مع اقتراب اللاجئين السوريين من العام الخامس لنزوحهم دون أن تلوح في الأفق بوادر سلام &في بلدهم، أُثير سؤال مؤخرًا في صحيفة تصدر في واشنطن لموظفي الكونغرس هو "هل سيصبح السوريون الفلسطينيين الجدد؟"


في لبنان هناك 455 الف فلسطيني مسجل لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الانروا". &ويُقدر أن 300 ألف منهم يعيشون فعلاً في لبنان، فيما تمكن الآخرون من السفر للدراسة أو العمل في الخارج.&
&
ويتعيّن على 50 الى 60 في المئة من هؤلاء الفلسطينيين أن يعيشوا في مخيمات مزدحمة بلا خدمات تُذكر رغم أن غالبيتهم ولدوا في لبنان. &ولا يُسمح لهم بامتلاك عقار وعليهم العيش في ظل قيود عديدة ومعايير اجتماعية تحدد أماكن تعليمهم وعملهم وعلاجهم. &
&
وتقول الحكومة اللبنانية إن منح الفلسطينيين الجنسية اللبنانية سيكون بمثابة إشارة إلى إسرائيل والمجتمع الدولي بأن حقهم في العودة إلى وطنهم ليس مهمًا أو ضروريًا. &
&
وتساءل فلسطيني متحدثًا للكاتبة ديانا آلن التي نشرت كتابًا عن اللاجئين الفلسطينيين: "ما جدوى ذلك في النهاية؟ &فنحن اصبحنا خبراء في البقاء فقط، وهذا كل شيء. نستطيع أن نشتري ملابس العيد لثلاثة اطفال مقابل 50 دولارًا أو نطهي وجبة على موقد غازي ذي فتحة واحدة".&
&
التوازن الدقيق
&
كما يشير اللبنانيون إلى الطبيعة الهشة لتركيبتهم "الطائفية" في الحكم قائلين إن منح الفلسطينيين الجنسية سيخل بالتوازن الدقيق بزيادة اعداد السنة.&
&
واخيرًا هناك الاعتراض على المهاجرين الذي يشترك به العالم بدعوى أن فرص العمل المتاحة قليلة اصلاً من دون مهاجرين، كما تكتب مديرة مشروع "نحن لسنا ارقاماً" بام بيلي في موقع هافنغتون بوست. مشيرة الى ان استطلاعًا أُجري عام 2013 وجد ان 50 في المئة من اللبنانيين وصفوا اوضاعهم العائلية بأنها سيئة أو سيئة جدًا. &
&
قالت الطالبة الفلسطينية، فاطمة دبدوب، التي تدرس في الجامعة الاميركية في بيروت: "انهم لا يريدوننا في لبنان ولن يجعلوا الوضع افضل". &ثم اضافت: "انهم ليسوا كلهم سيئين بل لديّ الكثير من الاصدقاء اللبنانيين الذين يتعاطفون معنا. &ولكن كتلة كبيرة تكرهنا لتخريب لبنان أو ينظرون الينا على اننا شعب غير متحضر". &والآن يعيش السوريون الواقع نفسه. &فاللبنانيون ليسوا شغوفين باللاجئين". &&
&
وإزاء مثل هذا الموقف الراسخ ضد الفلسطينيين والآن السوريين لماذا ينظر بعض اللبنانيين نظرة مغايرة الى العالم؟ &لعل في الاجابة عن هذا السؤال يكمن الحل للمستقبل سواء في لبنان أو اوروبا، حيث تتفاقم الآراء المعادية للمهاجرين. وتبين مقابلات أُجريت مع لبنانيين أن الاحتكاك بـ"الآخر" وجهًا لوجه والتفاعل المباشر معه يتسم بأهمية حاسمة.&
&
ثقوب سوداء
&
إذ قال الصحافي اللبناني المستقل، علي نائل، إنه سافر إلى الجنوب لمساعدة النازحين بعد الهجوم الاسرائيلي على لبنان عام 2006 وتعرف على فلسطينيين في عمره. &واعترف بأنه اكتشف مخيمات الفلسطينيين لأول مرة قائلا: "كانوا هناك منذ أكثر من 60 عاماً ولكنهم ليسوا موجودين بأي شكل مهم في الذاكرة الجمعية اللبنانية. &فنحن بالطبع نعرف انهم موجودون ولكننا نعتبرهم مجرد ثقوب سوداء من العنف والجريمة. &انهم قريبون جدًا ولكنهم مخفيون من نواحٍ عديد. وقد صدمني ذلك".&
&
ورددت الصحافية اللبنانية يارا حريك التي نشأت في منطقة برج البراجنة قرب المخيم الذي يحمل الاسم نفسه، ما قاله نائل، مؤكدة "كنتُ أعرف وضعهم ولكني لم اتخيّل انه سيئ بهذا القدر الى ان رأيت المخيم". &
&
اليوم اصبح لبنان موطن ما يُقدر عددهم بنحو 1.5 مليون لاجئ سوري، ترى دبدوب وآخرون في لبنان أن رفض الفلسطينيين يتكرر ضد هؤلاء مع ترسخ وجودهم في لبنان واكتسابه طابعًا دائمًا.&
&
ومثلما يُحمَّل الفلسطينيون في احيان كثيرة التجاوزات المفترضة لمنظمة التحرير الفلسطينية حين كانت تعمل في الأراضي اللبنانية، فإن التقارير التي تتحدث عن انضمام بعض السوريين اليائسين إلى جماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش أدى إلى تغيير صورتهم في ذهن الكثير من اللبنانيين من صورة "ضحايا الى تهديدات محتملة"، كما تقول لينا الخطيب مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت. &
&
نفاق ذو مردود عكسي
&
وهذا الى جانب الخوف من أن تضرب التجمعات السورية جذورًا راسخة كالمخيمات الفلسطينية هو السبب في امتناع لبنان عن تصنيف السوريين الهاربين من الحرب على انهم "لاجئون" مفضلاً ان يسميهم "نازحين". &ونظرًا لحرمان السوريين في لبنان من الاقامة في مخيمات قانونية للاجئين، فإنهم يضطرون الى العيش في مبانٍ مهجورة أو في ملاجئ موقتة لا تقيهم حرًا في الصيف ولا بردًا في الشتاء. &&
&
لكنّ هناك ثمنًا يجب ان يُدفع على المدى البعيد بسبب مثل هذه الممارسات الاستبعادية. &فإن مثل هذه السياسات التمييزية لا تؤجج الغضب والاحباط اللذين يخدمان الجماعات المتطرفة في تجنيد الغاضبين والمحبطين فحسب، بل تحرم البلدان المضيفة من روح المبادرة الفردية التي يتميز بها المهاجرون. ثم هناك التأثير السلبي الذي يتركه مثل هذا التمييز على هوية المضيفين بوصفهم افرادًا اخلاقيين.&
&
وكتبت ميرل سمث التي لها كتاب عن اللاجئين: "إن الحكم على بشر هربوا من الاضطهاد بالتعفن في محجر شطرًا كبيرًا مما تبقى من حياتهم، غير ضروري وهدر ونفاق وذو مردود عكسي وغير مقبول اخلاقيًا". &وهذا هو خلاصة القول. &
&