ينتظر أن تصدر في العاصمة الأردنية عمّان في وقت وشيك نتائج التحقيقات الأولية في "مجزرة الموقر الدموية"، التي نفذها ضابط شرطة، وراح ضحيتها 12 شخصًا بين قتيل وجريح.
نصر المجالي: صدرت تلميحات إلى عدم استبعاد "عنصر الإرهاب" في حادثة يوم الاثنين الماضي، وخاصة في بيان مجلس النواب، الذي عبّر عن استنكاره ورفضه لكل أشكال العنف والإرهاب بكل صوره وأشكاله، مهما كانت المبررات والحجج.
كما إن عائلة أحد ضحايا المجزرة، وهي عشيرة الملكاوي قالت حين نعت ابنها كمال (35 عامًا)، إن "يدًا إرهابية مجرمة آثمة اغتالته"، فيما أكدت العشيرة أنها ستبقى ضد الإرهاب والتطرف، أيًا كان مصدره ومعتقده.
ومع انتظار نتائج التحقيقات، التي ذكرت مصادر عديدة أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني يشرف عليها بشكل شخصي، كشفت شركة (دينكورب أنترناشونال) الأميركية، التي تعمل في مجال المخابرات والأمن، أن ثلاثة رجال يعملون لديها قتلوا في حادث الموقر.
هوية بعض القتلى
وأضافت الشركة في بيان نقلته (رويترز) يوم الثلاثاء، أن أحد موظفيها، الذين قتلوا في الحادث، أميركي، وآخر من جنوب أفريقيا، والثالث أردني. وذكرت الشركة أن القتيل الأميركي يدعى لويد "كارل" فيلدز (46 عامًا) من كيب كورال في ولاية فلوريدا، وهو نائب سابق لرئيس شرطة لويزيانا.
وقالت الشركة إن فيلدز بدأ العمل لديها كمستشار للشرطة في العراق في 2006، ثم عمل مستشارًا للشرطة في أفغانستان، قبل انتقاله إلى العمل في المركز الدولي لتدريب الشرطة في الأردن، حيث وقع إطلاق النار.
وذكرت الشركة أن الجنوب أفريقي، الذي قتل، يدعى كونراد فون وايتهورن (37 عامًا) من جوهانسبرغ، كان يعمل كحارس شخصي وسائق، قبل أن يلتحق بالشركة. وقالت إن اسم الأردني الذي قتل في الحادث لم يعلن على الفور "إحترامًا للخصوصية العائلية".
إدانة أوباما
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما دان حادثة قتل الأميركيين وزملائهما في مركز تدريب الموقر، فيما أعلنت السفارة الأميركية في عمّان أنها "تعمل عن كثب مع الحكومة الأردنية والأجهزة الأمنية المحلية على إجراء تحقيق كامل وشامل" في الحادثة.
ويعتبر مركز تدريب شرطة الموقر، جنوب عمّان، مركز تدريب دوليًا للشرطة، حيث تتلقى مرتبات شرطية من العراق وفلسطين وليبيا ودول أخرى، التدريب فيه، كما يتم فيه تدريب رجال الشرطة الجدد في مديرية الأمن العام، وبما يطال كل أعمال واختصاصات العمل الشرطي.
وكان مسؤولون أردنيون قالوا إن ستة أشخاص قتلوا في الحادث، وأصيب بضعة أشخاص آخرين. ومن بين القتلى الجاني، وهو ضابط شرطة برتبة نقيب، اسمه نواف السعد أبو زيد (29 عامًا)، وذكرت تقارير أنه لقي حتفه في اشتباك مع قوات الأمن الأردنية.
تصريح وزير الداخلية
إلى ذلك، قال وزير الداخلية الأردني سلامة حماد، إن نتائج التحقيق في حادثة (الموقر)، ستعلن خلال يومين، وصف حماد، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام خلال مشاركته في تشييع أحد الضحايا، وهو كمال الملكاوي بمقبرة الزرقاء، حادثة "الموقر" بـ"الأليمة"، مرجحًا أن يعلن خلال يومين عن نتائج التحقيق.. وكان الملكاوي وزميله عوني العقرباوي، مستخدمين مدنيين في جهاز الأمن العام الأردني كمترجمين.
وأوضح حماد أن التحقيقات لا تزال جارية، لافتًا إلى أنه لا يمكن التكهن بنتائجها، فيما لم يعتبر أن الحادثة "غير مسبوقة"، وأن الملكاوي هو "شهيد امتدت إليه يد الغدر".
