بعدما تم الحديث عن تعثر قضية المخطوفين العسكريين، عادت المفاوضات بين الأطراف المعنية لتسلك طريقها نحو التفاوض، ويعزو البعض سبب تأخير إطلاق المخطوفين العسكريين إلى بعض وسائل الإعلام، التي سعت نحو السبق الصحافي، على حساب مصلحة المخطوفين العسكريين.
ريما زهار من بيروت: بعدما تعثرت المفاوضات، عادت الاتصالات لتستؤنف بين الجانبين عبر الوسيط القطري، فبعدما تمسّكت جبهة النصرة في اللحظة الأخيرة، ورفعت سقف مطالبها في الربع الساعة الأخير، لجهة ضمان وصول أعداد من المسلحين الجرحى إلى تركيا، وتأمين وصول سيارات إغاثة الى مخيمات اللاجئين في الجرود، وضمانات أمنية بعد عملية التبادل، خوفًا من هجوم مباغت، كما كان حصل معها في تجربة سابقة أثناء عملية تبادل راهبات معلولا، عادت وأعلنت الجبهة على حسابها مراسل القلمون على تويتر أن المفاوضات "لا تزال جارية بشأن الأسرى العسكريين لدينا في مرحلة الترتيب، لوضع آلية جادة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وغير ذلك نعتبره مراوغة".
في ظل تعثر، ثم عودة المفاوضات في ملف العسكريين المخطوفين، يطرح السؤال حول مدى مساهمة الإعلام اللبناني في تأخير وعرقلة هذه المفاوضات عبر لهاثه نحو السبق الصحافي، وإعلانه أمورًا لم تكن في الواقع دقيقة وصحيحة.
غاية الصحافة
في هذا الصدد، يقول الأكاديمي الدكتور مفيد جمعة لـ"إيلاف"، إن السبق الصحافي يتمثل في حقيقة الأمر بالخبر الصحافي أكثر من غيره من صور الأعمال الصحافية، حيث إن الحصول على الخبر الصحافي والإنفراد به يشكّل السبق الصحافي للصحيفة أو للمؤسسة الإعلامية، ولكن ليس كل خبر صحافي يشكل سبقًا صحافيًا.
يؤكد جمعة أن "الغاية الأولى من الصحافة هي جمع الأخبار، التي تمسّ المصلحة العامة، والخبر هو الحجر الأساس في بناء الصحيفة، قديمًا وحديثًا ، ومصادر الخبر متعددة، منها الداخلي، حيث يعتمد على مندوبي الصحيفة في جمع هذه الأخبار وتزويد الصحيفة بها، ومنها المصادر الخارجية، حيث تعتبر وكالات الأنباء العالمية مصدرًا رئيسًا لجمع الأخبار الخارجية، إضافة إلى المراسلين الخاصين بالصحيفة في الخارج".
يضيف: "فالخبر الصحافي يعتبر العمود الفقري لكل الوسائل الإعلامية، لأنه يحمل في ثناياه الجديد والمتجدد من الوقائع، وينقل توضيح وتفسير وتفاصيل الأحداث، وبالتالي فإن الخبر الصحافي يمتاز بخطورته، لأنه يحمل في ثناياه المعلومات الدقيقة عن أحداث مهمة، تقع في أرجاء العالم، ويؤثر بشكل مباشر في المواقف والمصالح الدولية، كما يلعب دورًا كبيرًا في تحديد المواقف الدولية من الأحداث، من خلال مدى التأثير السلبي أو الإيجابي بأبعادها".
الدقة والتحري
يتابع قائلًا: "يجب على الصحافي عند نقله خبرًا معيّنًا، كما هي الحال بالنسبة إلى خبر إطلاق المخطوفين العسكريين في لبنان، يجب عليه أن يتوخى الدقة في نقل هذا الخبر، ويتحرى عن مدى صدقه، لأنه قد يؤدي بالتالي إلى توتر العلاقات بين الأفراد، أي أهالي العسكريين وبين الدولة اللبنانية، مما يؤثر سلبًا على المصلحة الوطنية، فالصحافي أثناء تقصيه للأخبار يجب عليه أن يكون قادرًا على الحكم على مدى صدق الخبر، وبعد ذلك يقوم بكتابته، كما إن الأخبار يجب أن تكون ذات صدقية، وتحمل الأسلوب المشوق.
ولدى سؤاله: كيف تم التعامل مع تغطية أخبار المخطوفين العسكريين من قبل بعض وسائل الإعلام اللبنانية، يجيب جمعة أن بعض وسائل الإعلام قامت بتقديم الخبر من خلال وجهة نظرها، وما يسبب ذلك من إجتزاء وتغييب للحقيقة، عبر التحليل، وليس الواقع القائم أمامنا، وهذا ما يسبب إرباكًا عند المواطن العادي، الذي هو عبارة عن متلقٍّ يريد معرفة الخبر كما هو، فليست وظيفته تحليلية وانتقاء الحقيقة، فهو يريد معرفة معلومات حول قضية معينة، ليبني على أساسها مواقفه، ومن هنا ضرورة العمل على البعد الوطني للإعلام، والمشاركة الفعالة للشعب اللبناني في قضاياه المعيشية وصعوباته، بدلًا من أن يتم استغلاله لتوجيه رأي من خلاله، وتسجيل مواقف ورسائل بعيدة كل البعد عن مصالحه، فما يحصل في بعض وسائل الإعلام اللبنانية هو استثمار واستغلال للمواطن العادي، الذي لم يعد يحصل على الحقيقة الأساسية.
&
التعليقات