قال مرصد الحريات الصحافية العراقي إن 34 صحافيا عراقيا اصيبوا وقتلوا فيما تم اختطاف 27 اخرين خلال عام واحد ينتهي اليوم.. فيما ارتفع عدد القتلى من الصحافيين العراقيين والاجانب منذ 2003 إلى 280 صحافيا قتلوا أثناء عملهم الاعلامي.
لندن: مرصد الحريات الصحافية العراقي زياد العجيلي في حديث مع "إيلاف" ان الفترة بين 3 ايار ( مايو) 2014 إلى 3 ايار (مايو) 2015 شهدت عمليات مميتة ضد الصحافيين العراقيين والأجانب حيث اصيب وقتل 34 مراسلا ومصورا صحافيا واختطف أكثر من 27 آخرين، بعد سيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة من البلاد، كان ينشط فيها الصحافيون المحليون والأجانب ما جعلها مناطق خوف ورعب يتجنبها المراسلون الميدانيون.
وأشار إلى أنّه بعد وقوع تلك المناطق تحت سيطرة التنظيم المتطرف في حزيران ( يونيو) 2014 اتخذت السلطات الحكومية مجموعة إجراءات تتعلق بعمل وسائل الإعلام ووسائل الاتصال وخدمة الانترنت، حيث عمدت الأجهزة الأمنية ووزارة الاتصالات ومعهم هيئة الإعلام إلى قطع خدمة الانترنت في أغلب محافظات ومدن العراق، وشددت الرقابة على القنوات الفضائية والمنافذ الاخبارية ووكالات الأنباء، بالإضافة إلى حجبها جميع مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب وخدمات أخرى مثل سكايب و فايبر و واتس آب. ومن الحالات الأمنية النادرة شهد إقليم كردستان العراق عمليات قتل لصحافيين وعمليات احتجاز وتضييق.
وقال ان غياب الصحافيين عن مشهد التواصل مع الكثير من مناطق البلاد جعل التغطية الصحافية غير موضوعية، وفي الوقت الذي مارس فيه المتطرفون حرية السيطرة على عملية نشر المعلومات في المناطق التي يبسطون سيطرتهم عليها فقد تم فسح المجال اما هيمنة صحافيين متحزبين متطرفين بدلاً من صحافيين محترفين، وتركت هذه التغطيات أثرها على الصورة الكبيرة للأحداث وسط روايات متناقضة، وهو ما أدى إلى إضعاف الثقة في بعض ممن تبقى من الصحافيين الحقيقيين الذين يحاولون نقل حقائق الأحداث وانقاذ مصداقية الإعلام، وهو ما دفع عناصر داعش إلى ممارسة ابشع الجرائم والترويع ضد الصحافيين ومندوبي الاخبار في محاولة منه لاستكمال حريته في نشر ما يريده واخفاء الجوانب المظلمة من عملياته.
واوضح انه بعد الهجمات الشرسة التي تعرضت لها المؤسسات الإعلامية والصحافيين من قبل تنظيم داعش، أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات يوم 18 يونيو (حزيران) 2014 قائمة تتضمن توجيهات وإرشادات يتعين على وسائل الإعلام إتباعها، وأقدمت الهيئة على إصدار قرارات بوقف بث بعض وسائل الإعلام وإغلاق مكاتب قنوات فضائية محلية وعربية كالبغدادية والبابلية والعربية والعربية الحدث وقناة الجزيرة، وصحيفة الشرق الأوسط. كما عمدت الحكومة العراقية السابقة إلى تفعيل مذكرات إلقاء قبض أصدرتها بتهم مختلفة ضد صحفيين وناشطين إعلاميين، وفقا لقوانين سابقة تبالغ في المعاقبة على مايسمى "جرائم النشر" وتحدد حرية الصحافة بما ينسجم مع نظام القمع والاستبداد والدكتاتورية في النظام السابق، وهو أمر يتقاطع مع أحكام الدستور الحالي جملة وتفصيلاً.
ومن بين الأمثلة على تلك القوانين فرض عقوبات صارمة على الصحافيين فرض غرامات وأحكام بالسجن لفترات طويلة، أو كليهما معاً، على من يدان بطائفة من المخالفات الصحافية حيث يفرض القانون عقوبة الإعدام على بعض المخالفات. فعلى سبيل المثال، يفرض قانون العقوبات عقوبة السجن مدى الحياة أو الإعدام على من يدان بإهانة الرئيس، أو البرلمان، أو الحكومة، كما يفرض عقوبة السجن لمدة سبع سنوات على من يهين المحاكم، أو القوات المسلحة، أو السلطات العامة، أو الوكالات الحكومية وتعتبر هذه القوانين في عمومها من مخلفات النظام الديكتاتوري واستمرار العمل بها يقوض بشكل كبير حرية الصحافة والتعبير.
