تدخل "إيلاف" "مركز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجيش الاسرائيلي"، وهي وحدة تهتم بكل ما يتعلق بالحروب الافتراضية والتصدي للقرصنة وشنّ الهجمات السيبرنية. ويقول المسؤولان عن إدارة هذه الوحدة إن باستطاعة إسرائيل اليوم شل عمل اي دولة عن طريق محو كل البيانات في كل المؤسسات واغراقها في الظلام عن طريق كبسة زر واحدة!


مجدي الحلبي من تل أبيب: تدخل "إيلاف" الى اكثر المراكز حساسية في الجيش الاسرائيلي، الى مركز عصب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في قلب مدينة تل ابيب، وهو مركز حساس يقع في قلب حي سكني مكتظ.

وتم الدخول بعد تنسيق مع الجهات المختصة، بلقاء مع الرائد اورن والنقيب روتم وهما من المسؤولين عن كل ما يتعلق بتقنيات المعلومات والاتصالات المحوْسبة داخل الجيش الاسرائيلي.

وما لاحظته "إيلاف" هو أن هناك شبكة انترنت خاصة للجيش لا علاقة لها بالشبكة العنكبوتية العالمية، ولكن هناك مناطق ومراكز تابعة للجيش لها اتصال بالشبكة العالمية وهنا تكمن الاخطار بحسب النقيب روتم الذي يقول إنّ الدواعي الأمنية وراء عزل الشبكة العسكرية عن الشبكة العالمية في الانترنت.

ويقول الرائد اورن ان هناك من يحاول اختراق الشبكات المدنية للوصول الى الشبكة العسكرية.

سيناريوهات

تخيلوا دولة كاملة يتم شلها عن طريق الحاسوب او تخيلوا ان هناك من قام بمحو كل بيانات البنوك في هذا البلد او ذاك او تخيلوا ان هناك من قام بشل كل المرافق الحيوية لشركة كهرباء دولة اسرائيل او قام بشل حركة القطارات دون اي هجوم صاروخي!

هذه سيناريوهات يتعامل معها قسم تنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجيش الاسرائيلي.

يقول الرائد اورن لـ"إيلاف": اليوم من يملك القدرة الانترنيتية على شل الجانب الاخر عن طريق النت واجهزة الاتصال سواء كان دولة او منظمة او مؤسسة وبدون ان يتم معرفته، فهو الاقوى في العالم، وهذا هو ميزان الرعب الجديد فان احدا لا يريد ان يستقيظ صباحا ليجد ان بياناته كلها قد اختفت من العالم او ان بيانات البنك الذي يتعامل معه لم تعد موجودة".

يضيف الرائد: "هذا حدث فعلا عندما قامت روسيا بمحو الداتا، اي اسس المعلومات لجورجيا قبل عدة سنوات كما ان ادخال فيروس "ستوكسنت" الى المنشأت النووية الايرانية تعتبران في عالم الاتصالات والشبكة العنكبوتية من المراحل التي اسست لميزان الرعب الجديد.

وفي عام 2009 و2010، هاجم فيروس افتراضي خبيث المنشآت النووية الإيرانية، وتسبب في إلحاق أضرار بها، ويتمتع هذا الفيروس بقدرة على التسلل وإعادة برمجة الأنظمة التي تعتمد على "ويندوز".

هجوم ايراني

إسرائيل واجهت هجوما ايرانيا شرسا جدا بحسب الرائد اورن، والذي أكد أن إيران هاجمت منشآت حيوية اسرائيلية خلال عملية "الجرف الصامد" الاخيرة في غزة وادت الى الى خسائر كبيرة جدا، رافضا الافصاح عن اسم المنشآت تم استهدافها.

وقبل عدة سنوات، تعرضت اجهزة الاتصالات الاساسية لاحد البنوك الكبرى في اسرائيل لهجوم، وتم شل عمل البنك لمدة اسبوع ويشار في هذا السياق إلى ان اسرائيل لم تعلن حينها عن ان ايران هي من استهدفت البنك وشلت عمله وقد تركت هناك بصمة لتقول ان باستطاعة ايران عمل ما تقوم به اسرائيل في اشارة الى ان ذلك انتقاما لاختراق اسرائيل لاجهزة حاسوب ومركز اتصالات المنشآت النووية الايرانية.

الحماية من الاختراق

النقيب روتم قال لـ"إيلاف" ان اسرائيل تعمل على التدرب دائما من خلال هذا المركز الذي يديره على حماية المؤسسة العسكرية من الاختراق وايضا على حماية منشآت ومؤسسات مدنية مثل البنوك وشركة الكهرباء ومرافق مدنية حيوية، حيث يقوم ضباط من الجيش بالعمل الى جانب تلك الشركات لمواجهة الاختراقات والقرصنة.

ويضيف النقيب ان هناك مئات المحاولات يوميا لاختراق وقرصنة مؤسسات مدنية في اسرائيل.

وردا على سؤال إيلاف حول امكانية أن تقوم إيران أو غيرها بإختراق وقرصنة مواقع الاتصالات للجيش الاسرائيلي، يجيب: "نظريا ممكن، لكن عمليا هذا لم يحدث ولن يحدث، لاننا دائما نتدرب على اختراق منظومتنا ونعمل على الحماية يوميا عن طريق محاولات القرصنة والاختراق".

