لاغوس: يختلف المرشحان الى الانتخابات الرئاسية، التي تجري اليوم السبت في نيجيريا، الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان وخصمه محمد بخاري، بكل شيء، فاحدهما مسيحي من الجنوب وعلمي الدراسة، فيما الاخر مسلم من الشمال وجنرال سابق.

فالمنافس الرئيسي لجوناثان (57 عاما) الذي يترأس هذا البلد الاكثر اكتظاظا بالسكان منذ 2010، هو الجنرال المتقاعد (72 عاما) الذي كان في السلطة بين 1983 و1985 في عهود الانظمة العسكرية.

وجوناثان المسيحي الجنوبي، الذي ينتمي الى قبيلة ايجاو والمتحدر من عائلة متواضعة تعمل في صناعة القوارب من جذوع الاشجار، يحمل دكتوراه في علم الحيوانات. وبعدما درس، ثم عمل في مجال حماية البيئة في وكالة حكومية، خاض غمار المعترك السياسي في العام 1998. وهو حاكم سابق لولاية بايلسا مسقط رأسه، وكان اول رئيس يتحدر من ولاية دلتا النيجر النفطية. ويشتهر هذا الرجل الطويل القامة بقبعته الكبيرة التي لا تفارقه ابدا.

وبخاري يعتمر دومًا من جهته قبعة زرقاء صغيرة. وهذا الرجل الممشوق القامة مسلم ينتمي الى قبيلة فولاني ويتحدر من كاتسينا في شمال البلاد. والمواجهة بين الرجلين تسلط الضوء على احد خطوط التصدع في البلاد، حيث ينقسم النيجيريون المقدر عددهم بـ173 مليون نسمة ايضا بين مسلمين ومسيحيين. فالشمال مأهول بغالبية من المسلمين والجنوب بغالبية من المسيحيين.

وشهرة الرئيس "المحظوظ" تلاحق غودلاك جوناثان، وليس فقط بسبب اسمه الغريب الذي يعني بالانكليزية "حظا سعيدا". وقد حظي جوناثان خلال مسيرته السياسية بفرص عديدة وليدة الصدف الظرفية.

واهم هذه الصدف تعود الى ايار/مايو 2010 ، فعندما كان نائبا للرئيس منذ 2007 ارتقى الى سدة الرئاسة على اثر وفاة رئيس الدولة عمر يارادوا بسبب المرض في خضم ولايته وكان مسلما من الشمال. واذا كان جوناثان معروفا بهدوئه، وعرف كيف يحيط نفسه بتكنوقراط يتمتعون بالاحترام، فان رئاسته تميزت بالصعود الدموي للمتمردين الاسلاميين في جماعة بوكو حرام وكذلك بفضائح مالية.

وتعيش الغالبية الكاسحة من السكان في هذه القوة النفطية الاولى في افريقيا باقل من 1,5 دولار في اليوم. وعشية الاقتراع دعا جوناثان الناخبين الى "التصويت في هدوء". وقال "لنعط مثال النضج السياسي لجميع الديموقراطيات الناشئة التي ستتبع". اما الجنرال بخاري الذي وصل الى سدة الرئاسة في نيجيريا في 31 كانون الاول/ديسمبر 1983 على اثر انقلاب عسكري، فقد اطيح به بدوره في انقلاب في اب/اغسطس 1985. وكان ذلك قبل عودة الديموقراطية الى البلاد في 1999.

واعلن انذاك "الحرب على عدم الانضباط". ويتذكر خصومه خصوصا "بطش" نظامه العسكري حتى ان البعض يتحدث عن "دولة بوليسية". تخلل نظامه خصوصا اعدام ثلاثة نيجيريين محكومين بتهريب المخدرات في الساحة العامة في وسط لاغوس العاصمة الاقتصادية. كما امر بخاري ايضا بتوقيف فيلا كوتي المغني الشهير والناشط في الدفاع عن الحقوق المدنية الذي توفي في 1997.

وعلى مر السنين نمت شهرته كرجل نزيه، وهي ميزة مهمة في اول اقتصاد في القارة الافريقية ينخره الفساد. وقال الخميس لوكالة فرانس برس "لا اعتقد انه سيحصل تزوير انتخابي، كما كانت الحال بالنسبة إلى الانتخابات السابقة"، لكنه حذر من احتمال حشو صناديق الاقتراع الذي لن يمر بدون "عواقب". وقد سبق ان كان بخاري المنافس الرئيس لجوناثان في الانتخابات الرئاسية السابقة في 2011.

وادت اشتباكات وقعت على اثر الانتخابات الى سقوط نحو الف قتيل، واثار فوز جوناثان غضب المسلمين في الشمال الذين كانوا يريدون ان تعود الرئاسة الى احد منهم. واثناء الحملة الانتخابية وصف الحزب الديمقراطي الشعبي بزعامة رئيس الدولة بخاري بانه اسلامي خطر. فيما لم يكف المعارض عن مهاجمة الحكم الذي تجاوزته اعمال العنف الاسلامية.

ويحظى الرئيس المنتهية ولايته بوسائل كبيرة لحملته، وبامكانه ان يفخر في نهاية المطاف بنجاحات عسكرية ضد بوكو حرام بفضل دعم جيوش بلدان مجاورة (تشاد والكاميرون والنيجر). وبعد هزيمته ثلاث مرات في الانتخابات الرئاسية يخوض بخاري هذه المرة الانتخابات بصفته مرشح المعارضة الموحدة المنضوية تحت لواء ائتلاف المؤتمر التقدمي.
&