تحالف، بينما يتنافس الرابطة الوطنية للديموقراطية مع تسعين حزبا. الا انها لم توضح ما اذا كان اقتراح التفاهم الودي يشمل ايضا حزب الاتحاد والتضامن والتنمية الحاكم.

- "مصالحة وطنية" -
وقالت اونغ سان سو تشي انها تريد تشكيل حكومة "مصالحة وطنية" في ما يبدو تلميحًا الى الاحزاب القوية التي تمثل الاقليات الاتنية في البلاد وتتمتع بوزن انتخابي كبير. وتشكل هذه الاقليات من الكاشين الى الشان، اكثر من ثلث السكان.

وقامت حائزة نوبل السلام بحملة حظيت بتغطية اعلامية كانت الاوسع، وشملت تجمعات كبيرة حتى في المناطق النائية. لكن ليس هناك اي نظام لاستطلاعات الرأي يسمح بتقويم النوايا الحقيقية لثلاثين مليون ناخب. وتعود شعبية سو تشي الى التضحية بحياتها الشخصية، اذ انها لم ترافق ابنيها، وهما يكبران في بريطانيا، والى انها ابنة مهندس استقلال هذه المستعمرة البريطانية السابقة الجنرال اونغ سان، الذي اغتيل عندما كانت طفلة.

وتحدثت اونغ سان سو تشي في مؤتمرها الصحافي عن الانتقادات التي وجّهت الى تنظيم العملية الانتخابية، وخصوصا التصويت المبكر في الخارج، الذي شهد اخطاء كبيرة. وقد دان حزبها الاخطاء الكبيرة في اللوائح الانتخابية. وقالت ان العملية حتى الآن "ليست حرة وعادلة تماما" خلافا لما وعدت به الحكومة. كما ردت على منتقديها الذين يتهمون حزب الرابطة الوطنية للديموقراطية بانه لا يملك برنامجا حقيقا للحكومة، وخصوصا في مجال الاقتصاد. وقالت "مجرد انتقادي يعني انني سياسية".

وردا على سؤال عن "ابادة" اقلية الروهينغا المسلمة، التي يفر افرادها بالالاف في البحر منذ اعمال العنف ضد المسلمين في 2012، حذرت المعارضة من اثارة غضب القوميين البوذيين الذين يتمتعون بنفوذ كبير. وقالت ان "البلد بكامله في وضع مأساوي، وليس ولاية راخين فقط" في غرب البلاد، حيث يعيش اكثر من مليون من الروهينغا.

واكدت اونغ سان سو تشي ان فوز حزبها في الانتخابات سيكون مرادفا لـ"قفزة كبيرة نحو الديموقراطية". وتدين المعارضة باستمرار الاصلاحات المحدودة التي اعلنتها الحكومة التي تولت الحكم بعد السلطة العسكرية منذ 2011. وهي ترى ان جنرالات سابقين يهيمنون عليها، وهدفهم هو الدفاع عن مصالح الحرس القديم تحت غطاء تأمين انتقال هادئ.