تشهد المفاوضات السداسية حول سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم تعثرًا واضحًا، لاسيما في ظل وجود خلافات جوهرية بين مصر وإثيوبيا حول الإستمرار في بناء السد، قبل الإنتهاء من الدراسات الاستشارية التي تحدد مدى الضرر على حصة مصر من المياه.
القاهرة: مع انتهاء اليوم الثالث من المفاوضات السداسية حول سد النهصة في مدينة الخرطوم، بدا واضحاً أن الخلافات بين مصر وإثيوبيا عميقة جداً، ويعجز الطرفان عن تخطي تلك الخلافات، وعلمت "إيلاف" أن وزراء الخارجية والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا عقدوا جلسة جديدة من المفاوضات في الخرطوم، دون التوصل إلى اتفاق واضح.
وتتركز الخلافات بين مصر وإثيوبيا على عدة نقاط، منها: ضرورة إيقاف العمل في بناء سد النهضة حتى يتم الإنتهاء من الدراسات الاستشارية التي ستحدد مدى الضرر الذي سيقع على مصر جراء السد، وهو ما تطالب به مصر، بينما ترفض إثيوبيا هذا الطلب، وتصر على الإستمرار في البناء.
وترفض مصر حجز المياه وراء السد من الآن، دون أن يتم الإنتهاء من الدراسات، بالإضافة إلى خلافات عميقة حول السعة التخزينية للسد، وتطالب مصر بزيادة عدد فتحات السد، بينما تقول إثيوبيا إنها ستنظر في الطلب المصري.
واتفق الطرفان المصري والإثيوبي على اختيار المكتب الفرنسي "إرتيليا" لتنفيذ الدراسات الفنية للسد، بدلاً من المكتب الهولندي المنسحب "دلتارس"، على أن يتشارك المكتب الفرنسي الجديد مع المكتب الفرنسي "بى آر إل" العمل في إجراء الدراسات.
وتختلف الدولتان حول مدة تنفيذ الدراسات الفنية المطلوبة لسد النهضة، تم الاتفاق مؤخراً على ألا تتجاوز 9 أشهر وليس 11 شهرا، على أن ينفذ المكتب الفرنسي، "ارتيليا" 30% من الدراسات المطلوبة للسد مقابل 70% للمكتب الفرنسي "بى آر إل".
جولة جديدة
واتفق وزراء الخارجية والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا على عقد جولة جديدة من المباحثات بعد 15 يوماً فى الخرطوم. فيما اقترح الرئيس السوداني عمر البشير، تشكيل لجنة ثلاثية عليا تضم قادة الدول الثلاث لبحث التنمية وتطوير العلاقات بما في ذلك مصلحة الشعوب الثلاثة.
وغادر وزير الري المصري المفاوضات، وقال المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصري السفير أحمد أبو زيد، إن عودة وزير الموارد المائية والري للقاهرة، جاءت نتيجة لارتباطات رئاسية مسبقة، تتعلق بافتتاح مشروع المليون ونصف مليون فدان في منطقة الفرافرة، مشيرًا إلى أن أعضاء الوفد المصري برئاسة وزير الخارجية يواصلون حاليا مفاوضاتهم بمشاركة الجانبين السوداني والإثيوبي، لمناقشة بقية الموضوعات والنقاط العالقة التي لم يتم التوصل لاتفاق بشأنها.
وأعرب المتحدث الرسمي للخارجية المصرية عن أمله في توصل الوفود الثلاثة لاتفاق يحقق المصالح المشترك لشعوب الدول الثلاثة، دون الإضرار بطرف على حساب طرف آخر.
وأكد أن الوفد المصري المفاوض برئاسة وزير الخارجية سامح شكري، يواصل خلال "الجلسات المغلقة" المناقشات حول النقاط العالقة، للتوصل إلى تفاهمات، حيث سيتم إصدار بيان رسمي عقب انتهاء الاجتماع الوزاري السداسي الراهن في الخرطوم.
وقال رئيس مجلس الوزراء، لمهندس شريف إسماعيل، إن نتائج المفاوضات الجارية لسد النهضة الإثيوبي، لم تظهر حتى الآن، وسنستعرض النتائج فور ظهورها.
جلباب إثيوبيا
ومن جانبه، حمل المهندس محمد صلاح زايد رئيس حزب النصر الصوفي، وزير الموارد المائية والري الدكتور حسام مغازي، ما آلت اليه الأوضاع بخصوص مشكلة سد النهضة، وضياع حصة مصر من المياه، والتي يقرها القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بين دول حوض النيل. وطالب بضرورة الإسراع في تحويل ملف سد النهضة لمحكمة العدل الدولية التي سبق لها أن قضت عام 1989 أن اتفاقيات المياه شأنها شأن الاتفاقيات على الحدود.
وأوضح زايد في تصريح لـ"إيلاف" أن اتفاقية عام 1929 التي وقعتها بريطانيا عن مصر ووقعت عليها مصر عام 1959 بعد جلاء البريطانيين، أقرت حصة مصر في مياه النيل وأعطتها حق الاعتراض حال قيام أي دولة من دول حوض النيل إنشاء مشاريع جديدة على النيل وروافده.
ولفت زايد إلى أن مصر تواجه في جلباب إثيوبيا دولا كثيرة تدعم بناء السد بهدف محاصرة مصر واضعافها اقتصاديا وتجويعها.
وأوضح زايد أن الأضرار من بناء السد كارثية فهي ستؤثر&في مليوني مزارع وتفقد مصر من 25 إلى 40% من إنتاجها من الكهرباء، وكان الأولى أن يدرك وزير الري سوء النية عندما رفض الجانب الإثيوبي وقف البناء حتى انتهاء المفاوضات ورفض التمويل المصري للسد وهو أيضا دليل على سوء النية، وليس لدى مصر أي مانع في الاستمرار في المفاوضات الودية مقابل وقف البناء.
وأكد أن التمسك بوقف البناء مقابل الاستمرار في المفاوضات، يجب أن يكون على رأس متطلبات مصر، وإلا فالحل في اللجوء لمحكمة العدل الدولية.
وازدادت أزمة سد النهضة الإثيوبي تعقيداً مع ارتفاع السد واستمرار البناء، وقال الخبير في الشؤون الإفريقية هاني رسلان، لـ"إيلاف" إن ملف سد النهضة يزداد تعقيدا أكثر كلما ارتفع البناء. وأضاف في تصريح خاص، أن المفاوضات والمحادثات تدور فى حلقة مفرغة، مشيرا إلى أن مصر سوف تلجأ إلى التحكيم الدولي وتدويل القضية.
وتوقع ألا تشهد المفاوضات الحالية& أي تقدم حقيقي، موضحا أنه لا توجد أية مؤشرات تدل على ذلك، ولفت إلى أنه في الوقت الذي تمد مصر يد التعاون ترفض إثيوبيا أي تعاون، وليس لديها أي استعداد للتفاوض.
ويستبعد في الوقت ذاته لجوء مصر إلى الخيار العسكري لوقف بناء السد، مضيفا أن الحديث في مثل هذه الأمور غير مفيد لمصر في الوقت الحالي، منوها بأن هذه المساءلة متروكة للقيادة العسكرية وللنظام الحاكم موضحا أن تداول هذا الخيار في وسائل الإعلام ليس مفيدا للدولة المصرية بل يضر بمصالحها.
&
التعليقات