لم يكن المستشار الألماني السابق الذي توفي أخيرًا شخصية عادية، أو محلية، بل تخطت شهرته وإنجازاته حدود دولته لتصل إلى العالم، حتى إن شمدت نفسه كان يجهل مكانته تاريخيًا بعد رحيله متسائلًا هل سينظر إليه التاريخ كشخصية عابرة؟، حتى وصف لاحقًا بأنه آخر رجال القرن (الماضي) الذين من النادر أن يخلّد التاريخ كمثله.


إعداد عبدالاله مجيد: قبل أن يزور المستشار الألماني الراحل هيلموت شمدت آثار الأقصر التي يمتد عمرها 3000 سنة في مصر عام 1977 قام بدور أساسي في العملية التي نفذتها بناء على أوامره فرقة من القوات الخاصة الألمانية لتحرير جميع الرهائن من طائرة ركاب مخطوفة هبطت في مقديشو. لكن العملية أسفرت عن التضحية برئيس اتحاد أرباب العمل الألماني مارتن شلاير، الذي خطفه تنظيم "جناح الجيش الأحمر" اليساري المتطرف، وكانت له ارتباطات وثيقة بخاطفي طائرة لوفتهانزا. لذا أدت عملية مقديشو إلى قتل شلاير.&

مع ذلك ظل شمدت محبوبًا بين الألمان، وكانت له مكانة مرموقة دوليًا، يتمتع باحترام باريس ولندن وواشنطن. ولكن أحداث تلك الأيام بدت وكأنها على وشك أن تسحقه. إذ كان يكافح داخليًا لإبقاء عدد العاطلين عن العمل أقل من مليون، ومعدل التضخم أقل من 4 في المئة. وتساءل شمدت مازحًا بعد زيارته قبور المصريين القدماء في الأقصر عمّا إذا كان التاريخ سينظر إليه بوصفه شخصية عابرة.

أثبت هذا التقويم كونه تقويمًا خاطئًا، رغم صدوره من رجل كان مصيبًا في معظم الأحيان. إذ كان شمدت، الذي توفي في 10 تشرين الأول/أكتوبر عن 96 عامًا، أكثر من هامش في كتاب التاريخ. بل إن تاريخ ألمانيا ما بعد الحرب يدين له بفصول عدة. وما من ألماني كان موضع إعجاب واحترام في الداخل والخارج، مثلما كان شمدت في السنوات الأخيرة. ويقدم رد فعل العالم على رحيله أبلغ دليل على ذلك. فليس هناك رئيس دولة أو حكومة عمليًا إلا وأشاد بخدماته الكبيرة. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي قدم الملايين احتراماتهم بمناسبة وفاته.
&
المفارقة أن شمدت كان أقرب إلى الألمان في السنوات الأخيرة منه حين كان مستشارًا. فهو بصفته الناشر المشارك لصحيفة دي تسايت الأسبوعية واسعة النفوذ، التي انضم إليها بعد عام على مغادرته المستشارية شجب بقوة صادرات السلاح الألمانية، التي كانت تضرب وترًا أخلاقيًا حساسًا بين الألمان. كما انتقد بشدة العقوبات التي فُرضت على روسيا بعد ضم القرم، وسخر من الغرب لانجراره إلى استفزاز روسيا. وأشاد بالمستشارة أنغيلا ميركل على تعاملها الحذر مع الرئيس فلاديمير بوتين. وعارض شمدت الضابط السابق في الجيش النازي، والمسالم لاحقًا مشاركة ألمانيا في حربي كوسوفو وأفغانستان. ونال بمثل هذه المواقف تأييد الكبار والشباب.

يد طليقة
كان لشمدت رأي من كل قضية. وخلال ظهوره في ندوات تلفزيونية أو فعاليات تقيمها صحيفة دي تسايت كان الجمهور دائمًا يقف معه. وكان بمقدوره أن يفعل ما يشاء. كان يستطيع أن يشعل سيجارة أينما صادف وجوده. وكان يستطيع أن يقدم إجابات مطولة أو مختصرة عن الأسئلة التي تُطرح عليه أو يقتل السؤال بالصمت تعبيرًا عن امتعاضه من السؤال. وكان قادرًا على أن يستعرض ذكرياته بوضوح، أو يمسح أحدًا ما بالأرض في انتقادات مريرة. إذ كانت يد شمدت طليقة، لأنه كان دائمًا يستحوذ على انتباه الجمهور.&
&
لكن الشيخوخة هدَّت قواه في السنوات الأخيرة. وأصبح ثقيل السمع، يستخدم سماعات لفهم الكلام الذي يوجّه إليه، ولم تعد ساقاه قادرتين على حمل جسمه، فكان يستخدم الكرسي المتحرك في غالبية الأحيان. وفي السنوات الأخيرة لم يتمكن من استجماع قواه أو رغبته حتى للتدخين. ولم يعد شمدت صاحب ذلك الذهن الحاد، الذي قال ذات يوم "إن المرء بحاجة إلى عاطفة متقدة وسيجارة". لكن شمدت لم يكن هو الذي تغيّر في الحقيقة، بل الواقع الذي كان يصدر أحكامه عليه بثقة.&

