تبرز حروب الماضي دائمًا في الجدل السياسي الأميركي، وحرب العراق ليست استثناءً، بل تفرض نفسها بعد مرور 12 عامًا على الحرب ضمن مواضيع حملة الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2016.

إيلاف - متابعة: عاد موضوع حرب العراق 2003 إلى الواجهة منذ عشرة أيام في سياق مواقف جيب بوش، شقيق الرئيس السابق جورج دبليو بوش، الذي يستعد لخوض السباق الرئاسي. لكن تبين أنه لم يتحضر بشكل كافٍ للخوض في هذا الموضوع، ما أثار الذهول حتى في اوساط فريقه.

أخطأت!

وسئلت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون الثلاثاء مرة جديدة حول تلك الحرب التي طبعت رئاسة الجمهورية في سنوات الالفين، فقالت اثناء زيارة إلى ايوا: "قلت بوضوح انني أخطأت" في اشارة إلى تصويتها في 2002 عندما كانت سيناتورًا مع حصول الاجتياح.

وفي 2008 اثناء الانتخابات التمهيدية الديمقراطية بمواجهة باراك اوباما، الذي صوت من جهته ضد الاجتياح، وضعت كلينتون في موقف دفاعي مع رفضها باصرار الاقرار بأنها ارتكبت خطأ. لكنها عادت وصوبت موقفها حيث كتبت في مذكراتها التي نشرت في 2014: "لم اكن الوحيدة التي ارتكبت خطأ. لكني اخطأت وهذا واضح".

ويبدو طريق الانتخابات التمهيدية الديمقراطية هذه السنة اكثر هدوءًا بالنسبة إلى هيلاري. لكن المسألة قد تصبح هاجسًا بالنسبة إلى جيب بوش.

فالاخير الذي دعم قرار شقيقه في 2003 لقي صعوبة في الايام الاخيرة في تحديد موقفه من تلك الحرب. وبعد سلسلة من التصريحات التقريبية والتصحيحات انتهى به المطاف إلى القول: "نظرًا إلى ما نعلمه اليوم، لما كنت قررت غزو العراق".

قد يتعثر

هذه العبارة تدل، بمعزل عن تصريحات النوايا التي ادلى بها، كقوله: "افكاري كونتها من خلال تفكيري وتجاربي"، على أن ابن وشقيق الرئيسين السابقين قد يتعثر في تحديد موقفه قياسًا إلى الاسرة السياسية التي ينتمي اليها.

واعتبر جوليان زليزر، برفسور العلوم السياسية في جامعة برنستون: "انه ليس مرتاحًا ايضًا بأن ذلك هو ما يعتقده الجميع، وقد اظهر بعض الضعف".

وقبل ثمانية اشهر من بدء الانتخابات التمهيدية، التي تبدو محتدمة في المعسكر الجمهوري، بعض خصومه لم يفوتوا الفرصة. وقال سناتور كنتاكي راند بول: "اعتقد أنها مسألة هامة جدا، والامر سيان بالنسبة له، فحتى في تلك الحقبة اجتياح العراق كان خطأ".

والجدل حول صوابيه الغزو الاميركي في 2003 يمكن أن يبدو بعيدًا بعض الشيء عن الاحداث الساخنة اليوم، في وقت باتت فيه الاولوية في العراق تتمثل بوقف تقدم جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).

تفادي الأخطاء

لكن بعض الاصوات ترتفع للمطالبة بنقاش جوهري. وكتب الخبير الاقتصادي بول كروغمان في صحيفة نيويورك تايمز هذا الاسبوع ساخرًا: "بفضل جيب بوش ستكون لدينا ربما في نهاية الامر مناقشة صريحة حول اجتياح العراق كان الاولى أن نجريها قبل عقد من الزمن".

فمع رفضه فكرة أن قرار خوض تلك الحرب كان "خطأ عن حسن نية"، اعتبر، مشيرًا إلى بعض مستشاري جيب بوش الذين كانوا ايضًا مستشاري شقيقه جورج بوش، أن "حملة الاكاذيب" التي اجرتها الولايات المتحدة لغزو العراق حديثة العهد بشكل كافٍ ليكون "من المهم دومًا المطالبة بالمحاسبة".

وبعد اربع سنوات على رأس الدبلوماسية الاميركية، اكتسبت هيلاري كلينتون مصداقية على الساحة الدولية مقارنة بـ2008. لكن برأي زليزر، "الاهم بالنسبة إليها يتمثل في كيفية تموضعها ازاء سياسة اوباما".

والموقف يبدو حساسًا، فعندما وجهت انتقاداتها الاولى إلى الرئيس الديمقراطي في صيف 2014، باتهامه ضمنًا بأنه شديد التردد ويفتقر إلى "المبدأ الموجه"، لم يتأخر رد فريق اوباما. وشدد احد المقربين منه على القول إن عدم التسرع يمكن أن يسمح بتفادي اخطاء مثل اجتياح العراق الذي "كان قرارًا سيئًا بشكل مأساوي".
&