توفر بلدان العالم المتحضر إشارات مرور صوتية للمكفوفين، وهواتف متلفزة للصمّ لمساعدتهم على قراءة شفاه مخاطبيهم، ومترجمين لترجمة نشرات الأخبار بلغة الإشارة، لكن هذه التسهيلات لم تعنِ هؤلاء كثيرًا في الوصول إلى صالات السينما.


ماجد الخطيب: يتصور الباحثون في مستقبل السينما أن يكون فيلم المستقبل مجسمًا، لكنه يتيح أفضل معايشة للحدث السينمائي، من خلال المؤثرات الصوتية والبصرية المتقدمة، إذ يستطيع الجالس في السينما أن يلاحظ البرق في الصالة عند معايشة مشهد عاصف في الفيلم، وأن يحس بحركة بسيطة تحت قدميه، وهو يعايش مشهد زلزال أرضي، بل وأن يشم رائحة البارود في معركة تدور رحاها على الشاشة.

تسهيلات للصم والبكم
لا يتمتع بهذه التأثيرات المشاهد الاعتيادي في السينما فقط، لأن المشاهد المكفوف أو الأصم قادر على معايشتها بشكل أفضل، بفضل حواسه المدرّبة أصلًا. شيء من هذه المعايشة المستقبلية، ومن أساليب توفير التسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة، ستستعرضها الشركات الألمانية بصفة تجهيزات تقنية جديدة في المعرض الدولي للكومبيوتر (سيبت) في مدينة هانوفر الألمانية بين 16 و20 آذار (مارس) الجاري.

يعمد الكثير من بلدان العالم، وبينها ألمانيا، إلى خيار دبلجة الأفلام بدلًا من وضع الترجمة في أسفل الصورة، لعدم إشغال المشاهد بالقراءة. كما إنه مراعاة لجيش من الأميين، وشبه الأميين الألمان، يتراوح عديده بين 4 و7 ملايين إنسان يعجزون عن قراءة الترجمة. الدبلجة، مهما كانت جودتها، تغمط حق الممثل في استخدام صوته والتلاعب به كجزء من إجادته لدوره.

نظارة لقراءة الترجمة
طوّر الباحثون من المعهد التقني لغرب سكسونيا في تزفيكاو نظارة رقمية تتيح للابسها قراءة ترجمة للفيلم، رغم أنها غير موجودة في الفيلم الأصلي.

هذه النظارات مهمة للمشاهدين في بلدان العالم المختلفة، التي لا يتحدث أبناؤها بلغة الفيلم. وفضلًا عن السينما، ربما سيكون لا غنى للإنسان عنها في المؤتمرات والاجتماعات التي تستخدم فيها لغات مختلفة. ويعد المبتكرون بتطويرها مستقبلًا، بحيث تنقل ترجمة للأحداث على المسرح للصم، أو لغير الناطقين باللغة المستخدمة على المسرح.

النظارة تعمل مع الهاتف الذكي بمثابة زجاجة تتيح متابعة الفيلم بسهولة، وتظهر الترجمة في أسفلها من دون أن تعوق الرؤية. وعمل معهد تزفيكاو مع شركة غريتا أوند شتاركز البرلينية على إنتاج النماذج الأولى من النظارة الرقمية، التي تحمل اسم شتاركز. وتقول مصادر الشركة إنها عملت على تطويرها منذ نهاية العام 2013. وتستعرض النظارة الترجمة، بمساعدة الهاتف الذكي، بطريقة (HOH - Hard of Hearing). ولا تكتفي النظارة بعرض ترجمة الحوار الدائر في الفيلم، لأنها تكتب الأصوات، وتقرأ اليافطات، التي تظهر في الفيلم، وتنقل الانطباعات على وجوه الممثلين، وتصف قطع الديكور...إلخ

إنها حل للصم لا يكلف سوى 20% من كلفة الحلول التقنية الأخرى المطروحة في السوق حاليًا، لكن من الممكن للمكفوفين والصمّ الحصول عليها مجانًا من الشركة. ونال المشروع دعم وزارة الابتكار الألمانية، والاتحاد الأوروبي، ومؤسسة دعم السينما الألمانية.

... أخرى للمكفوفين
تقول مصادر شركة غريتا أوند شتاركز إنها طوّرت تطبيقًا خاصًا للمكفوفين، يعمل على الهاتف الذكي أيضًا، وينقل عبر النظارة إلى أذن الكفيف تفاصيل الأحداث ووصفًا دقيقًا بالألوان لما يجري على الشاشة. وينقل التطبيق لأحد الاذنين أصوات المؤثرات الصوتية، مثل الانفجارات أو هدير السيارات، بينما ينقل إلى الأذن الأخرى وصف مجريات الأحداث.