ملك غير متوج
في عام 2007 صوّت الألمان بأن هيلموت شمدت أفضل مستشار سابق، وفي عام 2008 بوصفه أوسع الشخصيات العامة شعبية، متقدمًا حتى على أكبر نجوم السينما الألمانية. وفي عام 2013 اختاره الألمان بوصفه أهم مستشار. وأصبحت سلسلة مقابلاته مع جيفاني دي لورينزو رئيس تحرير دي تسايت التي صدرت في كتاب بعنوان "سيجارة مع هيلموت شمدت" أكثر الكتب مبيعًا.

كما سُحر الألمان بشمدت وزوجته لوكي. وكان الثنائي يكتبان ملاحظات لأحدهما الآخر كل يوم، ويتمتعان بلعب الشطرنج ضد أحدهما الآخر. وحين توفيت لوكي في أواخر 2010 بكتها ألمانيا بأسرها مع هيلموت شمدت. وقال بعد وفاتها "كنتُ حزينًا بلا نهاية، ولا شيء يمكن أن يواسيني". ولم يعترف إلا لاحقًا بعلاقة كانت له خارج إطار الزوجية. وكان ذلك في أوائل السبعينات. وعندما عرضت لوكي عليه الطلاق رفض بهلع. ويقول دي لورينز، الذي كان أقرب الناس إلى شمدت، إن المستشار الراحل كان ملك ألمانيا غير المتوج.
&
إدارة الأزمات
كان شمدت يعتبر نفسه زعيًما عالميًا، وكان يستمتع بإطلاق احكام فلسفية على العصر من دون أن يتردد في إلقاء المحاضرات على رؤساء اميركيين. لكن خلال سنواته مستشارًا من 1974 الى 1982 كانت السياسة الالمانية تتركز اساسًا على ادارة الإزمات. وكان ذلك زمنًا أخذ النظام العالمي لما بعد الحرب يتآكل فيه ببطء.

اولا، انهار نظام اسعار الصرف الثابتة بموجب اتفاقية بريتون وودس، ثم ارتفعت اسعار النفط ارتفاعًا صاروخيًا، بدد الوهم القائل بامكانية العودة الى حقبة البنزين الرخيص.& وانزلقت ولاية شمدت الى فترة من الأزمات التي وقعت في غمرة تطورات هائلة. ولم يصبح شمدت خلف المستشار فيلي براندت إلا بعد انضمام المانيا الى التحالف الأطلسي والانفتاح على الكتلة الشرقية.&

وكان توحيد المانيا يكمن في المستقبل. وكتب شمدت ذات مرة الى براندت يقول انه حُرم من "فرصة النهوض بمهمة تاريخية". لكنه منح فرص التعمير اطول من كونراد اديناور. وكلما تقدمت به السن زاد استمتاع الجمهور بالاستماع اليه. إذ هاجم "الرأسمالية الاميركية الضارية" و"جشع المدراء" وحمل على البنوك الالمانية بسبب "ادمانها على التوسع أكبر فأكبر"، وانتقد ارسال قوات المانية الى افغانستان. وتساءلت صحيفة بيلد آم زونتاغ الاسبوعية عما إذا كان المستشار السابق تحول يساريًا في شيخوخته. لكن هيلموت شمدت ظل دائما هيلموت شمدت.

صورة غير دقيقة
تعاطى شمدت مع ازمات كثيرة خلال حياته المديدة، وكان الالمان في معظم الأحيان واثقين بقدرته على حمايتهم من الأسوأ. وحقيقة ان اعصابه كانت من حديد لا تعني انه كان بلا هواجس أو مخاوف. وبعد استقالة براندت في 1974 لم يكن هناك بديل لخلافته سوى شمدت، ولم يكن هناك قيادي في الحزب الديمقراطي الاجتماعي مؤهل لتسلم المستشارية مثله، ولم يكن بينهم من اكتسب خبرة مثل خبرته في مواقع مختلفة، بما في ذلك تثقيف نفسه بالاستراتيجية العسكرية في العصر النووي. وتولى شمدت وزارات الدفاع والمالية والاقتصاد في حكومة براندت. مع ذلك تردد شمدت، وحث براندت على اعادة النظر بقراره الاستقالة. لكن المستشار المستقيل رد ببساطة قائلا "هيلموت، الآن عليك أنت ان تتسلم الدفة".

