حصل في الكويت في ثلاثينات القرن الماضي أن تآمر شيخ المدينة وحاكمها على بشتوني يملك مطعمًا، وأشاعوا عنه بيعه لحم القطط، ليزيحاه من المدينة، فكشفهما المندوب السامي البريطاني.


غاندي المهتار من بيروت: أنهت المكتبة الانكليزية رقمنة سجلات وكتب، تعود في التاريخ إلى زمن الانتداب البريطاني على الهند وبعض دول الخليج العرب، منها كتاب Round The Bend، الذي وردت فيه قصة شائعة لبياع لحم القطط في الكويت.

في ثلاثينات القرن الماضي، ذاع صيت رجل يملك مطعمًا في إحدى أسواق الكويت، حين اتهمه حاكم مدينة الكويت وقتها&بأنه يذبح القطط ويبيعها للناس على أنها لحم خراف، الأمر الذي اثار حفيظة التاج البريطاني.

ساقه مخفورًا

ففي العام 1937، سرت شائعة عن عبد المطلب بن مهين، الذي أطعم الناس في مطعمه لحم قطط مشويا ومطبوخا، على أنه لحم خراف، من دون أن يعرف إن كانت الشائعة صحيحة، أو مجرد خبر يراد به إحراج تاجر ناجح لإخراجه من السوق.

أوقف حاكم المدينة المطعم، وساق عبد المطلب مخفورًا أمام الناس إلى زنزانة ضيقة. وهذا بالضبط ما أثار التاج البريطاني. فالرجل ما كان كويتيًا، بل كان من قبائل البشتون، التي كانت سابقًا تنتشر بين ما صار اليوم حدودًا جغرافية بين الباكستان وأفغانستان، وبالتالي يتبع التاج البريطاني.

ويقضي القانون الاستعماري، الصادر في العام 1925، بأن المواطن البريطاني لا يخضع إلا للقانون البريطاني، أي لا يخضع لأي قانون محلي، وبالتالي لا يحقّ لحاكم الكويت سجن صاحب المطعم".

أي بند؟

في ذلك الوقت، كان جيرارد دو غوري، المفوض البريطاني في الكويت، في ترحال في البلاد. وما إن عاد إلى مدينة الكويت حتى أفرج عن الرجل، وتم نقله إلى مقر البعثة الدبلوماسية البريطانية ليحاكم. كان دو غوري نفسه القاضي في القضية، وكانت أدلة الاثبات على بن ميهن واهية نوعًا ما، إذ قامت هذه القضية على وجود ثمانية قطط سمينة في منزله.

وفي مقالة وضعها ترينشارد فولي، رئيس جو غوري المباشر ، في مذكرة بالشحل الدبلوماسي الهندي، يقول: "كان السؤال الذي يشغل البال 'تحت أي بند من بنود القانون الجنائي الهندي يمكن محاكمة هذا الرجل؟'".

وأضاف: "ربما يمكن تطبيق البند 415، المادة 373، لكن في أضيق الحدود لأن لا مادة تقول إن لحم القطط ممنوع".&

شائعة لا أكثر

في لحظة المحاكمة، امتنع الشهود عن الظهور،& فهم لا يشهدون إلا بأمر شيخ المدينة، وهو قد خرج إلى البرّ ليصطاد. أنهى دوغوري التداول في المسألة، فعاد عبدالمطلب إلى مطعمه، وزاره فيه المفوض البريطاني، تأكيدًا على دعمه. انقلب الرأي العام في القضية مع عبدالمطلب، إلا أنه آثر الاقفال والرحيل.

لكن هل كان الاتهام صحيحًا؟ فاولي كان أكيدًا من أنها شائعة لا أكثر. كتب شيخ المدينة في يومياته عن المسألة حينها إنه كان يخطط لافتتاح مطعم، وأمل في أن يتمكن من التخلص من منافس قوي، من خلال نشر هذه الشائعات. وأضاف فاولي إن الحاكم كان متواطئًا مع الشيخ في ذلك، "إذ اعترف بأن لديه أكثر من 14 قطة، وهو رأسمال كاف ليبدأ العمل".


* ساهم لوي أولداي، المتخصص في تاريخ الخليج واللغة العربية، في إعداد البحث الأصلي لهذه المادة، وكتب مقالة بعنوان "أزمة لحم القطط في الكويت"، نشرت في مكتبة قطر الرقمية (QDL).

مصادر أولية

London, British Library, 'File 53/32 V (D 128) Kuwait Miscellaneous', IOR/R/15/1/506

مصادر ثانوية

ʻAbd Allāh Khālid Ḥātim, Min hunā badaʼat al-Kuwayt (Dimashq : al-Maṭbaʻah al-ʻUmūmīyah,1962