حذرت منظمات تعني بالمساعدات من تفاقم الاوضاع الانسانية في شمال سوريا حيث يكثف الروس ضرباتهم الجوية ما يؤدي الى عرقلة وصول المساعدات الى المحتاجين لها، وذكرت هذه الوكالات إن الضربات تستهدف مخابز ومستشفيات وتقتل عددا متزايدا من المدنيين او تصيبهم.
ميسون أبو الحب: نقلت واشنطن بوست عن هذه منظمات ووكالات انسانية قولها ان الهجمات الجوية تزايدت بشكل ملحوظ منذ ان اسقطت تركيا طائرة حربية روسية في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) حيث ردت روسيا على هذه العملية بتصعيد جهودها لسحق المعارضة المناوئة للحكومة السورية في المناطق القريبة من الحدود التركية والتي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
ومن بين الاهداف التي تستهدفها الهجمات المعابر الحدودية والطرق السريعة المستخدمة لايصال المساعدات الانسانية من تركيا الامر الذي يجبر وكالات الغوث على وقف عمليات الاغاثة او تأجيلها ما يعني تعميق ازمة ملايين الاشخاص الموجودين في هذه المناطق، حسب تقرير صدر هذا الشهر عن مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية.
استهداف المستشفيات
وذكر التقرير ان المستشفيات والمنشآت الصحية تتعرض هي الاخرى الى هجمات مما يحد من توفر الرعاية الصحية للمصابين جراء القصف وجاء في تقرير الامم المتحدة ان القصف الروسي اصاب ما لا يقل عن 20 منشأة صحية في سوريا منذ بدء موسكو عملياتها الجوية في 30 ايلول (سبتمبر).
⅕ الكمية
وقال راي ماكغراث مدير فرع وكالة المساعدات الاميركية ميرسي كوربس في تركيا وشمال سوريا "هذه ازمة انسانية بدأت تتفاقم، الناس هناك يعانون كثيرا ولا يتوفر لهم اي نوع من الحماية". يذكر ان ميرسي كوربس واحدة من اكثر الوكالات نشاطا في مجال تقديم المساعدات في شمال سوريا غير انها لم تستطع ايصال غير خمس الكمية التي توصلها في العادة الى المحتاجين، منذ بدء القصف الروسي، حسب قوله.
وقال ايضا "نلاحظ ايضا تزايدا ضخما في الخسائر البشرية بسبب كثافة القصف" ثم اضاف "ما كنا نتخيل ان تسوء الامور في سوريا اكثر مما كانت، ولكن هذا ما حدث".
هذا وقد صعدت روسيا في الاسابيع القليلة الماضية هجماتها في مناطق شرق سوريا والتي يسيطر عليها تنظيم داعش غير ان مسؤولين عسكريين اميركيين وعمال مساعدات وحتى تقارير عسكرية روسية يشيرون الى ان اغلب الضربات تركز على شمال غرب البلاد في مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في اللاذقية وحلب وادلب.
وتقع هذه المناطق تحت نفوذ تشكيلة من جماعات المعارضة منها المعتدلة التي تتمتع بدعم الولايات المتحدة ومنها جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا.
لا ملاذ
يعيش في هذه المناطق ايضا ملايين الاشخاص وقد تشرد منهم حتى الان مئات الالاف بسبب القتال وكثيرون منهم يعتمدون على المساعدات الانسانية للبقاء.
وقد ادى القتال المتصاعد مع تكثيف القصف الروسي الى تشريد 260 الف شخص، حسب مسؤول في الامم المتحدة في جنوب تركيا تحدث دون الكشف عن هويته.
ولكون تركيا تتعرض الى ضغط لوقف دفق اللاجئين على اوربا قامت بفرض قيود على دخول السوريين الى اراضيها ما ادى الى تجريد هؤلاء من ملاذهم الاخير، حسب قول نديم حوري من منظمة مراقبة حقوق الانسان، واضاف "انهم ينتقلون من مكان الى آخر بحثا عن الامان، ولكن ليس هناك اي مكان يمكن اللجوء اليه…. الوضع سيئ للغاية".
