يرى الكاتب والصحافي روبرت فيسك أن الغرب أخطأ بالتخلّص من بن لادن، إذ كان يمكن أن يكون محاورًا بين الغرب وسفاحي داعش.

بيروت: في مقالة نشرها الكاتب روبرت فيسك في صحيفة "إندبندنت" البريطانية الإثنين، طرح تساؤلًا لا شك في أنه يثير القلق، وهو إذا كان الغرب أخطأ بقتله أسامة بن لادن، زعيم القاعدة والمطلوب رقم واحد في العالم. وسأل: هل بقي أحد للغرب إن أرادوا أن يوسطوه للتفاوض يومًا ما مع تنظيم (داعش)؟

قتلنا المحاور

لا يخرج فيسك بسؤاله هذا من فراغ، فهو يصنف أسامة بن لادن اليوم جهاديًا ناعمًا حين يقارنه بداعش قاطع الرؤوس. فيقول في مقالته: "عاد السفاحون بعلمهم الأسود إلى النشاط في الرمادي العراقية وتدمر السورية، وكذلك عاد بن لادن إلى الحياة مؤخرًا، وكان يحب زوجته، وأراد تسليم ابنه قيادة القاعدة، وكان يقرأ كتب نعوم تشومسكي"، غامزًا من قناة ما أفشي من وثائق عن زعيم القاعدة السابق ونشرتها الاستخبارات الأميركية في الأسبوع الماضي.

يضيف فيسك: "بكل تأكيد، كان هذا الرجل الذي بإمكاننا العمل معه، والمعتدل الذي نبحث عنه دائمًا عندما نفشل في تدمير عدونا، والطرف الوسط لبدء حوار مع داعش وقتلته الجامحين، وما فعله الغرب ببن لادن هو استنساخ لما فعله الفرنسيون إبان الحرب الجزائرية، إذ بعد أن قرر الجنرال شارل ديغول إسدال الستار على حرب الجزائر، بحث عن محاورين مناسبين يستطيعون الحوار مع حركة التحرير الوطني الجزائرية، فوجد أنه قتل كل المحاورين المحتملين، وهذا ما فعلناه تمامًا مع بن لادن".

شكوك

يثير فيسك في مقالته بالـ "إنديبندنت" شكوكًا حول خداع الناس في مسألة قتل بن لادن، فيقول إنه مندهش من طريقة الكشف عن كنز المعلومات حول أعمال وأفكار الرجل العجوز، الذي حصل عليه الأميركيون من "أبوت آباد"، المزرعة النائية التي كان بن لادن مختبئًا فيها حتى قتله الأميركيون. يتساءل: "لماذا يفشونها الآن، بعد فترة طويلة من نشر الحزمة الأولى من رسائل بن لادن إلى عماله في اليمن؟ لماذا تنشر الاستخبارات الأميركية الآن رسائل عثر عليها في مقر إقامة بن لادن؟ هل هذا رد على سيمور هيرش الذي قدم رواية أخرى مريبة لقتل بن لادن؟ لماذا أشرطة بن لادن الجديدة صامتة؟ لماذا حجبت الاستخبارات الأميركية بعض الوثائق؟".

يقول فيسك: "لا نعرف مَن ترجم هذه الوثائق، ولا نعرف أي مقص رقيب مرّ عليها، ولا نعرف لماذا تخرج علينا هذه المواد بشكل دفعات، وفي أوقات متقطعة".

لمَ السرية؟

بالرغم من ذلك، لا يشكك فيسك في صحة بعض الوثائق المنشورة، كرسالة بن لادن إلى زوجته خيرية، وهي والدة ابنه حمزة الذي كان يحضره لقيادة القاعدة، "وفيها نص يحرك المشاعر حول رغبة بن لادن في رؤية زوجته في الحياة الأخرى، وكم يريدها أن تكون زوجته هناك أيضًا، حتى لو تزوجت في العالم الحقيقي بعد موته".

ويضيف فيسك: "هناك المزيد من الوثائق التي تم الحصول عليها من أبوت آباد، ولا تزال تنتظر الاذن لنزع السرية عنها، فلماذا يجب أن تكون سرية؟ من الممكن نزع السرية عن وثائق الحكومة لكي يقرأها العالم، لكن نزع السرية عن أسرار بن لادن كي يقرأها العالم؟". إنه الاستهجان الذي يختم به فيسك مقالته، مصرًا على التشكيك بالروايات المتناقلة حتى الآن عن بن لادن ومقتله.