وتمكن هنا تعبئة أصوات الفيلم بطريقة "ويلان" على الهاتف الذكي، ليجري لاحقًا نقلها إلى الأذن بوساطة النظارة. وتقول مصادر الشركة إن النموذج الأول من التطبيق قادر على تحميل أصوات ووصف مجريات نحو 40 فيلمًا حديثًا ستعرض في دور السينما في 2015 مرة واحدة، وهناك إمكانية لزيادة عدد الأفلام مستقبلًا. ويتصور المبتكرون إمكانية توزيع مثل هذه النظارات مجانًا في دور السينما، كما توزّع نظارات رؤية الأفلام المجسمة.

وذكرت سينايت ديبيز، مديرة شركة غريتا أوند شتاركز، أن أكثر من 9000 أصم جربوا النظارة قبل الإعلان عنها، ينحدرون من ألمانيا والنمسا وسويسرا. وتلقت الشركة الكثير من الإطراء والشكر من قبل الذين استخدموها.

ويمكن أن تعين هذه النظارة نحو 1.2 مليون إنسان ضرير ونحو 200 ألف أصم في ألمانيا. وقررت مؤسسة دعم السينما الألمانية تعويض السينمات، التي توفر مثل هذه التجهيزات، بمبلغ يرتفع إلى 50% من كلفة التجهيزات اللازمة.

الهمس في أذان المستهلكين
تتخصص شركة غريتا أوند شتاركز بتطوير أجهزة عرض الأفلام الصغيرة (بيمر) وأجهزة الـ"بروجيكتور" عمومًا، وهذا يفتح مستقبلًا لنظارتها في مجال الدعاية، وعند استعراض الشركة لأجهزتها في الخارج، أو إنه يتيح لها بيع التطبيق لأصحاب الإعلانات "فوق الصوتية". وواضح أن مثل هذا التطبيق الجديد سيشق طريقه في عالم الإعلان أيضًا، فتقنية نظارة الترجمة في السينما يمكن أن تهمس أيضًا بالدعايات في أذن حامليها.

الإعلان فوق الصوتي جهاز أميركي جديد يحمل اسم "نظام الموجات فوق الصوتية ("Hyper Sonic Sound System "HSS) الذي يمكن للشركات الحصول عليه بحجم يقترب من حجم جهاز الميكروويف الصغير. ويمكن للجهاز أن يبث الموجات فوق الصوتية الآتية من أي مصدر ملحق، مثل الراديو أو الآلة المسجلة أو الفيديو، وأن يستهدف فردًا يبعد أكثر من 140 مترًا عن مصدر الصوت. وعلى هذا الأساس، فإن نظام HSS لا يضمن بث الدعاية مباشرة عن بعد إلى المستهلك، وإنما يضمن أيضًا استهداف أشخاص معينين فقط من مجموع حشد كبير من الناس.

لكل أغنيته
فسر المكتشف وودي نوريس طريقة عمل النظام بالقول: "يمكن لشركة بيبسي كولا كمثل أن تستخدم كاميرا فيديو رقمية لمراقبة حشد من الجمهور عن بعد. تكشف الكاميرا أياً من الأفراد يعاني من إجهاد وعطش وبحاجة إلى مرطب، فيتولى جهاز البث فوق الصوتي إرسال الدعاية الصوتية، ولنقل أغنية عن بيبسي كولا مع صوت فتح الزجاجة، إلى هذا الشخص من دون أن يسمعها الآخرون. كما يمكن للجهاز أن يرشد المعني إلى أقرب مكان للتزود بمرطب البيبسي كولا في تلك المنطقة".

يقول نوريس إن الجهاز يطلق الأصوات بقوة 22 ألف ذبذبة في الثانية، وهي موجات فوق صوتية، لا تلتقطها أذن الإنسان من دون تقنية خاصة. ويكمن سر نجاح الجهاز في أنه يوصل ثلاث موجات صوتية مختلفة إلى الإنسان، وهي في الحقيقة الموجات فوق الصوتية مغلفة بموجتين آخريين، هدفهما تسديد الموجات المطلوبة في اتجاه رأس الإنسان المعني.

والابتكار قابل للاستخدام في السينما لتحسين نوعية الصوت في القاعات، وصالح للاستخدام في المراقص، مع تقسيم الراقصين في مناطق حسب الموسيقى المرغوبة وتوزيع الموسيقى المختلفة بوساطة نظام HSS إلى هذه المناطق.
&