توجه بابا الأقباط تواضروس الثاني صباح الخميس إلى القدس لحضور جنازة مطران القدس والشرق الأدنى، السبت المقبل، في أول زيارة من نوعها لرئيس الكنيسة القبطية منذ عشرات السنين، بعدما كان سلفه البابا الراحل شنودة الثالث قد أصدر حظرًا على المنتمين إلى كنيسته بالسفر إلى الأراضي المقدسة بهدف الحج والصلاة.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يزور البابا تواضروس الثاني بطريرك الأقباط الأرثوذكس، مدينة القدس اليوم الخميس، عبر إسرائيل، للصلاة على الأنبا إبراهام مطران القدس والكرسي الأورشليمي.

للمرة الأولى منذ العام 1967 يزور البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الأقباط الأرثوذكس، مدينة القدس عبر إسرائيل، على رأس وفد كنسي مصري رفيع المستوى.

واجب كنسي
وقالت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في بيان لها، إن "البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية يرأس وفدًا كنسيًا يسافر إلى القدس، للصلاة على الأنبا إبراهام مطران القدس والكرسى الأورشليمي، الذي توفي أمس الأربعاء".

أضافت الكنيسة، في بيان لها، أن مطران القدس المتوفى يأتي في المركز الثاني بعد البابا في ترتيب أساقفة المجمع المقدس. ولم يسبق للبابا الراحل شنودة زيارة القدس، بل كان يمنع الأقباط من الحج إلى المدينة المقدسة، بعد قرار أصدره المجمع المقدس في 1980، احتجاجًا على إتفاقية كامب ديفيد، للسلام مع إسرائيل، وما تضمنته من بنود تنص على ضرورة التطبيع بين القاهرة وتل أبيب.

"إيلاف" علمت أن البابا تواضروس الثاني سافر إلى القدس عبر مطار تل أبيب، على رأس وفد يضم 8 من كبار قيادات الكنيسة، على رحلة طيران إير سينا رقم 054 والمتجهة إلى تل أبيب.

رافق البابا في سفره وفد يضم قيادات الكنيسة، وهم: الأنبا بيشوي مطران دمياط وكفر الشيخ، الأنبا صرابامون أسقف ورئيس دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، الأنبا يسطس أسقف ورئيس دير الأنبا أنطونيوس في البحر الأحمر، الأنبا كيرلس آفا مينا أسقف ورئيس دير مارمينا في مريوط، الأنبا ثيئودوسيوس أسقف وسط الجيزة، كما ضم الوفد القس أنجيلوس إسحق سكرتير البابا وجرجس صالح الأمين العام الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط.

المطران الأقدم
وقالت الكنيسة إن الأنبا أبراهام، الذي قضى 24 سنة مطرانًا للكرسي الأورشليمي، تمت سيامته في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 1991، مات بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز الـ 73 عامًا.

يذكر أنه بحسب التقليد المعمول به في الكنيسة القبطية، فإن مطران الكرسي الأورشليمي هو الأقدم بين مطارنة الكنيسة، بغضّ النظر عن ترتيبه الفعلي، وسط المطارنة أو الأساقفة الذين يسبقونه في السيامة. حيث ينظر إلى الكرسي الأورشليمي على أنه الأكثر اعتبارًا وسط الكراسي الأسقفية الأخرى في الكنيسة القبطية بعد الكرسي البطريركي.

وأعلنت الكنيسة المصرية مساء الأربعاء الماضي، وفاة الأنبا إبراهام الأورشليمي مطران القدس والشرق الأدنى عن عمر ناهز 73 عامًا، بعدما قضى 24 سنة، مطرانًا للقدس، وتميّز بمواقفه الصلبة ضد الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وُلد الأنبا أبراهام في محافظة سوهاج في 30 حزيران (يونيو) سنة 1943، وحصل على بكالوريوس الزراعة سنة 1964، ثم حصل على الماجستير في الأعشاب الطبية سنة 1970، ثم على الدكتوراة في النباتات الطبية سنة 1976، وعيّن أستاذًا مساعدًا للعلوم الصيدلانية سنة 1980. واتجه الأنبا الراحل إلى دراسة العلوم الدينية واللاهوت في شبابه، وحصل على درجة البكالويوس في الكلية الإكليريكية، سنة 1970، كما حصل على الماجستير في العلوم اللاهوتية سنة 1971.

التحق الأنبا أبراهام بحياة الرهبنة في ديرالأنبا بيشوي بتاريخ 5 حزيران (يونيو) 1983، وصار اسمه الراهب سدراك الأنبا بيشوي في 19 آذار (مارس) 1984، وعمل لخدمة الأقباط في سويسرا، وتم ترسيمه مطرانًا للكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 1991، وتم تجليسه على كرسيه في القدس في 3 كانون الثاني (يناير) 1992. ويعتبر مطران الكرسي الأورشليمي هو الأقدم بين مطارنة الكنيسة.

المقاطعة مستمرة
ودعت الكنيسة إلى عدم تحميل زيارة البابا تواضروس إلى القدس أية أعباء سياسية، أو النظر إليها باعتبارها قرارًا بكسر مقاطعة الأقباط للتطبيع مع إسرائيل. وقال القمص سرجيوس سرجيوس، وكيل البطريركية المرقسية، إن سفر البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، إلى القدس، هدفه تشييع جنازة الأنبا إبرام مطران القدس والشرق الأدنى فقط، مشيرًا إلى أنها "لا تعني بأية حال من الأحوال كسر قرار المجمع المقدس بمقاطعة السفر إلى القدس ما دامت تحت الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف سرجيوس، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أن الأنبا إبرام كان راهبًا في دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون باسم الراهب سدراك في بداية رهبنة البابا تواضروس، وتتلمذ البابا على يديه، وتربطه به علاقة شخصية، ويدين له بالفضل، لذلك قرر السفر إلى القدس بشكل استثنائي لتشييع جنازته.

وأشار إلى أن البابا تواضروس منذ اعتلائه الكرسي البابوي عام 2012 أكد أكثر من مرة التزامه بقرار المجمع المقدس الصادر عام 1980 بمقاطعة سفر الأقباط إلى القدس رغم معاهدة كامب ديفيد للسلام، كما أكد الأمر نفسه للرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقائهما في أكثر من مناسبة، مشددًا على أنه لن يزور القدس إلا بصحبة شيخ الأزهر. ودعا سرجيوس وسائل الإعلام إلى عدم تحميل الزيارة أكثر من معناها، وعدم إثارة اللغط حولها، قائلًا: الأمر كله لفتة شخصية من البابا تواضروس.