هجمات منتظمة
ورغم ان من المستحيل التحقق من كون استهداف المدنيين يحدث بشكل متعمد، يقول عمال مساعدات إن الهجمات على مؤسسات مدنية تتكرر بشكل منتظم بحيث تعطي هذا الانطباع.
وذكر تقرير الامم المتحدة إن مواقع معينة تم استهدافها منذ بدء الحملة الروسية منها سيلو لخزن الحبوب في محافظة ادلب وعشرة مخابز توفر الخبز ل 200 الف شخص على الاقل وعدد من الطواحين والمستودعات لخزن الطحين.
وفي منطقة حلب التي يسيطر عليها داعش تم قصف محطة لاسالة الماء وهناك الان 1.4 مليون شخص دون ماء.
وتعرضت منطقة يتجمع فيها سواق شاحنات من تركيا قرب معبر باب السلامة الى القصف 3 مرات على مدى خمسة ايام ما ادى الى وقف ايصال المساعدات الانسانية. وتوقفت ايضا التجهيزات التجارية بالاغذية والوقود ولوازم ضرورية اخرى، حسب قول مسؤول الامم المتحدة. ويبدو ان الطائرة الحربية التي دمرت طاحونة لانتاج الدقيق ومخبزا يوفر الخبز ل 50 الف شخص في بلدة سراقب في محافظة ادلب في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) لم تدمر اي شئ آخر في طريقها غير هذه المواقع، حسب قوله.&
واضاف "من المؤكد ان الامر متعمد، كان هذه عملية استهداف دقيقة".&
اطباء بلا حدود
ومن بين المنشآت الطبية التي تعرضت الى القصف منذ بدء التدخل الروسي هناك 12 منشأة في شمال سوريا تدعمها منظمة اطباء بلا حدود حسب قول بابلو ماركو، المكلف ببرامج المنظمة في سوريا. ولا يعتقد ماركو ان هذا القصف حدث بمحض الصدفة.
وأضاف "من المؤكد ان من المستحيل التأكد من ان الاستهداف مقصود ولكن تكرر قصف المستشفيات او المناطق القريبة من المستشفيات يكفي لإظهار انهم يستهدفون المستشفيات بالفعل".
الطيران السوري ايضا
وعلى اية حال، وحسب ما لاحظت صحيفة واشنطن بوست فإن استراتيجية استهداف بنى ارتكازية مدنية ليس بالامر الجديد فالطيران السوري سبق ان استهدف المخابز والمستشفيات والاسواق بشكل منتظم خلال السنوات الاربع الماضية. ولكن التدخل الروسي اضاف الكثير علما ان الطيران الروسي اكثر تطورا واكثر دقة في القصف وفي الاستهداف، حسب قول مسؤول الامم المتحدة.
هذا ولم يؤد التدخل الروسي حتى الان، الا الى تحقيق مكاسب محدودة على الارض بالنسبة للقوى الموالية للرئيس بشار الاسد الذي يحاول الاستفادة من القدرات الجوية الروسية.
وقال آرون لاند من مؤسسة كارنيجي إن نشر الفوضى والمعاناة في مناطق موالية للمعارضة يؤدي الى تقويض الدعم الذي تحصل عليه المعارضة والمهم لبقائها علما ان اصول اغلب المقاتلين من المناطق التي يحاربون فيها وهم يعتمدون على المخابز والمنشآت الطبية حالهم في ذلك حال اقاربهم من المدنيين.
شك في تسوية
هذه الهجمات واعمال القصف تلقي بظلالها على عملية السلام التي اطلقها قادة العالم في محادثات في فيينا الشهر الماضي، حسب قول يان ايجلاند، امين عام المجلس النرويجي لللاجئين وهي احدى المنظمات التي اوقفت مساعداتها وعملياتها في شمال سوريا بسبب الهجمات.
وحذر ايجلاند من تفاقم البؤس والوضع المزري في سوريا مع تزايد انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء وقال "لا ملاذ ولا مكان آمن يلجؤ اليه المدنيون. المدارس والاسواق والمخابر تتعرض الى القصف والنساء والاطفال يتعرضون الى اطلاق النار"، ثم اضاف "نخشى ان يؤدي التدخل العسكري المكثف الى تقويض الامل مرة اخرى في محادثات سلام حقيقية".
التعليقات