السلاح الأقوى

تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجيش الاسرائيلي هى اليوم احدى اهم اذرع الجيش الاسرائيلي، حيث تم مؤخرا ربط كل الاذرع القتالية برا وجوا وبحرا بشبكة واحدة تمنح المقاتل او الجندي الاخير في الحلقات، الحصول على المعلومة الامنية والاستخباراتية والعملية في لحظة حصولها لكي يتخذ قراره الاصح عند الحاجة.

ويقول الرائد اورون إنّ "الشبكة الواحدة" تم تجربتها بنجاح في عملية الجرف الصامد الاخيرة واتت بثمار جيدة بحسب اقواله في مجال ربط الجميع في نفس اللحظة بالمعلومات اللازمة لتنفيذ العمليات فكل ضابط او طيار او قائد سفينة حربية او ظابط فرقة على الحدود لديه جهاز مربوط بالشبكة ويستطيع تلقي المعلومة والعمل بموجبها لحظة بلحظة، وان الامر قد يمنع تقاطع صلاحيات او اشتباكا بين الفرق المختلفة عن طريف الخطأ، أو ما يسمى بـ"النيران الصديقة".

الرائد اورون والنقيب روتم اكدا ان هناك من يحاول جاهدا اختراق الشبكة العسكرية عن طريق مهاجمة الشبكات المدنية المرتبطة بالشبكة العسكرية، علما ان غالبية المرافق المهمة في اسرائيل تحظى بدعم وحماية لوجستية وتكنولوجية من الجيش الاسرائيلي ومن شعبة تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في تل ابيب.
&
معارك افتراضية

دخلنا الى قاعة كبيرة جلس فيها عدد من الجنود والضباط امام شاشات حواسيبهم، وقاموا ببعض الاعمال والنقر على لوحة المفاتيح واتصلوا هنا وهناك وعندما سألنا عما يقومون به، قالوا لنا انهم "فرقة الهجوم" اي يقومون بمهاجمة الشبكة العسكرية ليفحصوا جهوزية فرق الحماية.

عندها انتقلنا الى قاعة اخرى، رأينا فيها بعض الجنود والجنديات يقومون ايضا بالعمل على الحاسوب حيث تم الاعلان عن قرصنة وباشروا العمل على منع الاختراق على الشبكة حيث استمرت هذه "المعارك" لمدة عشر دقائق تم الاعلان بعدها عن خلو الشبكة من القراصنة.

باستطاعة اسرائيل ان تخترق اي حاسوب او مركز اتصالات اي دولة او مؤسسة او منظمة في العالم فاسرائيل اليوم تصدر للعالم خبراء الحاسوب وتكنولوجيا الاتصالات.

وتعتبر اسرائيل من اقوى الدول في اطلاق مشاريع التطوير على الشبكة الانترنت وخبراء اسرائيل هم من يطورون افضل واخطر البرامج للحماية والقرصنة في العالم وجميهم خدموا في هذا المركز او في مركز الاستخبارات الشهير 8200 وهو المركز المختص بجمع المعلومات من كل مكان تقريبا بكل الوسائل المعروفة وغير المعروفة، ومركز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يوفر لمركز 8200 الشهير كل الامكانات لجمع المعلومات الحيوية بسرعة وبدقة وبدون ترك بصمات، بحسب المسؤولين العسكريين الاسرائيليين.
&
العودة للطرق القديمة

&
بسؤالنا من جديد عن احتمال شلّ حركة الجيش الاسرائيلي أو مسسات الدولة افتراضيا، يقول المسؤلان إنّ ذلك ممكن نظريا، لكن عندما تتعقّد الأمور وتصبح خطرة للغاية، فإنّ المشرفين على المركز، يهيرون العودة إلى ما سموها"الطرق القديمة"، أي غلق الشبكة لساعات او لايام ونعود للاسلكي والطابعة اليدوية والكتابية اليدوية وربما لارسال اشخاص لنقل الرسائل او المعلومات ولكن هذا لا يستمر طويلا والامر يضر بفاعلية الجيش الذي بني على هذه المنظومات الحديثة حيث طورنا ايضا تطبيقات خاصة بالشبكة العسكرية تشبه التطبيقات المدنية كي نسهل عمل الوحدات المختلفة وعدم زج كم هائل من المعلومات لكل فرد ومنحهم الاختيارات الملائمة لمهماتهم العسكرية، على حد تعبيرهم.

ويقول كل من الرائد والنقيب: "الاقوى هو من يملك القدرة التكنولوجية والمعلوماتية والبرامج المتطورة في الحاسوب والشبكة العنكبوتية والذي يستطيع ان يشل دولة اخرى او منظمة او مؤسسة دون ترك بصمات... فالعالم اليوم هو عالم افتراضي وكل شيء محوْسب وموجود على الشبكة والرجوع الى الوراء مستحيل لذلك ميزان الرعب تغير من السلاح النووي الى سلاح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واسائيل تمتلك الخبراء الافضل بالعالم في هذا المجال، بحسب الضابطين.