يعقد قادة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي اليوم الأربعاء في الرياض قمتهم السادسة والثلاثين، التي يفترض أن تتناول الجهود التي تبذل لإنجاز تسوية سياسية في سوريا واليمن، والتحديات المرتبطة بتراجع أسعار النفط.
الرياض: من المتوقع ان تعلن القمة تأييدها لجهود توحيد مختلف اطياف المعارضة السورية، المدعومة من معظم دول الخليج، والتي تبدأ اليوم في الرياض ايضًا اجتماعًا للاتفاق على رؤية مشتركة من الحل في سوريا، تمهيدًا لمفاوضات محتملة مع نظام الرئيس بشار الاسد.
كما تأتي القمة الخليجية قبل ايام من مباحثات في سويسرا بين طرفي النزاع اليمني، الذي حصد آلاف الضحايا خلال أشهر، وحيث تنخرط دول خليجية عدة في التحالف العربي بقيادة السعودية ضد المتمردين الحوثيين دعمًا للرئيس عبد ربه منصور هادي.
يقول الباحث اليمني الزائر في مركز كارنيغي الشرق الاوسط، فارع المسلمي، لوكالة فرانس برس، "تأتي هذه القمة بينما يشهد الخليج واحدة من سنواته الاكثر دقة". ويرى وجود "تباين داخلي" بين دول مجلس التعاون، السعودية والامارات والبحرين والكويت وقطر وعمان، في ظل التحديات الامنية والاقتصادية التي تواجهها.
من ابرز هذه التحديات الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وايران، التي تجمعها علاقة خصومة وتباين مع عدد من الدول الخليجية. وسيرفع الاتفاق عن كاهل الجمهورية الاسلامية وطأة عقوبات اقتصادية دولية مفروضة عليها منذ اعوام، في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. وتنظر دول خليجية، ابرزها المملكة العربية السعودية، بعين الريبة الى تنامي نفوذ ايران في الشرق الاوسط والخليج، لا سيما في اليمن، حيث تدعم الرياض الرئيس هادي مقابل تأييد ايران للحوثيين، وفي سوريا حيث تدعم الرياض المعارضة مقابل دعم طهران للنظام.
ويرى نيل بارتريك، مؤلف كتاب عن السياسة الخارجية السعودية يصدر في الشهر المقبل، أن "التحدي الاساسي الذي يواجه قمة دول مجلس التعاون الخليجي، كالعادة، هو ضمان جبهة موحدة حيال التحديات الاستراتيجية الاساسية في المنطقة".
"دعم عام" للمعارضة السورية
تتزامن القمة مع انطلاق اعمال مؤتمر يجمع قرابة مئة شخصية من مختلف الاطياف السياسية والعسكرية للمعارضة السورية، وتريده المملكة لتوحيد المعارضة حول رؤية مشتركة حيال الحل السياسي قبل مفاوضات محتملة مع نظام الرئيس بشار الاسد.
وكانت دول كبرى، بينها الولايات المتحدة والسعودية وروسيا وايران، اتفقت في فيينا خلال الشهر الماضي على خطوات لانهاء النزاع، الذي اودى باكثر من 250 الف شخص، تشمل تشكيل حكومة انتقالية واجراء انتخابات، يشارك فيها سوريو الداخل والخارج. كما تأمل هذه الدول في عقد مباحثات بين النظام والمعارضة بحلول الاول من كانون الثاني/يناير.
وشهدت الاعوام السابقة تجاذبات وصراعات على النفوذ بين دول خليجية داعمة للمعارضة، لا سيما قطر والسعودية، للاستئثار بولاء هذه المعارضة. ويرى بارتريك ان ما يمكن ان يخرج به مؤتمر القمة الخليجية في موضوع النزاع السوري، هو الإعراب عن "دعم عام" للمعارضة.
وتعد السعودية من ابرز الدول المطالبة برحيل الرئيس بشار الاسد. واعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر ان الخيار العسكري لا يزال مطروحًا لتحقيق ذلك.
تأكيد شرعية اليمن
وفي اليمن، تقود السعودية منذ آذار/مارس الماضي تحالفًا عربيًا بدأ بتوجيه ضربات جوية ضد المتمردين الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، قبل ان يقدم بدءًا من الصيف دعمًا ميدانيًا مباشرًا لقوات عبد ربه منصور هادي.
وتشارك الدول الخليجية في هذا التحالف، باستثناء عمان، التي شاركت في التوسط لانهاء للنزاع الذي اودى بقرابة 5700 شخص منذ آذار/مارس ووفرت مكانًا للقاء المتنازعين. ويقول بارتريك انه يفترض "توقع القليل جدًا في ما خص اليمن"، مرجحًا أن تعيد الدول الخليجية تأكيد دعمها للقوى "الشرعية".
وترعى الامم المتحدة جولة جديدة من المفاوضات بين طرفي النزاع اليمني في سويسرا في 15 كانون الاول/ديسمبر الجاري، يمكن ان تترافق مع وقف لاطلاق النار بين الجانبين.
وترى الباحثة في شؤون الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في "تشاتم هاوس" جاين كينينمونت أن صراع النفوذ بين دول الخليج اضعف قدرتها على العمل الجماعي لمواجهة الازمات الاقليمية. وتضيف: "هم في حاجة الى خطاب مشترك اكثر وضوحًا تجاه تهديدات اقليمية محورية"، مشيرة الى ان التعاون بين الدول الست تركز خلال الاعوام الماضية على الشؤون الاستخبارية والامنية، بدلاً من تحقيق اندماج اكبر في ما بينها، الذي كان احد الاهداف الاساسية لتشكيل المجلس.
تحديات نفطية
على المستوى الاقتصادي، تواجه الدول الخليجية التي تعتمد بشكل اساسي على مداخيل تصدير النفط، الانخفاض الكبير الذي يطاول اسعاره منذ العام الماضي. وتعتبر كينينموت أن هذا الانخفاض "يجب ان يجعل قادة دول مجلس التعاون يركزون" على الاندماج الاقتصادي وتطوير البنى التحتية المشتركة.
وخسر برميل النفط اكثر من خمسين بالمئة من سعره منذ حزيران/يونيو 2014. وسجلت اسعاره الثلاثاء اكبر انخفاض لها منذ سبع سنوات بسبب تخمة العرض وضعف الطلب.
وبدأت دول خليجية باعتماد اجراءات تقشف محدودة، في ظل انخفاض اسعار النفط، مع توقع صندوق النقد الدولي انخفاض عائدات هذه الدول بنحو 275 مليار دولار هذه السنة.
&
التعليقات