وقال شمدت لاحقا انه لم يكن قط يرغب في ان يكون مستشارًا. لكنّ لا رفاقة في الحزب ولا الشعب الالماني ولا المؤرخين يصدقونه. ورد شمدت قائلا "لكم ان تعتقدوا ما تشاؤون. فأنا من يعرف، وكنتُ خائفًا".&

شمدت والخوف لا يمتان بصلة الى احدهما الآخر، ولا يجتمعان في جملة واحدة. فهو كان رجل عمل وفعل. ومن جهة اخرى كان ينزعج من اعتباره مجرد سياسي برغماتي.& وزمجر ذات مرة قائلا "أنا، رجل عمل؟، وكأني لم اكتب ذات يوم كتابًا، أو لم أُسهم في تحليل عميق وصوغ سياستنا في مئات الخطابات والمقالات". لكنه رغم ذلك عمل كل ما بوسعه للايحاء بصورة القائد الذي يتحرك عند الضرورة من دون ان يسمح للقرارات الحزبية أو رؤى الديمقراطيين الاجتماعيين اليساريين بإخراجه عن سكوته. إذ كانت ايديولوجيته ألا تكون لديه ايديولوجيا.

استقطاب سياسي
تسببت المعركة السياسية حول وضع صواريخ نووية في الأراضي الالمانية واستخدام الطاقة الذرية في استقطاب المانيا الغربية، وأدت الى مولد حركات السلام والدفاع عن البيئة التي أطلقت احتجاجات جماهيرية كان لها تأثيرها البالغ في السياسة الالمانية.& وسرعان ما اصبح اعضاء الحزب الديمقراطي الاجتماعي موزعين بين الرغبة في الحكم والرغبة في الاحتجاج ضد مستشارهم نفسه.& وحدث تباعد بين فيلي براندت وهيلموت شمدت حتى انهما كان يعارضان احدهما الآخر.& وقال شمدت لاحقا إن اكبر خطأ ارتكبه كان السماح لبراندت بالبقاء رئيسًا للحزب.

وفي النهاية، فقد شمدت تأييد حزبه وتأييد حزب الديمقراطيين الأحرار الذي اسقط الحكومة الائتلافية بعد مشاركته فيها مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي طيلة 13 عامًا. وفي 1 تشرين الأول/اكتوبر 1982 فشل المستشار في نيل الثقة للمرة الاولى&في تاريخ البرلمان الالماني الغربي، وحل هيلموت كول من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي ينتمي الى يمين الوسط، محل شمدت.

لكن شمدت لم يستسلم بسهولة، بل القى كلمة شديدة اللهجة، شجب فيها حزب الديمقراطيين الأحرار، وخاصة زعيمه هانز ديتريش غينشر، بوصفهم خونة، مستعدين للانتقال من حكومة ائتلافية الى أخرى، كما يغيرون قمصانهم. وظل صدى التهمة يتردد سنوات بعد ذلك.

حقبة جديدة
كانت تنحية شمدت بداية حقبة جديدة. إذ انبثق حزب الخضر لاعبًا قويًا، ودخل البرلمان للمرة الاولى&عام 1983 ليصبح زعيمه يوشكا فيشر وغيره من الخضر سياسيين من نتاج شمدت ، على نحو ما.& ولعل السن تقدم به حتى انه لم يدرك زخم الحركة الشبابية.

وكان هيلموت شمدت المستشار الالماني الوحيد، الذي عاش الحرب العالمية الثانية، ضابطًا في الجيش. إذ خدم في سلاح الجو الالماني، حيث كان ضابطًا تمركز اولا على الجبهة الروسية، ثم على الجبهة الغربية.
&
وقال شمدت انه لم يكن يعلم بجرائم النازيين، ولم يسمع بمعسكر آوشفيتز، إلا بعد انتهاء الحرب. وأكد ان علاقته بالنازيين كانت بعيدة، وان هذا الابتعاد بدأ بعد إدراج فنانين كان معجبًا بهم، مثل اميل نولدة وايرنست لودفيغ كيرشنر وماكس ليبرمان، على قائمة هتلر باسماء "الفنانين المنحطين". وقال ان النازيين "كانوا مجانين فيهم خلل". اضاف انه شعر بالكآبة لاضطراره الى القتال على جبهات القتال باسم دكتاتورية كان يريد انهاءها.& ولم يتحدث شمدت بصراحة عن خبرته خلال الحرب إلا بعد ان استقال من عضوية البرلمان في عام 1986.

