بغداد: نشر تنظيم الدولة الاسلامية السبت شريطًا مصورًا لعناصره وهم يدمّرون مدينة نمرود الآشورية الأثرية في شمال العراق، التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، قبل أن يعمد إلى تفخيخها وتفجيرها بالكامل.
واظهر الشريط، الذي تداولته حسابات الكترونية مؤيدة للتنظيم، عناصر التنظيم وهم يستخدمون مطرقات وآلات ثقيلة لتدمير ألواح حجرية ضخمة، واختتم بمشهد انفجار كبير تليه لقطات للمدينة وقد سويت بالارض.
وكانت السلطات العراقية اعلنت في الخامس من آذار/مارس، ان التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة في شمال البلاد وغربها، جرف المدينة الاثرية الواقعة عند ضفاف نهر دجلة على مسافة نحو 30 كلم جنوب الموصل (شمال)، اولى المناطق التي سيطر عليها الجهاديون في هجومهم الكاسح في حزيران/يونيو. واظهرت مشاهد من الشريط البالغة مدته نحو سبع دقائق، عناصر من التنظيم يستخدمون مطرقات يدوية وآلات ثقب كهربائية وآلات لقص الحديد وجرافات، لتدمير ألواح اثرية ضخمة وجدران حجرية.
كما اظهرت لقطات عناصر آخرين وهم يقومون بملء براميل من الحديد، بمسحوق رمادي اللون، يرجح انه مادة متفجرة، وذلك في غرفة تملأ جدرانها لوحات تمثل الآلهة الاشوريين. وتبدو لاحقا براميل عدة مرصوفة جنبا الى جنب، وقد وصلت ببعضها البعض، قبل ان يظهر الشريط انفجارا ضخما، ادى الى قذف كميات هائلة من التراب عاليا، تبعه مشاهد لدمار كامل.
وقال احد العناصر في نهاية الشريط "كلما تمكنا من بقعة ارض ازلنا معالم الشرك منها". وسبق للتنظيم تدمير آثار عدة في شمال العراق. وبحسب خبراء الآثار، فان التنظيم الذي يسيطر على مساحات في سوريا والعراق، يعتمد على تهريب الآثار وبيعها كإحدى مصادر تمويله، ويقوم بتدمير الآثار الكبيرة والثقيلة التي لا قدرة له على نقلها.
وتعد مدينة نمرود درة الحضارة الآشورية وموطنًا لكنز يعد من اهم الاكتشافات الاثرية في القرن العشرين. وتعتبر المدينة من أبرز المواقع الاثرية في العراق، وهي ضمن المواقع المرشحة للادراج على لائحة منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونيسكو" للتراث العالمي. وبدأ ذكر المدينة من قبل علماء الآثار في العام 1820، وجرت عمليات استكشافها والتنقيب عنها في العقود اللاحقة، من قبل علماء أجانب.
وتعرّضت المدينة للنهب ابان الاجتياح الاميركي للعراق في العام 2003. واتى الاعلان عن تجريف المدينة في مطلع آذار/مارس، بعد ايام على نشر التنظيم شريطا يظهر تدمير آثار وتماثيل في مدينة الموصل. كما نشر التنظيم في الاسبوع الماضي، شريطا آخر يظهر قيام عناصره بتدمير مدينة الحضر الاثرية في شمال العراق، المدرجة على لائحة التراث العالمي.
واثارت عمليات التدمير هذه هلع علماء الآثار، الذين قارنوها بتدمير حركة طالبان تمثالين عملاقين لبوذا في منطقة باميان الافغانية في العام 2001، ما اثار في حينه موجة من السخط في العالم. وفي شريط السبت، تطرق احد عناصر تنظيم الدولة الاسلامية الى التغطية الاعلامية والانتقادات التي طاولت عمليات تدمير الآثار، واصفا ذلك بـ "الهيجان".
وكانت منظمات عدةـ ابرزها اليونيسكوـ دعت الى تعبئة عالمية وتحرك لانقاذ ما يمكن انقاذه من آثار شمال العراق، الا ان وقوع غالبية هذه المواقع في مناطق سيطرة التنظيم يجعل من شبه المستحيل حماية ما تبقى منها. وكانت مديرة المنظمة ايرينا بوكوفا اعتبرت في الشهر الماضي تجريف آثار نمرود بمثابة "جريمة حرب" تدخل ضمن "التدمير المتعمد للتراث الثقافي".
وزارت بوكوفا بغداد في 28 آذار/مارس للدفع نحو اتخاذ اجراءات لحماية المواقع الاثرية، كاجراء مسح لموجوداتها، والاعتماد على صور الاقمار الاصطناعية. وتوعد احد عناصر التنظيم في الشريط الجديد بمواصلة عمليات التدمير وازالة ما اسماه "معالم الشرك". وسبق للتنظيم ان نشر في الاشهر الماضية، صورا واشرطة مصورة تظهر تدميره العديد من المزارات والاضرحة في العراق، اضافة الى نزع صلبان وتحطيم ايقونات في عدد من كنائس في شمال البلاد.
&
التعليقات