بعد استفحال تجاوزات وانتهاكات عناصره، أخضع رئيس الوزراء العراقي الحشد الشعبي الذي يضم متطوعين وعناصر ميليشيات شيعية مسلحة إلى قيادته من أجل السيطرة على حركتها والحد من تجاوزات عناصرها ضد المدنيين وممتلكاتهم في المناطق المحررة من سيطرة "داعش".

لندن: في اجتماع لها برئاسة رئيسها حيدر العبادي قررت الحكومة ربط هيئة الحشد الشعبي للمتطوعين في مواجهة تنظيم "داعش" والتي تتشكل من الميليشيات الشيعية المسلحة برئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة (العبادي) وتتولى عمليات القيادة والسيطرة والتنظيم لقوات الحشد الشعبي.

ووجهت الحكومة مؤسسات الدولة بالتعامل مع الحشد الشعبي على انه هيئة رسمية ترتبط برئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة. وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء قررت في وقت سابق اعتماد هيئة الحشد الشعبي كجهة وحيدة مخولة لإدارة هذه القوات.

يذكر ان مستشار الامن الوطني العراقي فالح الفياض هو الذي يتولى رئاسة الحشد الشعبي رسميا لكن مهمته ظلت مهمشة في ظل قيادة قادة ميليشيات شيعية لعمليات مقاتلي الحشد في المعارك التي يخوضونها ضد "داعش".. ثم جاء دخول قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني على خط المواجهة وتواجده بين المقاتلين ليزيد من عزلة الفياض وسيطرته على شؤون الحشد وحركته وممارساته على الارض.

وتأسس الحشد الشعبي اثر فتوى بالجهاد أصدرها المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني في 13 حزيران (يونيو) عام 2014 بعد ثلاثة ايام من سيطرة تنظيم "داعش" على مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية.. حيث دعا القادرين على حمل السلاح إلى التطوع خاصة بعد ان هدد التنظيم بتدمير المراقد المقدسة في مدينتي النجف وكربلاء الشيعيتين.

وقد كان من المفترض ان تكون هذه الفتوى ضمانة وأمانا من المرجعية لبقية المكونات العراقية لكن ما حصل من عناصر الميليشيات الشيعية المدعومة من ايران ضمن الحشد الشعبي مثل كارثة دينية ذات تبعات ميدانية الحقت الضرر بالتعايش بين طوائف البلاد.

وكان العبادي قد أقر امس الاثنين بإن أعمال الحرق الواسعة على مدى الأيام القليلة الماضية في مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين (170 كم شمالغرب بغداد) قد طالت 152 متجرًا ومنزلاً.

وأوضح العبادي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أربيل أن الأجهزة الأمنية اعتقلت أشخاصًا تورطوا في عمليات السلب والنهب في المدينة وأكد أن الدولة العراقية تدين أي تجاوز على أملاك المواطنين في أي مكان.

وأضاف قائلا "تابعنا التجاوزات التي حصلت في مدينة تكريت وقمنا باعتقال العديد من المسيئين لسمعة الجيش والحشد الشعبي (يضم ميليشيات شيعية موالية للحكومة) حينما قاموا بسرقة بعض الدور وسوف نقدمهم للقضاء".

وأشار العبادي إلى أن عدد المنازل التي تم حرقها في تكريت على يد المخربين بلغت 67 منزلاً فيما حرقت هذه العصابات المسيئة 85 محلاً تجاريًا في مدينة يبلغ تعداد سكانها 100 ألف. وشدد بالقول إن "الحكومة العراقية ستواصل مطاردة هذه العصابات التي تحاول الإساءة لقواتنا الأمنية".

وخلال الأسبوع الماضي استطاعت القوات الامنية بدعم من متطوعي الحشد الشعبي وابناء عشائر محافظة صلاح الدين طرد مقاتلي "داعش" من مدينة تكريت عندما استعادت السيطرة على مركز محافظة صلاح الدين.

لكن هذا الانتصار شوهت قيمته الانتهاكات التي ارتكبتها عناصر في الحشد الشعبي وقيامها بأعمال حرق ونهب واسعة النطاق لمساكن المدنيين في المدينة التي يقطنها السنة وتم توجيه الاتهام إلى الميليشيات الشيعية بالوقوف وراءها إلا أن هذه نفت الاتهامات وألقت باللوم على من اسمتهم بمندسين شكلوا عصابات مجرمة قامت بهذه الانتهاكات.

يذكر ان الميليشيات الشيعية باتت منذ حزيران (يونيو) الماضي تاريخ سقوط الموصل بأيدي مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية.. هي القوة العسكرية والامنية الوحيدة التي تسيطر على العاصمة بغداد في ظل تراجع دور الجيش والاجهزة الامنية الحكومية رغم سعي العبادي إلى تحجيمها واعلان عدة مناطق وأحياء في بغداد منزوعة السلاح وحصره بيد الدولة.. لكن هذا القرار لم يثبت فاعليته لحد الان حيث ان منطقتي الكرادة والمنصور اللتين شملهما نزع السلاح ما زالتا تعجان بالمقرات والمكاتب المسلحة.

وتؤكد مصادر عراقية ان الميليشيات الشيعية هي التي تتحكم الان في العاصمة العراقية وتتولى مهام الامن فيها.. وتشير إلى وجود حوالي مائة الف مسلح يتبعون ميليشيات شيعية معروفة ينتشرون في بغداد ويمارسون مهامهم ضمن قوات الحشد الشعبي التي اصبحت منذ حزيران الماضي هي الاكثر تسليحا وجاهزية بعد انهيار قطعات الجيش العراقي في المعارك مع داعش.