في مواجهة جرائم قتل ونهب ممتلكات وحرق منازال اتهم بها مقاتلو الحشد الشعبي للمتطوعين الشيعة في مواجهة "داعش" فقد تصدى المرجع الشيعي الاعلى في العراق السيستاني& لهذه الممارسات اليوم مشددا على حرمة قتل المدنيين ونهب ممتلكاتهم وحرق منازلهم وأكد ضرورة التعامل بأدب حتى مع غير المسلمين وذوي المقاتلين الاعداء.

وفي توجيهات مطولة تضمنت 20 فقرة بثلاثة الاف كلمة فقد وجه المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني نصائحه وتعليماته الى المقاتلين الشيعة الذين استجابوا الى فتواه بالتطوع لقتال تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" اثر احتلاله للموصل ثاني اكبر المدن العراقية بعد العاصمة بغداد في العاشر من الشهر المقبل فقد دعا المرجع اليوم الخميس من اسماهم "المقاتلين الأعزّة الذين وفّقهم الله للحضور في ساحات الجهاد وجبهات القتال مع المعتدين" الى مراعاة حدود الاداب التي فرضها الله محذرا من "أن من أخلّ بها أحبط من أجره ولم يبلغ به أمله".
وكانت اتهامات وجهت الى عناصر مسلحة تنتمي الى مليشيات مسلحة ضمن الحشد الشعبي بعمليات قتل للعشرات من السنة في محافظة ديالى شمال شرق بغداد الشهر الماضي وحرق ممتلكاتهم اضافة الى ذبح اثنين من مواطني محافظة الانبار الغربية الاسبوع الماضي حيث شكلت الحكومة لجنتين للتحقيق في الجريمتين لكنهما لم تعلنا عن نتائج تحقيقاتهما لحد الان.

للجهاد آداب مع غير المسلمين

وأضاف السيستاني في توجيهاته التي اطلعت على نصها "أيلاف" ان للجهاد آدابٌ عامّة لابدّ من مراعاتها حتى مع غير المسلمين بان لايمثلوا ولا يغدروا ولايقتلوا شيخاً فانياً ولا صبيّاً ولا امرأة موضحا ان "للقتال مع البغاة والمحاربين من المسلمين واضرابهم أخلاقاً& وآداباً". وقال "ما أعظم الخطيئة في قتل النفوس البريئة وما أعظم الحسنة بوقايتها وإحيائها..& فالله الله في حرمات عامّة الناس ممن لم يقاتلوكم& لاسيّما المستضعفين من الشيوخ والولدان والنساء حتّى إذا كانوا من ذوي المقاتلين لكم ، فإنّه لا تحلّ حرمات من قاتلوا غير ما كان معهم من أموالهم". وشدد على تجنب التعرّض لبيوت أهل الحرب ونسائهم وذراريهم ".

حرمة التعرض لاموال وحرمات الناس

وحذر ايضا من "اتهام الناس في دينهم نكاية بهم واستباحة ً لحرماتهم& كما وقع فيه الخوارج في العصر الأول وتبعه في هذا العصر قوم من غير أهل الفقه في الدين تأثراً بمزاجياتهم وأهوائهم وبرّروه ببعض النصوص التي تشابهت عليهم، فعظم ابتلاء المسلمين بهم". واضاف "اعلموا إنّ من شهد الشهادتين كان مسلماً يُعصم دمُه ومالُه وإن وقع في بعض الضلالة".&&

وشدد على حرمة التعرّض لغير المسلمين أيّاً كان دينه ومذهبه "فإنّهم في كنف المسلمين وأمانهم، فمن تعرّض لحرماتهم كان خائناً غادراً، وإنّ الخيانة والغدر لهي أقبح الأفعال في قضاء الفطرة ودين الله سبحانه".&
كما طالب المقاتلين بعدم التعرض لاموال أموال الناس مؤكدا "لا يحل مال امرئ مسلم لغيره إلاّ بطيب نفسه& فمن استولى على مال غيـره غصـباً فإنّما حاز قطـعة من قطـع النيران".& وناشدهم رعاية الحرمات محذرا اياهم من "التعرّض لها أو انتهاك شيء منها بلسان أو يد واحذروا أخذ امرئ بذنب غيره ولا تأخذوا بالظنّة وتشبهوه على أنفسكم بالحزم& فإنّ الحزم احتياط المرء في أمره، والظنة اعتداء على الغير بغير حجّة ولا يحملّنكم بغض من تكرهونه على تجاوز حرماته".&