استنكار النواب
وعلى هذا الصعيد، كما استنكر مجلس النواب الأردني، في بيان أصدره& الثلاثاء، وفقًا لوكالة "بترا"، ما وصفه بـ"الجريمة"، التي ارتكبها أحد ضباط الأمن العام ضد زملائه يوم الاثنين الماضي، مؤكدًا رفضه لكل صور العنف وأشكاله، مهما تنوعت الحجج والمبررات".
وقال المجلس في بيانه: "في ضوء الظروف الدقيقة التي تمر بها الأمة، وفي ضوء الظروف التي يمر بها الوطن العزيز، تبرز الحاجة الماسة إلى تكاتف جهود الجميع كل في موقعه، للحفاظ على مكتسبات الحمى الأردني الأشم ومنجزاته الخيرة التي هي ملك لكل الشعب الأردني النبيل والتي تحققت بجهود الجميع".
وأضاف أن المجلس يستنكر ويدين الجريمة التي ارتكبها أحد ضباط الأمن العام ضد زملائه، فيما جدد ما قال إنها إدانته واستنكاره ورفضه لكل أشكال العنف والإرهاب بصوره وأشكاله كافة مهما كانت المبررات والحجج.
كلاشينكوف
من جهة ثانية، نقلت صحيفة (الغد) عن مصادر مطلعة أمس، أن النقيب أبو زيد استخدم في جريمته سلاح "كلاشنكوف"، قام بجلبه معه من خارج المركز أثناء وصوله صباحًا إلى العمل. مشيرة إلى أنه تمكن من إدخال هذا السلاح غير الرسمي، كونه ضابطًا برتبة نقيب لا يخضع للتفتيش بحسب التعليمات المعتمدة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه أطلق من سلاحه أكثر من 70 طلقة باتجاه الضحايا، أثناء تواجدهم في فترة الغداء في المكان المخصص للغداء، وذلك قبل أن تتصدى له الشرطة وتقتله.
وحسب المصادر، فإن أبا زيد، الذي لم تظهر عليه يوم الحادثة أية علامات على إقدامه على تلك الجريمة، كان توجه إلى مكان الطعام، بعدما أدى صلاة الظهر منفردًا، متجنبًا أداءها جماعة في مسجد المركز.
سيناريوهات
وقالت الصحيفة الأردنية، إن بعض المحللين، الذين توقفوا مليًا عند موعد حدوث الجريمة، الذي صادف حلول ذكرى تفجيرات عمّان، التي نفذها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الإرهابي العام 2005، لم يستبعدوا سيناريو أن تكون الجريمة "رسالة من جهات إرهابية إلى الأردن، الذي يمتاز بدور بارز في مكافحة الإرهاب، ولتؤكد تلك الجهات رغبتها وقدرتها على استهداف الأردن، في أي وقت، وفي أي مكان".
السيناريو الثاني المحتمل، يربط الجريمة بمشكلة شخصية أو أزمة نفسية لدى النقيب أبي زيد، في ظل طلبه المتكرر سابقًا من مديرية الأمن العام قبول الاستغناء عن خدماته، وهو الطلب الذي رفضته المديرية، لكونه لم يستوفِ سنوات التزامه في خدمة الأمن العام. بحسب هذا السيناريو، فإن رفض تسريحه من الأمن العام "قد يكون أوقعه تحت تأثير ضغط نفسي، وربما دفعه ذلك إلى تنفيذ العملية".
التزام ديني
وحسب ما توافر من معلومات حول التغييرات التي حدثت على شخصية منفذ العملية، وأهمها التشدد في التزامه الديني في الأشهر الأخيرة، فأحد أصدقائه أعلن على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أن منفذ العملية أدى صلاة الفجر جماعة، يوم تنفيذ العملية.
وينشر صديق آخر على صفحته على الموقع نفسه ما قال إنها "آخر ما تم إرساله إليّ وإلى أصحابي من قبل أنور أبو زيد على الواتس اب"، حيث جاء في هذه الرسالة: "حينما نُجهز متاعًا للسفر.. نخاف أن ننسى شيئًا ولو يسيرًا.. وكلما كانت مدة السفر أطول، كان الحرص أشد، فما بالك بإقامة.. إما جنة وإما نار!".
رغم تأكيد مقربين من ذوي منفذ العملية، أن طلب إنهاء خدماته من الأمن العام، جاء بسبب رغبته في العمل في إحدى الدول الخليجية، إلا أن مراقبين يشيرون إلى أن حملة الفكر السلفي التكفيري، يحرمون من العمل في مؤسسات القطاع العام، لكونهم يكفرون الدولة، التي لا تطبّق الشريعة الإسلامية في قوانينها، بحسب رأيهم.
&
التعليقات