وأضاف انه فيما لايزال العمل الصحافي الميداني وحمل الكاميرا أمراً معقداً للغاية، تحصر السلطات أمر السماح لحركة الصحافيين وتجوالهم بالقيادات العسكرية والأمنية في جميع المدن العراقية، ويتعرض الصحافيون في أغلب الأحيان للمنع من التصوير والتغطية الإعلامية ما لم يحصلوا على موافقات أمنية مسبقة تكون معقدة وكيفية في الغالب، على الرغم من صدور أمر من قبل رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي يقضي بإلغاء الوصاية العسكرية على الفرق الإعلامية.
وقال انه في حالات أخرى من السعي لفرض السيطرة على الإعلام، وانعدام الشفافية في كل مفاصل الدولة، تحاول مؤسسات رسمية السيطرة على التدفق الحر للمعلومات والحد من مستوى المعرفة لدى المواطنين وفرض الرقابة والسيطرة على الشبكة الدولية للمعلومات الإنترنت في البلاد، وطرحت قوانين أخرى للحد من الحريات وحرية التعبير.
واكد ان مؤسسات رسمية وعسكرية وأمنية تعمل للسيطرة على المعلومات والحد من حرية الصحافة، تشاركها في ذلك هيئة الاتصالات والإعلام المستقلة التي تبذل جهودا مستديمة لفرض قيود على تدفق المعلومات والهيمنة على شبكة الإنترنت بالتعاون مع وزارة الاتصالات .. حيث حجبت السلطات الأمنية بالتعاون مع وزارة الاتصالات العام الماضي في 15 حزيران الماضي 20 موقعا إخباريا، إلا أنها قامت برفع الحجب تباعا عن اغلب المواقع الالكترونية، باستثناء موقع قناة "البغدادية" و"البغدادية نيوز" وموقع قناة "العربية" وموقع وكالة "القرطاس نيوز"، دون إعطاء مبررات منطقية.
داعش يرتكب ابشع الجرائم ضد الصحافيين
وعن دور تنظيم داعش في التأثير على العمل الاعلامي أشار العجيلي إلى أنّه في خضم تلك الأحداث كان التنظيم يمارس أبشع الجرائم ضد صحافيين وإعلاميين في مناطق سيطرته، وشن حملات بحث عن الصحافيين المتوارين ونجح في اختطاف أكثر من 27 منهم في مدينتي تكريت والموصل حيث وثق مرصد الحريات الصحافية من داخل المحافظتين قيام التنظيم بتعميم بيانات مختومة بختم "الدولة الإسلامية" مفادها إصدار أوامر إلى جميع عناصره بتصفية الإعلاميين المتواجدين في المحافظتين ومصادرة جميع ممتلكاتهم بتهمة "قيامهم بتضليل صورة الدولة الإسلامية لصالح الحكومة العراقية".
كما نفذ التنظيم المتطرف 3 عمليات إعدام بحق صحافيين عراقيين، ففي 6 ايلول (سبتمبر) عام 2014، أعدم التنظيم الصحافي رعد محمد العزاوي، الذي يعمل مصوراً في قناة "سما صلاح الدين"، بعد أسابيع من اختطافه من قرية (سمرة) شرقي مدينة تكريت، وفي 19- شباط (فبراير) عام 2014 أعدم التنظيم المتطرف مراسل قناة "سما الموصل" قيس طلال رمياً بالرصاص وسط المدينة، وفي 28 نيسان (ابريل) اعدم التنظيم الصحافي ثائر العلي، بعد اختطافه من مقهى في منطقة الدواسة، وسط المدينة، عندما "كان يجري اتصالات هاتفية مع وسائل إعلام محلية وتزويدها بالأخبار". وفي حزيران 2014 قام التنظيم المتطرف في الموصل بشن حملة اعتقالات بعد أعداد "داعش" قائمة مطلوبين" تتضمن أسماء 50 صحفيا ومساعدا إعلاميا.
واوضح العجيلي ان صحافيين محليين ابلغوا مرصد الحريات الصحافية، ان تنظيم "داعش" قام باعتقال أكثر من 14 صحفيا ومساعدا إعلاميا، بعد ان تمت مهاجمة منازلهم في مناطق متفرقة من مدينة الموصل، ولم تقتصر الاعتقالات على مراسلي ومصوري القنوات الفضائية، بل شملت فنيين عاملين في مجالات الهندسة الضوئية والمونتاج وإدارة المؤسسات الإعلامية.