تجنب الشبهات

ودعا السيستاني المقاتلين الى ان "لا تمنعوا قوماً من حقوقهم وإن أبغضوكم ما لم يقاتلوكم واعلموا أنّ أكثر من يقاتلكم إنّما وقع في الشبهة بتضليل آخرين فلا تعينوا هؤلاء المضلّين بما يوجب قوّة الشبهة في أذهان الناس حتّى ينقلبوا أنصاراً لهم، بل ادرؤوها بحسن تصرّفكم ونصحكم واخذكم بالعدل والصفح في موضعه وتجنب الظلم والإساءة والعدوان فإنّ من درأ شبهة عن ذهن امرئ فكأنّه أحياه ، ومن أوقع امرئ في شبهة من غير عذر فكأنه قتله". واكد على ضرورة الابتهاد عن الظلم والجور وقال "لا يظنّن أحدٌ أن في الجور علاجاً لما لا يتعالج بالعدل".&&
ونبههم الى انه لئن كان في بعض التثبّت وضبط النفس وإتمام الحجّة رعاية للموازين والقيم النبيلة بعض الخسارة العاجلة أحياناً فإنّه أكثر بركة وأحمد عاقبة وأرجى نتاجاً" .. واشار الى انه في سيرة الأئمة من آل البيت أمثلة كثيرة من هذا المعنى حتّى أنهم كانوا لا يبدأون أهل حربهم بالقتال حتى يبدأوا هم بالقتال وإن أصابوا بعض أصحابهم. ونصحهم بالصلاة المفروضة لانها تؤدب الانسان مع خالقه والتحية التي يؤديها تجاهه وهي دعامة الدين ومناط قبول الأعمال.& ودعا المقاتلين الى أن يأخذوا حذرهم وأسلحتهم ولا يجتمعوا للصلاة جميعاً بل يتناوبوا فيها حيطةً لهم .. وأن يعملوا بخلق النبي وأهل بيته مع الآخرين في الحرب والسلم جميعاً.

ترك العصبيات

وحذرهم من التسرّع في مواقع الحذر "فتلقوا بأنفسكم إلى التهلكة، فإنّ أكثر ما يراهن عليه عدوّكم هو استرسالكم في مواقع الحذر بغير تروٍّ واندفاعكم من غير تحوّط ومهنيّة واهتموا بتنظيم صفوفكم والتنسيق بين خطواتكم& ولا تتعجّلوا في خطوة ٍ قبل إنضاجها وإحكامها وتوفير ادواتها و مقتضياتها وضمان الثبات عليها والتمسك بنتائجها".&&

كما شدد المرجع السيستاني على المقاتلين ضرورة ترك "العصبيات الذميمة ويتمسّكوا بمكارم الأخلاق& .. فلا تغلبنّكم الأفكار الضيقة والانانيات الشخصيّة وقد علمتم ما حلّ بكم وبعامّة المسلمين في سائر بلادهم حتّى أصبحت طاقاتهم وقواهم وأموالهم وثرواتهم تُهدر في ضرب بعضهم لبعض بدلاً من استثمارها في مجال تطوير العلوم واستنماء النعم وصلاح أحوال الناس".&

وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري قال مؤخرا إن سيارات مظللة دخلت إلى منطقة شروين وبلدة بروانة في محافظة ديإلى بعد تحريرها من تنظيم "داعش" وقامت بهدم مساجد السنة في المنطقة وحرق عدد كبير من منازلهم بروح انتقامية، مؤكداً ان هذا الأمر تم أمام أنظار القوات الأمنية. ومن جهته، قال محافظ ديإلى عامر المجمعي "ان قرية بروانة شمال المقداية شهدت مجزرة شنيعة راح ضحيتها عشرات المدنيين بينهم نساء وأطفال، بعد أن قامت مجموعة من العصابات الإجرامية المنظمة باعتقال عدد من الاشخاص وتنفيذ الاعدام بهم"، موضحًا أن الضحايا أغلبهم من العائلات التي نزحت من قرى سنسل إلى منطقة بروانة بسبب العمليات العسكرية.

وكان زيد بن رعد مقر حقوق الانسان في بعثة الامم المتحدة في العراق قد حذر في كانون الاول (ديسمبر) الماضي في كلمة امام مجلس الامن الدولي في نيويورك لبحث الاوضاع في العراق من ان الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن والميليشيات التي تدخل المدن مؤكدا انها لا تقل خطرا عن الجرائم التي يرتكبها تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" . وقال ان بعثة الامم المتحدة في العراق "يونامي" تتلقى وبشكل يومي شكاوى عن انتهاكات وممارسات خطيرة يتعرض لها السكان الأمنون في المناطق التي يدخل اليها الجيش والمجاميع المسلحة الموالية له.. وشدد على الحكومة العراقية ضرورة ان تنضم وباسرع وقت إلى المعاهدات المتعلقة بالجرائم وتقديم مرتكبي تلك الانتهاكات إلى القضاء العادل.
وتحمل منظمات حقوق الانسان والقوى الاجتماعية والسياسية السنية المليشيات الشيعية المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة في حقوق الانسان وتنفيذ برنامج التطهير الطائفي في مناطق ديالى شمال شرق بغداد وصلاح الدين شمال غربها وجرف الصخر جنوب غرب العاصمة وغيرها من المناطق.
وكانت منظمات دولية منها منظمة مراقبة حقوق الانسان "هيومان رايتس ووتش" قد أدانت مؤخرا الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات وعناصر من الحشد الشعبي للمتطوعين في بعض مناطق المعارك تحت غطاء محاربة تنظيم داعش .