سر يهودي
احتفظ شمدت لنفسه بالاسباب الشخصية لمعارضته الداخلية ضد النظام النازي حتى سنوات الشيخوخة. ورفض شمدت على امتداد سنوات ان يتحدث عن حياته الداخلية، ولم يقدم على المكاشفة إلا بعد انتهاء ولايته مستشارًا. وتحدث كيف ان والده غوستاف ولد خارج اطار الزوجية لمصرفي يهودي، وان عامل ميناء اسمه شمدت تبناه. وانه كان سيُعد "نصف يهودي" بموجب قوانين النقاء العنصري النازية. ولإخفاء هذا السر عاش غوستاف شمدت سنوات الرايخ الثالث ببطاقة هوية مزورة. وعاش في خوف دائم من اكتشاف أمره.&

وتحدث شمدت باستفاضة عن قرابته باليهود لمجلة شبيغل. وقال انه عرف بوجودهم عندما اراد الانضمام الى شبيبة هتلر. وروى كيف ان والدته انفردت به واخبرته بأصل جده المصرفي اليهودي. وتنقل مجلة شبيغل عن شمدت أن والدته قالت له "لا تتحدث عن ذلك مع أي أحد، وفهمتُ أنا ابن الرابعة عشرة أن ذلك أمر خطير... وشعرتُ قطعًا بالخطر الذي يهدد عائلتي ويهددني، لكنّ صبيًا في الرابعة عشرة مثلي لم تكن لديه فكرة عمّا نشير اليه اليوم عندما نتحدث عن الاشتراكية القومية". ودمر الخوف المستمر والده نفسيًا، ولكن هيلموت شمدت قال انه نفسه نجا من الأذى.

بين جيلين
حين بدأ شمدت دراسة الاقتصاد في جامعة هامبورغ بعد الحرب، واصبح عضوًا في الحزب الديمقراطي الاجتماعي، شعر بانه ينتمي الى "جيل وقع بين جيلين"، جاءه كل شيء مبكرًا أو متأخرًا، كما تنقل عنه مجلة شبيغل.&

كان في السادسة والعشرين وخرج من الحرب من دون أي حوادث مثيرة، ولكنه شعر بأن النازيين سرقوا منه شبابه. مع ذلك نظر لاحقًا الى تلك الفترة على انها أسهمت في تربيته السياسية. وقال لكاتب سيرته بلانك "ان موقفي الايجابي مما ينبغي ان تكون عليه الدولة تطور" خلال الحرب، وان "كل اوجه الشبه بين هذا المبدأ الاشتراكي في التضامن ومبدأ الصداقة الذي عايشته خلال الحرب كان ايضًا لها تأثيرها".

شارك شمدت حين كان طالبًا في تأسيس التحالف الطلابي الالماني الاشتراكي في هامبورغ، الذي اصبح لاحقًا نواة الحركة الطلابية الراديكالية. وبصفته نائبًا لرئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي امضى سنوات في رئاسة لجنة مهمتها اعداد استراتيجية طويلة الأمد للديمقراطيين الاجتماعيين.&

وسرعان ما أصبح شمدت يقف بجانب فيلي براندت وهربرت فينر وقادة الحزب الآخرين. "ولكنه، مثل كثيرين غيره، لم يكن قادرًا على التخلص من الاحساس بأنه واقع بين جيلين"، كما لاحظ كاتب سيرته الصحافي بلانك. وتحول الاحساس لاحقا الى ظنون بأن "الأجداد والأحفاد قد يتحالفون ضد الآباء".&

رجال القرن
لسنوات عديدة كان شمدت آخر "رجال القرن"، الذين لا يظهر أمثالهم إلا نادرًا في التاريخ. إذ توفي هربرت فينر قبل براندت، وتوفي ريتشارد فون فايتسيكر الذي يصغره سنة ونصف سنة، في مطلع 2015، وايغون بار في صيف العام نفسه.&

وتُلقى هذه الأيام كلمات كثيرة في رثاء شمدت، رجل العمل البرغماتي، والسياسي الكانطي، الالماني والمواطن العالمي، الذي ربطته صداقة حميمة بالعاهل السعودي الراحل الملك فهد، رجل الدولة الذي تثير حياته وشخصيته ومنجزاته اهتمامًا كبيرًا مع الخروج باستنتاجات مختلفة. ومن المؤكد ان يُطلق اسمه على شارع في برلين، ومما لا شك فيه ان يُطلق اسمه على ميدان كبير في مدينة هامبورغ مسقط رأسه، كما تتوقع مجلة شبيغل.&

في كانون الثاني/يناير 1978 بعدما وقف شمدت مبهورًا امام الاهرامات في مصر، عاد الى بون، بفكرة بناء نصب تذكاري صغير لكل مستشار الماني. ولم يكن هذا النصب هرمًا، بل شجرة تُزرع احياء لذكراهم وتُبقي منهم شيئًا حيًا، شيئًا متواضعًا ينفع بلداً نهض من رماد الحرب. وكان بمقدور شمدت ان يختار شجرة بلوط أو تنوب شامخة، ولكنه بدلا من ذلك، اختار شجرة صفصاف حزينة باكية.