وقال انه بحسب إحصاءات المرصد فإن تنظيم "داعش" مازال يحتجز ثمانية كتاب وصحافيين ومصورين في محافظة نينوى القسم الأكبر منهم اختطف في العاشر منذ حزيران من عام 2014، منهم الكاتب والصحفي فاضل الحديدي والإعلامي مهند العكيدي، والمصور الصحافي علي النوفلي، ومقدمة البرامج في قناة "الموصلية" الفضائية ميسلون الجوادي والكاتب الصحافي جمال المصري. بينما قام التنظيم في نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) عام 2014 باختطاف ثلاثة آخرين هم مراسل وكالة "عين الاخبارية" محمد ابراهيم وشقيقة مصعب ابراهيم الذي يعمل بصفة مصور فوتوغرافي في ذات الوكالة ومراسل قناة "الموصلية الفضائية" عبد العزيز محمود.
صحافيون قتلوا خلال المعارك بين القوات الامنية وداعش
وشدد العجيلي على ان المخاطر لم تنته عند المناطق التي هرب منها الصحافيون بعد سيطرة تنظيم داعش عليها، إنما أدت معارك التحرير، التي تخوضها القوات العراقية بكل تشكيلاتها وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ضد التنظيم المتطرف، إلى مقتل وإصابة 34 مراسلا ومصورا صحافيا في ساحات المعارك.
ففي تشرين الأول ( اكتوبر) من العام 2014 قتل المصور الصحافي عماد عامر لطوفي في تفجير عبوة ناسفة كانت تستهدف موكب قائد شرطة الأنبار أحمد صداك حين كان يرافقه ويقوم بتغطية مواجهات مسلحة عنيفة مع تنظيم داعش. وتبث قناة الأنبار وعدد من القنوات الأخرى الأفلام التي يصورها لطوفي، كونه المصور الحربي الوحيد الذي يصل إلى مناطق النزاع.
وفي 23 كانون الثاني (يناير) من هذا العام قتل مراسل قناة "الغدير" الفضائية علي الأنصاري، خلال اشتباكات مسلحة وقعت بين قوات الأمن العراقية وعناصر من "داعش" في محافظة ديإلى أثناء تغطيته لعملية عسكرية انطلقت لتحرير مناطق في قضاء المقدادية، حيث سقطت قذيفة هاون وسط تجمع للقوات ومراسلي ومصوري القنوات الفضائية في ناحية منصورية الجبل شمال المقدادية، ما أدى إلى مقتله.
وفي 9 أب (اغسطس) الماضي قتلت الصحافية الكردية دنيز فرات، إثر إصابتها بشظايا قذائف هاون اصابت قلبها في مخيم بالقرب من مدينة مخمور، اثناء تغطيتها لمعارك بين قوات البيشمركة الكردية والتنظيمات المتطرفة، وتعمل دنيز لوكالة انباء "فرات" ووسائل إعلام أخرى. وفي 13 ايار (مايو) 2014 قتل مراسل قناة "التغيير" في الأنبار همام محمد، إثر سقوط قذيفة بقربه، اثناء تصويره لمعارك بين قوات الجيش العراقي وتنظيم داعش .. كما اطلق مسلحون في 14 حزيران الماضي الرصاص من أسلحة رشاشة تجاه فريق عمل قناة العهد الفضائية في محافظة ديإلى، أثناء تغطيتهم لعمليات عسكرية لتحرير منطقة العظيم، ما أدى إلى مقتل المصور الصحافي خالد علي حمادة.
وفي 20 كانون الاول ( ديسمبر) الماضي قتل الصحافي نوزاد محمد في محافظة السليمانية في ناحية خورمال، ويعمل محمد في عدد من وسائل الإعلام الكردية وينشر تقارير عن قضايا الفساد الإداري والمالي. وفي 15 شباط (فبراير) من عام 2015 اعدم تنظيم داعش الإعلامي في صحيفة "الموصل اليوم"، أحمد حسكو رميا بالرصاص في الجانب الأيمن من مدينة الموصل، بعد فتوى صادرة عن المحكمة الشرعيّة للتنظيم الذي اتهمه بـ"التخابر والتواصل مع وسائل إعلام حكومية".
