عبرت الصحف الإسرائيلية عن مخاوف حكومتها من أن يكون الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى على حسابها، لكن بعضها وجه سهام النقد تجاه نتنياهو الذي هاجم أوباما دون جدوى، في حين انحاز بعض الإعلام الإسرائيلي لموقف نتنياهو.

ساره شريف: يتابع الإعلام الإسرائيلي باهتمام المباحثات النووية بين دول (5+1):& إيران والولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن ملف إيران النووي في لوزان في سويسرا.

ورغم أنه كان من المفترض أن تنتهي مهلة المفاوضات فمنتصف ليلة أمس الأربعاء، إلا أن الولايات المتحدة قررت تمديد المفاوضات ليوم واحد، بعد أن ظلت بعض القضايا الخلافية عالقة؛ إذ أكد دبلوماسيون من الدول الشريكة في المفاوضات أنه تم إحراز تقدم بشأن مسألة كمية اليورانيوم المخصب التي من المقرر أن تحتفظ بها إيران، لكن الخلافات ما زالت قائمة في ما يتعلق بنطاق وتوقيت رفع العقوبات على إيران في حال جرى توقيع الاتفاق.&
&
محوران
&
لم يختلف موقف الإعلام الإسرائيلي من المفاوضات كثيرًا عن الموقف الرسمي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذ تصدرت التحذيرات والمخاوف المشهد في إسرائيل حول بوادر الاتفاق النووي.

إذ صرح نتنياهو في جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية بأن محور إيران ولوزان واليمن هو محور خطير ويهدد البشرية بأكملها، ثم رد عليه في احتفالية الإدلاء باليمين القانونية النائب عمير ميرتس ناصحًا نتنياهو بالتوجه لمحور "القاهرة – رام الله – عمان"، لمواجهة محور "اليمن – لوزان – إيران"، الذي يصفه بمحور الشر.

وفي الوقت نفسه، استغل كتاب المعارضة الإسرائيلية بوادر التوصل لاتفاق نووي ليوجّهوا ضربات لنتنياهو، قائلين إنه قضى وقتًا طويلًا يحارب في معركة خاسرة، وخسر الرئيس الأميركي باراك أوباما والبيت الأبيض من دون أن يحقق نصرًا، بحسب ما جاء في مقال الكاتب الإسرائيلي يوسي مليمان.

&وأكد مليمان أن الجهد الذي بذله نتنياهو لوقف هذا الاتفاق، وكلفه انهيار علاقته بأوباما، قد باء بالفشل، متوقعًا أن تتجه الدول العربية لإنشاء برنامج نووي خاص بها، ما يجعل إسرائيل تعيش في جزيرة بين المخاطر.
تقف صامتة
وأكد وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينيتس أن الاتفاق ينطوي على ثغرات عديدة ومشكلات كبيرة، " فإيران لم تجب عن الأسئلة التي وجهتها لها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يؤكد أن لإيران نشاطًا نوويًا غير مشروع، ما يتعارض مع بنود الاتفاق".

وفي السياق نفسه، هاجم الكاتب الإسرائيلي عاموس هرئي نتنياهو& في مقالة في جريدة "هآرتس"، مؤكدًا أنه لم يعد كلامه مسموعًا من إدارة أوباما، وعليه ممارسة ضغوط سياسية بواسطة الجمهوريين في الكونغرس الأميركي لمحاولة الضغط على أوباما لرفع العقوبات عن إيران في حال توقيع الاتفاق.

وانحاز الإعلام اليميني لموقف نتنياهو وشن حملة على أوباما، فكتب المحلل "رؤوبين باركو" تقريرًا في جريدة "إسرائيل اليوم"، يهاجم فيه الإدارة الأميركية، مؤكدًا أن إدارة أوباما اختارت أن تقف صامتة أو تبذل جهدًا محدودًا أمام ما يحدث في اليمن، لصالح حليفتها الجديدة إيران، وهو ما يؤكد أنها ستوقع الاتفاق، والدول الأخرى ستشعر بالتخلي الأميركي عنها، ما سيدفعها إلى تعزيز علاقتها بروسيا.

وفي السياق نفسه، كتب المحلل الإسرائيلي "ألون بن دافيد" في صحيفة "معاريف"، مؤكدًا أنه بعد الاتفاق ستحتفظ إيران بجزء كبير من قدرتها النووية، "وسيرتفع نموها الاقتصادي بسرعة كبيرة، وستحاول التحكم في عدد من المناطق في الدول العربية استمرارًا لحلمها بالمد الشيعي في الدول السنية، وهي تستعد لهجوم على هضبة الجولان بهدف السيطرة على الحدود مع إسرائيل".
&
رابحون وخاسرون
&
وتعجب الكاتب "اسحق بن نير" من عدم دعوة نتنياهو لحضور المفاوضات بصفته قائدًا لاحدى الدول العظمى، فكتب في معاريف يقول: "اوباما ومستشاروه لا يفهمون في الارهاب، ولا في العقلية العربية، ولا في الاسلام المتطرف وعملية السلام، فعندما يستبعدون تهديدًا اميركيًا باستخدام القوة من اجل ألا يقتل جنود اميركيون ثانية كما حدث في افغانستان والعراق، فانهم بهذا يُعرضوننا نحن وكل العالم للخطر".

وتساءل: "كيف يستطيع اوباما ادارة مفاوضات واعدة غير تنازلية مع ايران من دون إشراك قامع الارهاب رقم واحد؟ (ويقصد به نتنياهو) وكيف يتجاهل هو ووزير خارجيته جون كيري الجانب التآمري النشط لايران في الثورات والحروب في الشرق الاوسط، وتسريع سباق التسلح النووي؟".

وتحدث الكاتب "يوسي ميلمان" في مقال نشرته صحيفة "معاريف" عن استفادة إيران من المفاوضات النووية،& وقال: "ما يتبين في هذه اللحظة هو غياب اتفاق شامل وحقيقة أن الخاسر الاكبر هو ايران، والرابحان هما اوباما واسرائيل، فإيران تخسر لأن العقوبات الدولية عليها مستمرة واقتصادها متعثر، واسعار النفط تواصل الانخفاض، واوباما في وضع جيد، ويمكنه أن يتهم ايران بالمسؤولية عن فشل المحادثات رغم رغبته في الاتفاق ومرونة مواقفه، ويمكنه أن يؤكد أنه رفض المساومة والتنازل لايران، اما المستفيد الاساس من غياب الاتفاق فهي اسرائيل".

وأضاف: "سبب عدم تحقق الاتفاق هو الخلاف العميق في ايران بين الاصلاحيين بقيادة حسن روحاني والمتطرفين في القيادة الدينية والحرس الثوري، المتمسكين بمواقفهم القديمة، ويرون في التنازل عن البرنامج النووي مسًا بالكرامة الوطنية واستسلامًا للولايات المتحدة".