وأضاف انه على مدى الفترة الممتدة من 3 ايار 2014 إلى 3 ايار 2015 فقد لاحظ مرصد الحريات الصحافية ان اغلب المراسلين الحربيين لا يلتزمون بشروط السلامة المهنية أثناء التواجد في مناطق النزاع، ولم يرتدوا الستر الواقية من الرصاص وخوذ حماية الرأس، اثناء قيامهم بعملهم الميداني، ما تسبب بإصابة البعض منهم اثناء المعارك التي تقودها القوات العراقية ضد تنظيم داعش. ولذلك فقد تعرض مراسل قناة "الحرة" ميثم الشيباني ومصوره ميثم الخفاجي لإصابات جسدية أثناء تغطيتهم للمعارك الشرسة التي كانت تقودها القوات الأمنية في ناحية جرف الصخر شمالي بابل، فيما اصيب حيدر نصيف مراسل قناة "افاق" ومصوره احمد خضير، إضافة إلى إصابة مصور قناة "الفرات" علي رشيد.
كما تعرض مراسل قناة "العراقية" حيدر شكور لإصابات بالغة خلال هذا الشهر عندما كان يرافق القوات الامنية وقوات الجيش العراقي في عملية تحرير قضاء بيجي، حيث اصيب اصابات بالغة في منطقة الظهر نتيجة تفجير استهدفه ومجموعة جنود من القوات الخاصة في وقت كان لا يرتدي السترة الواقية من الرصاص وخوذة الرأس. وفي 23 كانون الثاني (يناير) 2015 اصيب مراسل قناة العراقية مصطفى حميد والمصور قصي صاحب، بجروح جراء سقوط قذيفة هاون قربهما أثناء تواجدهما مع القوات الأمنية في ناحية منصورية الجبل شمال قضاء المقدادية في محافظة ديإلى" .. كما اصيب المراسل ليث أحمد بجروح جراء سقوط صاروخ من نوع (كاتيوشا) قربه، اثناء تغطيته للعمليات العسكرية التي تنفذها القوات الأمنية في منطقة مكيشيفة شمال مدينة سامراء.
واوضح العجيلي ان قناصا تمكن من إصابة مراسل قناة "العراقية" علي جواد ومصوره علي مفتن في 26 كانون الأول (ديسمبر) الماضي أثناء مرافقتهما القوات الأمنية في محيط تكريت. وتعرض كذلك مراسل قناة الغدير احمد البديري لإصابة بشظايا في يده جراء سقوط صاروخ من نوع (كاتيوشا) قربه، اثناء تغطيته العمليات العسكرية في ناحية العلم .. فيما نجا من الموت بأعجوبة مصور قناة الاشراق احمد حاتم، الذي اصيب بجروح خطيرة، اثناء مرافقته للقوات الامنية العراقية، في عملية عسكرية في قضاء الاسحاقي.
وأشار إلى أنّه في ظل الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد، ونتيجة ازدياد الجهد الصحافي في التغطية الإعلامية للأحداث، يُتابع مرصد الحريات الصحفية بقلق عدم اهتمام عدد من الصحافيين بمستلزمات الوقاية الصحافية أثناء تغطية الأحداث في مناطق النزاع.
280 صحافيا عراقيا واجنبيا قتلوا في العراق منذ 2003
واوضح زياد العجيلي انه بحسب الإحصائيات التي أجراها مرصد الحريات الصحافية منذ عام 2003، فقد قتل في العراق 280 صحافيا عراقيا وأجنبيا من العاملين في المجال الإعلامي، بضمنهم 169 صحافياً و67 فنيا ومساعدا إعلاميا لقوا مصرعهم أثناء عملهم الصحافي.
وأشار إلى أنّ الغموض يلف العديد من الاعتداءات التي تعرض لها صحافيون وفنيون لم يأت استهدافهم بسبب العمل الصحفي. كما تعرض 74 صحفياً ومساعداً إعلامياً إلى الاختطاف، قتل اغلبهم ومازال مصير 14 منهم مجهولا. ولم يكشف القضاء ولا الجهات المعنية عن مرتكبي الجرائم التي يتجاوز تصنيفها بكثير أي بلد آخر في العالما ما يزال العراق على مدار العقد الماضي يتصدر مؤشرات الإفلات من العقاب.
واكد رئيس مرصد الحريات الصحافي زياد الغجيلي في الختام ان خطر داعش لم يكن هو المسيطر الوحيد على مشهد العنف ضد الصحافيين حيث تم توثيق العديد من الانتهاكات التي مارستها السلطات الامنية وحمايات المسؤولين في الدولة، اذ تعرض صحافيون ومصورون ميدانيون إلى اعتداءات ممنهجة من قبل القوات الأمنية والعسكرية التي تبسط قبضتها على المدن العراقية، وفي حالات عديدة كانت مقصودة وغير مبررة بالإضافة إلى التنكيل بصحافيين ومصورين عند احتجازهم او اعتقالهم تعمدت إلى جانب ذلك إتلاف معدات التسجيل والتصوير وصادرت قسما منها.
التعليقات